نصف سكان المعمورة هم أمل الغد وقادته. إذ هم الأطفال اليافعون، لكن 20 في المئة من أولئك يعانون مرضاً عقلياً معوقاً، ويحتل الانتحار المرتبة الثالثة بين أسباب وفيات اليافعين. بتلك الأرقام التي تثير الخوف، بدأ المكتب الاقليمي لشرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية إمرو في القاهرة أمس احتفاله باليوم العالمي للصحة النفسية. وتحت عنوان "الاضطرابات العاطفية والشعورية لدى الأطفال واليافعين"، ناقشت مجموعة من الخبراء واختصاصيي الطب النفسي المشكلات النفسية والعقلية لتلك الفئة العمرية البالغة الأهمية والخطورة في آن. ولفت مدير قسم حماية الصحة في "إمرو" الدكتور أحمد محيط إلى أن في دول اقليم شرق المتوسط حيث تقل سن ثلث السكان عن 15 عاماً، تكاتفت أسباب العنف والحروب والصدامات لتصبح من المهددات الرئيسة لصحة الأطفال واليافعين النفسية. وقال خبراء في منظمة الصحة العالمية إن صحة الأطفال النفسية في فلسطين والعراق والصومال والسودان أضحت مثيرة لقلق بالغ. رئيس جمعية الصحة النفسية العالمية الدكتور أحمد عكاشة أشار من جهته إلى لقاءات دورية بدأت تنظمها الجمعية مع أطباء نفسيين فلسطينيين وإسرائيليين لبحث الآثار النفسية السلبية الناجمة عن تأزم الأوضاع على الأطفال واليافعين من الجانبين ومعالجتها. وعلى مستوى الإقليم، فاجأ عكاشة الحضور بحقيقة أخرى مفزعة وهي "أنه لا وجود للعائلة عام 2003 وأن التلفزة حلت محل الأبوة والأمومة". وهذا ليس غريباً، إذ كشفت دراسة أجريت في الإمارات العربية المتحدة هذا العام أن الاكتئاب والتوتر واضطرابات التصرفات والرهاب المرضي هي أكثر الأمراض التي يعانيها أطفال الاقليم، وفي الأراضي الفلسطينية وجدت دراسة أن غالبية الأطفال واليافعين بين 9 و18 عاماً تعرضت الى متوسط أربع صدمات نفسية. وفي هذا الصدد سأل المدير الاقليمي ل "إمرو" الدكتور حسين الجزائري عن الآثار النفسية لتقييد أيدي الأطفال خلف ظهورهم وعصب عيونهم حتى الساعة الثالثة صباحاً. ولمح عكاشة إلى أن في ظل عدم تمتع اليافعين بحق الانتخاب يفقدون اهتمام صانعي القرار وبالتالي الاهتمام اللازم بصحتهم النفسية. وحذرت منظمة الصحة العالمية من جهتها من خفض هذا الاهتمام او انعدامه ما قد يؤدي إلى اضطرابات عقلية على المدى الطويل ويقلص قدرة المجتمعات على أن تكون آمنة ومنتجة.