دعا اختصاصي نفسي المؤسسات التعليمية إلى تصميم برامج إرشادية لتعريف الآباء بالطرق المثلى لممارسة سلطتهم الأبوية من دون الاعتماد على العقاب الجسمي والنفسي في التعامل مع ما قد يرتكبه الأبناء من أخطاء وتوجيههم نحو أساليب المعاملة السوية. ووجد الاختصاصي النفسي مسفر يحيى القحطاني من مستشفى الصحة النفسية في الطائف في دراسة أجراها لنيل درجة الماجستير أخيراً بعنوان"خبرات الإساءة في مرحلة الطفولة وعلاقاته ببعض الاضطرابات النفسية... وتحديداً اضطراب القلق والاكتئاب والرهاب"، أنه كلما ازداد تعرض الطفل للإساءة النفسية والجسدية من الوالدين كلما ازداد معه اضطرابا القلق والاكتئاب. وأجرى القحطاني الدراسة على عينة من 200 طالب تتراوح أعمارهم بين 15 و18 عاماً من طلاب الصف الثالث المتوسط من مدارس حكومية اختيرت عشوائياً في مدينة جدة، وتوصل إلى أن الآباء أكثر إساءة للطفل من الأمهات، وأن العدد الأكبر من الطلاب يتعرضون لإساءات كبيرة. ورأى ضرورة تبصير الوالدين بأن إصرارهما على الاستمرار في استخدام أسلوب الإساءة الجسمية والنفسية يعجل بظهور بعض الأعراض المميزة لبعض الاضطرابات النفسية خصوصاً اضطراب القلق والاكتئاب والرهاب. ودعا وسائل الإعلام المختلفة إلى القيام بدورها الفعال في توعية أفراد المجتمع بالتنشئة الأسرية السليمة بعقد ندوات واستضافة أصحاب الاختصاص في مجال شؤون الأسرة وخبراء علم نفس الطفولة والصحة النفسية وعلم الاجتماع الأسري، وتفعيل دور المرشد الطلابي في المدارس في الكشف عن الطلاب الذين يتعرضون للإساءة ثم درس حالاتهم لمعرفة الأسباب ووضع الخطط العلاجية الكفيلة بمنع تكرار الإساءة. وطالب بتعاون المؤسسات الصحية المتمثلة في العيادات النفسية وأقسام الطوارئ واستقبال الحوادث، وكذلك مراكز الشرطة وأفراد المجتمع مع إدارات الحماية الاجتماعية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية المستحدثة حالياً في التبليغ عن الحالات التي تتعرض لسوء المعاملة بطريقة سرية يراعى فيها الاعتبارات الاجتماعية والثقافية وتضمن الحماية الأمنية للمبلغ والمُبلغ عنه لدرسها وعلاجها. وشدد القحطاني على أهمية التركيز على الإحصاءات المتعلقة بإساءة معاملة الأطفال التي تصدر عن إدارات الحماية الاجتماعية والمؤسسات الصحية والمراكز الأمنية، لمعرفة حجم الظاهرة من الباحثين المتخصصين والمعنيين وبالتالي وضع الخطط الكفيلة بعلاجها. وأشار إلى أهمية الاهتمام بتصميم البرامج العلاجية والإرشادية لمساعدة الأفراد الذين تعرضوا لخبرات إساءة في مرحلة الطفولة على استعادة الأمن النفسي لهم، وتحسين علاقاتهم بأسرهم لتحقيق قدر من التقبل والألفة، وكي ينعموا بصحة نفسية ايجابية. وذكر أن لأئمة المساجد دوراً كبيراً في حث الآباء على حسن معاملة الأطفال والرفق بهم، وتحذيرهم من اللجوء إلى الغلظة والمبالغة في العقاب، وتبيان ما جاء في الشريعة الإسلامية من توجيهات وتعليمات تدعو إلى الألفة وحسن المعاملة ونبذ العنف وتبشير أصحاب القلوب الرحيمة بالأجر العظيم. ولفت إلى أن مشكلة إساءة معاملة الأطفال مشكلة عالمية، لا تخلو منها معظم المجتمعات الإنسانية وعلى مختلف العصور والأزمان، ومنها المجتمع السعودي، مشيراً إلى أنه على رغم التأخر النسبي الذي حصل في ما يخص التنبيه على ظاهرة إساءة معاملة الأطفال.