نظرة واحدة... أو كلمة بسيطة يكون تأثيرها أقوى من أعتى الأسلحة. هذه هي حال ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ إن أكثر ما يضايقهم نظرة بعضهم لهم على أنهم"مخلوقات دخيلة"على المجتمع، ولا يحق لها المطالبة بما هو متاح لغيرها. قصص كثيرة كانت لها تأثيراتها السلبية على أبطالها، وبعضها كانت لها أثار إيجابية، فقاهر الإعاقة أو هكذا يصفه من حوله، رفض الإقامة في سجن فرضته نظرات قاصرة من مجتمع قاسٍ ينظر له ولأمثاله بازدراء، يقود كرسيه المتحرك بعد إنزاله من سيارته التي يقودها عبدالعزيز القحطاني بنفسه، الذي رفض الاستسلام للإعاقة، يبدأ برنامجه اليومي مع ساعات الفجر الأولى متجهاً إلى مستشفى سعد الطبي في الخبر ليس لعلاج، وإنما لوظيفته التي يعمل فيها مراقباً على مجموعة من الموظفين على فترتين، ينهي الأولى ظهراً ويتجه إلى منزله في الدمام ليتناول طعام الغداء مع أسرته، ويعود إلى الخبر لإنهاء دوامه في فترته الثانية في الخامسة والنصف عصراً. لم يعد يشاهد القحطاني مشاهدة مباريات كرة القدم التي كان يحرص على حضورها، فشغب الجمهور وقذفهم للاعبين بقوارير المياه وعلب المشروبات الغازية كثيراً ما كانت تصيبه ورفاقه من المعوقين أثناء وجودهم في المضمار للتشجيع، ما جعله يقصد المقاهي مع أصدقائه لمشاهدة المباريات بعيداً عن قوارير الجماهير الغاضبة. ويتذكر القحطاني بعض المواقف السلبية، فبينما كان يمارس الرياضة في نادي النهضة في الخبر كان يتدرب على حمل الحديد، واستطاع أن يحقق الميدالية الذهبية في وزن 90 كيلوغراماً لكنه لم يحصل على مكافأته"وهو ما أوقف طموحي وتسبب في ابتعادي عن الوسط الرياضي نهائياً". أكثر ما يضايق القحطاني قلة وجود أماكن للانتظار لذوي الاحتياجات الخاصة أمام المجمعات التجارية المغلقة خلافاً لبعض الدوائر الحكومية التي تتوفر فيها المواقف. ويرى القحطاني أن المشكلة لا تكمن في الإعاقة الحركية والعضوية لدى المعوقين فحسب، وإنما لدى بعضهم من الأسوياء المعوقين فكرياً والذين يعاملون المعوق على انه"متسول". أما علي الصفار 12 سنة وتتمثل إعاقته في السمع والنطق، واكتشف والده هذا الأمر وهو في عمر السنتين وهو يعتمد الآن على السماعات. يقول علي: أكثر ما يحزنني هو عندما يوجه إلي أحد الكلام ولا أسمعه بالشكل الصحيح، كما أن مخارج الحروف لدي ليست سليمة فلا أرد الرد المناسب فيسخر مني زملائي في الفصل، ولكنني أجيبهم ان هذا من خلق الله عزوجل ومن يستطيع تغيير ذلك فليتقدم فيلتزمون بعدها الصمت. يعتبر علي كلامهم بمثابة الدافع فهو يحلم بمستقبل زاهر يصل فيه إلى مستوى دراسي وعملي مرموق على رغم من إعاقته، ويقول: كلمات السخرية التي اسمعها اعتبرها جرعة طاقة تدفعني للمثابرة. تؤكد والدته أن لديه من العزيمة والإصرار أكثر مما يمتلكه إخوته جميعاً فدائماً يفكر في مستقبله، كما أن نسبة الذكاء لديه تفوق إخوته الأصحاء وهو يريد معرفة كل شيء ويسأل عن كل شيء. كل ما تريده الأم هو أن تتم مراعاة لذوي الاحتياجات الخاصة في كل المرافق العامة والأماكن الخدمية، كي يستطيعوا مواصلة حياتهم بالاعتماد على أنفسهم بشكل طبيعي، وأن تكون لهم معاملة خاصة، وأن يقصي المجتمع نظرته الدونية لهم.