شغل موضوعا عمل المرأة والبطالة حيزاً كبيراً من مناقشات المشاركين في جلسات الحوار الوطني الفكري السابع الذي بدأ أمس في مدينة بريدة بعنوان:"مجالات العمل والتوظيف... حوار بين المجتمع ومؤسسات العمل". وشهدت الجلسات الأولى والثانية من الحوار الذي ينظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني اختلافاً بين المشاركين حول نسبة البطالة الحقيقية في المجتمع وأسبابها، والضوابط الشرعية لعمل المرأة. وأكد الشيخ عبدالمحسن العبيكان ل"الحياة"عقب انتهاء الجلسة الثانية التي ناقشت عمل المرأة"عدم وجود نص شرعي يحرّم الاختلاط في أماكن العمل" وأضاف أن وجود الموظفة بالحجاب الشرعي في مواقع العمل مع عدد من الموظفين لا يعتبر خلوة ولا يحرم إلا في حال الافتتان، لافتاً إلى أن"الاختلاط موجود في الطواف والسعي وفي الأسواق وليس كل اختلاط محرم بل الذي فيه فتنة". وتضامن الشيخ العبيكان مع الأصوات النسائية المطالبة بشغل المرأة وظائف قانونية كالمحاماة. وقال:"من الضروري أن يكون لدينا موظفات في المحاكم وكتابات العدل، لتسهيل إجراءات النساء، وإيجاد وظائف نسائية". من جانبه، طالب المشارك عبدالله فراج الشريف بضرورة"فتح مجالات مختلفة أمام عمل المرأة، وعدم تعطيل توظيف المرأة في القطاعين العام والخاص، بدواعي حراسة الفضيلة"، لافتاً إلى أن الآلاف من الخريجات يقبعن في المنازل بعد أن درسن أعواماً طويلة. وتساءلت سهير فرحات:"جميع من يطالب بعمل المرأة يضع لها ضوابط شرعية، لماذا لا يناقش المشاركون وضع ضوابط أيضاًَ للرجل تجاه المرأة العاملة". واتفق مدير جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله العثمان ورجل الأعمال إبراهيم الأفندي على ضرورة إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي والتوجه نحو الاقتصاد المعرفي، وعدم الاعتماد على الاقتصاد التقليدي. وقال العثمان:"لا توجد استراتيجية واضحة كي نعيد هيكلة البرامج التعليمية في الجامعات وفق حاجة سوق العمل، وجميع الشركات العاملة في البلاد، لم تزودنا بما تحتاج وأي التخصصات، خصوصاً شركات البتروكيماويات". وأشار الدكتور عبدالله العثمان إلى ضرورة أن نفكر تفكيراً عملياً في مشكلة البطالة، وأن يكون الحل من خلال الإرادة السياسية للدولة، ومن خلال الاستثمار في البشر من تعليم وتدريب مميز. وطالب بتغيير بنية الاقتصاد السعودي الذي يعتمد على مصدر دخل وحيد هو النفط، بحيث تتعدد مصادر الدخل، والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة التي كانت تندرج منذ 30 عاماً ضمن دول العالم الثالث، وخلق فرص وظيفية من خلال تنوع مصادر الاقتصاد السعودي. وانتقد إمام مسجد قباء خالد المغامسي المطالبين بتأهيل الشباب والفتيات للعمل في مجالات الكهرباء والسباكة، والحدادة، بعد أن وصفها ب"الدنيا". وقال:"من العيب أن تطالبوا الشباب بالعمل في المهن الدنيا بينما الوافدون يشغلون وظائف ومناصب عليا ويتقاضون رواتب ضخمة... فلنبدأ بالمهن العليا ثم نتدرج"، لافتاً إلى أنه على استعداد للعمل في تلك المهن شرط أن يكون مردودها المادي مجزياً ولا يضطره إلى امتهان أكثر من عمل. وقبل انطلاق الجلسات كشف نائب وزير العمل الدكتور عبدالواحد الحميد عن وجود استراتيجية للموارد البشرية معروضة أمام المجلس الاقتصادي الأعلى شارك في إعدادها القطاع الحكومي والقطاع الخاص تتضمن خططاً للتوظيف. وشدد رئيس اللقاء الوطني للحوار الفكري الشيخ صالح الحصين على ضرورة نشر ثقافة العمل جنباً إلى جنب مع نشر ثقافة الحوار. ورأى أن نشر ثقافة الحوار هي نتاج عمل جماعي، لافتاً إلى أن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني يقوم بهذا الدور من خلال لقاءاته الدائمة، والتدريب على مهارات الحوار فضلاً عن عقد اتفاقات الشراكة مع المؤسسات الحكومية والأهلية. فيما أكد الأمين العام للغرفة التجارية في الرياض الدكتور فهد السلطان وجود خطأ في مفهوم العمل والتوظيف والسعودة. وعزا ذلك إلى"إغفال موضوع العمل الحر الذي يجب التأكيد عليه وعلى إيجاد أدوات تمويلية للمؤسسات الصغيرة". وكان مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور خالد السلطان أدار الجلسة الأولى للحوار وتساءل فيها عن التعريف العالمي للبطالة والتعريف المطبق في السعودية والجهة المخولة بموضوع البطالة، وأسبابها وآثارها النفسية والاجتماعية سواء في مستوى الفرد والأسرة أم المجتمع. وقال:"هل لدى طالب العمل أي قصور في المهارات أو القيم وما دور مؤسسات التعليم والتأهيل والتدريب، وهل لدينا مشكلة في مخرجات التعليم العام، ثم ما علاقة البطالة بالنمو الاقتصادي، وهل تتم إقامة مشاريع جديدة برأس المال المستثمر، وكيف يمكن التصدي لموضوع البطالة؟". ورأى الشيخ عبدالمحسن العبيكان أن"العودة إلى الزراعة وتربية الماشية، خصوصاً في الزراعات التي تتميز بها السعودية مثل زراعة النخيل، وأشجار الفواكه وزراعة الخضراوات، مهمة في حاضرنا ومستقبلنا، ولو دعم هذا الجانب سيمثل ذلك أمراً مهماً في التخلص من البطالة". ورأت المشاركة نادية الدوسري أن"البطالة الاختيارية"هي الأكثر في السعودية. وأضافت:"نحن في القطاع الخاص نجد أن مخرجات التعليم غير متوائمة مع ما نطلبه من وظائف". وطالبت شيخة الثقفي بمناقشة المفاهيم الاجتماعية عن العمل، مشيرة إلى أن ماليزيا وإندونيسيا قطعتا شوطاً كبيراً في التنمية، كما اقترح حامد الشراري إيجاد مشروع ضخم على غرار مشروع"آفاق"الجامعي، تشترك فيه مختلف القطاعات الحكومية والخاصة والشباب ويقدم حلولاً واقعية لمشكلة البطالة. ودعا الشيخ صالح المغامسي إلى ضرورة التعاون بين الإرادة السياسية الممثلة في الدولة والقطاع الخاص، لتوظيف المواطنين:"توظيف أي مواطن هو إكرام له، خصوصاً أن وجود الطبقة الوسطى في المجتمع هي من أعظم أسس بقاء الدول". واقترح سلمان الجشي إنشاء مركز للمعلومات يبنى على معلومات صحيحة حول مشكلة البطالة، أما الدكتور عبدالله بخاري فحث على ضرورة الاهتمام بالتدريب، وتأهيل الشباب، ونشر ثقافة العمل، والاعتماد على النفس، وتجنب العجرفة، والتدريب على الحرف المفيدة ومنح حوافز ومكافآت للمتدربين. وتواصلت المداخلات من المشاركين والمشاركات السبعين الذين يشاركون في جلسات الحوار، وركزت على ضرورة العناية بالتدريب والتأهيل، وتفعيل دور الشركات الخاصة، والتعليم، وزيادة نسبة السعودة بشكل متدرج، ووضع حوافز للشباب السعودي، والتوسع في مراكز التدريب المهني، وجمع الأفكار في برنامج له سياسات واضحة تسير على برنامج زمني محدد، والاهتمام بالتنشئة في البيت واحترام المهن، والتوعية الشاملة بأهمية ممارسة الانضباط واحترام العمل.