أكد الشاعر الكويتي سعد علوش أن القبلية شوهت الوجه الحسن للشعر، متهماً برامج المسابقات الشعرية بإثارة الفتن والنعرات، من خلال تقسيم متسابقيها على أساس مناطقي وإقليمي. وشدد في حواره مع"الحياة"على أن برنامج"شاعر المليون"معول هدم لا بناء، نافياً أن يكون بينه وبين القائمين على البرنامج أي مواقف سلبية سابقة نتج منها رأيه هذا. واعتبر أن الجمهور الآن جمهور شعراء وليس جمهور شعر، وقال:"هذه بحد ذاتها مشكلة عظيمة فنرى الجمهور يتعصب لابن قبيلته وللشاعر الذي يضحكه ويضحك عليه، ولا يتعصب للشاعر صاحب القصيدة الجميلة". في ظل ارتباط الشعر بالقبلية كيف ترى مصيره؟ - الشعر يدخل ضمن الأدب ذي الوجه الجميل، والقبلية شوهت الوجه الحسن للشعر، من خلال بعض القصائد، وسبب ذلك في المقام الأول هو البرامج الربحية التي اعتمدت على إثارة الفتن والنعرات القبلية، من خلال تقسيم متسابقيها على هذا الأساس، ولكن يبقى الشعر الجميل جميلاً بغض النظر عن هذه النظرة المناطقية والإقليمية القاصرة. تكونت هذه الظاهرة من خلال برامج المسابقات الشعرية فكيف ترى هذه المسابقات؟ - المسابقات أضرت بالشعر كثيراً، ولم تخدمه أو ترتقي به حتى الآن، وأصبحت معول هدم لا بناء، ويكمن ذلك من خلال استغلال جيوب أبناء عمومة المتسابقين ومناشدتهم"الفزعة"، وعلى قول المثل"خذ من جيبه وأعطيه عيديته". في حواراتك تفتح النار دائماً على برنامج"شاعر المليون".. لماذا؟ هل هناك مواقف سلبية بينك وبين أحد القائمين على البرنامج؟ - لا... ليست بيني وبين القائمين على البرنامج أية علاقة لا من بعيد ولا من قريب، ولا اعرفهم سوى في التلفزيون.. لكن برنامج شاعر المليون دفع الشعراء الرائعين إلى الظهور أمام الناس من خلال زاوية شعرية ضيقة، وهو ما أثر فيهم سلباً. كتبت قصيدة انتقدت فيها سياسة البرنامج وانتقدت الشعراء المشاركين فيه من خلال استغلالهم للآخرين من أبناء العمومة في ما يسمى بعمليات التصويت... ألم تكن قاسياً في هذا الانتقاد، خصوصاً ان البرنامج قدم لنا شعراء جيدين في نسخته الأولى؟ - نعم كتبت هذه القصيدة كما ذكرت مسبقاً، وانتقدت فيها سياسة البرنامج الربحية، وانتقدت الشعراء المشاركين من خلال قيام القائمين على البرنامج بالإملاء على الشعراء ما يجب أن يقولوه وما لا يجب، ولابد من أن يعرف الجمهور الضرر الذي ألحقه برنامج شاعر المليون بالشعراء الكبار المشاركين، فقد وضعهم في زاوية ضيقة، وانا لا ألوم الشعراء الشباب على التوجه للبرنامج لاستغلال الفرصة، لكن الشعراء الكبار موضع لوم، وفعلاً هو قدم لنا أسماء جميلة، ولكن يبقى الهدف الربحي هو الطاغي، بيد أن معظم المشاركين في البرنامج أبدوا تضجرهم من الظلم الذي حصل لهم في هذه المسابقة. لكنك ستشارك في برنامج"شاعر الإسلام"الذي يعتبر نسخة مطورة ل "شاعر المليون"من حيث آلية التصويت؟ - صدقني هذا البرنامج سيخدم الأدب وسيظهر الوجه الحسن للشعر... ويكفي أن ريعه سيذهب للمشاريع الخيرية... وأنا واثق بأن البرنامج سيخدم الشعر والأدب بشكل عام. كيف تصف علاقتك بمجلة المختلف بعد ثماني سنوات من رعايتها لك إعلامياً؟ وهل أنت خاضع لتوجيهاتها؟ - هي مجلة نشرت قصائدي الأولى على صفحاتها... وهي لم تقصر، وأخذت بيدي في بدايتي، وأنا الآن أرد الدين لها... وما بيننا هو ألفة فقط لكنها ليست الراعي الإعلامي لي، وليست بيني وبينها عقود رسمية ملزمة وهي لا توجهني... ثم أنها ليست في مقام والدي أو أمي لأكون مجبراً على الطاعة. أين الوفاء في ما تقوله الآن؟! - إذا رجعنا للوفاء معها فأعتقد أنني لم أقصر إطلاقاً في رد الجميل.. حتى لو توقفتُ عن النشر فيها الآن لا أعتبر عاقاً... أعطيتهم ديوانين صوتيين في مقابل سعر رمزي، وهم يستحقون أكثر من ذلك، وانا في عالم الأدب لا انظر للأمور المادية، فيكفيني مغامرتهم بي في بداياتي، كما قلت، وتذليلهم العقبات التي واجهتني في طريقي. القنوات الفضائية الشعرية تخطت سقف الرقم 32.. هل ترى أن هذا الأمر صحي شعرياً؟ - هذا يشكل اكبر ضرر على الشعر في ظل إعطاء مساحة كبيرة ل "المهبّل"... بينما لم تعط مساحة ل "المفكرين"... لأن القنوات تبث لمدة 24 ساعة... وجلّ هذه القنوات لا تتعامل مع الشعراء المبدعين، لأنها تقوم على الربحية، وبالتالي لا تستطيع جلب الشعراء المبدعين من الأسماء المعروفة. - في قمة توهج الشعر الشعبي إعلامياً هل تعتقد أن جماهيريته ستتلاشى قريباً؟ - المشكلة التي تحصل في هذا الوقت أن الجمهور الآن جمهور شعراء وليس جمهور شعر، وقال:"هذه بحد ذاتها مشكلة عظيمة فنرى الجمهور يتعصب لابن قبيلته، وللشاعر الذي يضحكهم ويضحك عليهم، ولا يتعصبون للشاعر صاحب القصيدة الجميلة، سواء أكان الشاعر مقبولاً أم عدا ذلك بعيداً عن إقليمية الشاعر، فمن المفروض أن يكون الجمهور جمهور شعر، وليس جمهور شعراء. وانا واثق بأن هذه الموجة ستنتهي قريباً - موجة تعصب الجماهير المراهقة لهذه الفئة - ولن يبقى إلا الشعر الحقيقي، ولكن هذه الظاهرة ستنتهي لا محالة ويبقى صاحب المفردة الجميلة والفكرة العظيمة لا أصحاب التهريج المسرحي من الشعراء الذين يسيطرون على الجماهير بالحركة وليس بمستوى ما يقدمون من شعر. وللأسف إنهم يمثلون الأكثرية في هذا الوقت... ويتواجدون في كل مكان من المجلات والصحف والقنوات الشعرية وحتى الأمسيات. أنت من عشاق قصائد المتنبي هل اثر ذلك في قصائدك؟ - اثر عشقي لقصائد المتنبي علي من خلال عدم الرضاء بالبسيط ، ومن طبيعتي انني لا أرضى بالبسيط، وصدقني لا أكتب قصيدة وأقدمها إلا ان كنت أراها تنافس على لقب قصيدة الموسم. في ظل غياب الناقد الواعي من تقع على عاتقه مهمة تقويم قصائد الشعراء؟ - الحمد لله أنني أمتلك حساً نقدياً جيداً... وأنا من بيت شعر... لذا أحرص على عرض قصائدي على عائلتي ليشاركونني انتقاء الجيد منها. ذكرت في أكثر من موقع انك تأتي في الترتيب الأول شعرياً، ويأتي بقية الشعراء ثانياً... هل الشاعر هو من يحكم على قصائده ومستواه الشعري؟ - نعم أنا أحكم على نفسي. لكن هذه تعتبر نرجسية؟ - أجمل ما في الشاعر نرجسيته... وأنا نرجسي. هناك شعراء يعتبرون مدارس شعرية؟ - أنا أعتبر نفسي الشاعر الأول ضمن ترتيب شعراء جيلي، ولا أرى لي منافساً إطلاقاً، لكن من الصعب مقارنتي بشعراء سبقوني بالتجربة، وعلى فكرة شعراء الجيل السابق يتحدثون في قصائدهم عن القضايا من دون إعطاء تفاصيل أو حلول... بينما أنا أحب التفصيل ووضع الحلول الجيدة لهذه المشكلة بعد عرضها مفصلة. يقول البعض إن تعاملك في الأمسيات يكون سيئاً مع زملائك الشعراء... ماذا تقول؟ - هذا الكلام مردود عليه، فأنا أقبل على نفسي الجلوس مع شعراء ليسوا في مستواي شعرياً، وأكيل لهم المديح وأصفق لهم كذلك. بعد قصيدة"التوبة"صرحت بأنك لن تنشر أية قصيدة غزلية... لكنك في ما بعد قمت بنشر عدد من القصائد العاطفية... هل هذا اضطراب داخل الشاعر سعد علوش أم انه أسلوب أردت به الإثارة الإعلامية؟ - لم أعلن اعتزالي، ولكن"المختلف"هي من تعمد خلق إثارة في هذا الموضوع، ولم أصرح إطلاقاً بذلك. يمكن اعتباره صناعة صحافية فقط لا غير... وسأظل أكتب النص العاطفي حتى الرمق الأخير في حياتي وإن لم أنشره.