توقع عدد من المتابعين والمهتمين بالرواية السعودية فوز أحد كتابها أو كاتباتها بإحدى جوائز"بوكر العربية"، التي تقام بدعم من"مؤسسة الإمارات"، إلا أن إعلان النتائج جاء مخيباً للآمال، إذ خلت قائمة الفائزين بالجائزة من أي اسم سعودي، من الذين لمعت أسماؤهم في الآونة الأخيرة، وأثارت أعمالهم الروائية جدلاً واسعاً أطل خارج حدود المملكة، ليلفت أنظار مثقفي الوطن العربي بشكل عام، إلا أن أصداء الجائزة تركت ظلالها على المشهد الثقافي السعودي، لتمتد إلى مناقشة ما آلت إليه الرواية، وما يراه البعض من انحدار في المستوى، بينما يراه آخرون صعوداً استثنائياً لكتابة الرواية في المملكة. وذكر الناقد محمد العباس أنه لم يكن الوحيد الذي سجل عدم اطمئنانه إلى وهن المنجز الروائي المحلي، واصفاً الرواية السعودية بأنها"مجرد فقاعة إعلامية"، وأنها"ليست ظاهرة إبداعية جديرة بالجوائز أو حتى بالقراءة". وأضاف العباس:"كررنا مثل هذه المقاربات مراراً للفت الانتباه، لا للسخرية"، مبدياً اعتقاده بأن"لحظة الاستحقاق غالباً ما تكشف عن حقيقة أي ظاهرة". وقال العباس:"بمجرد أن أُعلن عن المسابقة تواصلت مع دور النشر لجس النبض حول الترشيحات، ولم أجد عند معظم الناشرين العرب أي دراية أو اهتمام بالجائزة، قدر اهتمامهم بجيوب القارئ المخدوع بالهوجة الإعلامية، وتضليل الروائي نفسه"، مؤكداً أن المسألة"ليست في خروج الرواية السعودية من القائمة النهائية للترشيحات"، معتبراً أنه أمر"متوقع ومفروغ منه"، لافتاً إلى أنها"تلامس واقع وحقيقة المنجز الروائي". داعياً إلى"تصعيد الفعل النقدي ضد الباهت منه، وتحريض القارئ على إبداء رأيه بمعزل عن سطوة الآلة الإعلامية، لكي لا نخسر الرواية كخطاب تغيير وحوار وانفتاح". لكنه دعا أيضاً إلى محاسبة دور النشر التي وصفها ب"المشبوهة"عندما روجت للأضاليل الروائية، محملاً إياها"مسؤولية نشر الرداءة الروائية"- منذ بداية التسعينات - واتهمها"بإجادة تسويغ البؤس الروائي تحت مسميات التجريب واكتشاف الكائن السعودي، من خلف ركام المحرمات". وقال:"لا عزاء للروائي السعودي الذي دخل الكذبة وصار يدافع عنها، ولا لمشهد ثقافي تحمس لخدعة ثقافية مكشوفة الخيوط". لكن الروائي أحمد الواصل يرى أن الأمر"لا يعد قصوراً في الرواية السعودية"، مشيراً إلى وجود عدد من الروايات المميزة التي تستحق الفوز، ونبه إلى أن الترشيح للجائزة"يخضع لمعايير معينة، من بينها ألا يكون مضى على إصدار الرواية ثلاث سنوات، إضافة إلى معيار المستوى والجودة، ومعيار آخر هو امتلاك الروائي لمشروع هادف يسعى إليه"، وأضاف الواصل أن"عدم وصول الرواية السعودية للجائزة يجب ألا يجعلنا نقع في إشكال المؤامرة ضد رواياتنا، لأن الروايات المميزة لم ترشح أصلاً من الناشرين"، معتبراً أن"المشكلة تكمن في الناشر، لا في الرواية السعودية". ويعلق الدكتور سعد البازعي قائلاً:"لا أعتقد أن الجائزة معيار غير قابل للنقاش، وإن كانت مؤشراً ما"، لافتاً إلى أنه"لا ينبغي إعطاؤها قيمة أكبر مما تحتمل"، واستدرك بأن الأعمال التي رشحت من الناشرين،"ربما لا تكون مميزة"، ويضيف البازعي:"يجب أن نثق بأذواقنا قبل كل شيء، وأن يكون لنا رأينا الخاص في ما يقدمه كتابنا"، مبيناً أن من اختار الروايات المرشحة"ناشرون ونقاد وأدباء لهم رؤيتهم مثلنا تماماً"، ويؤكد البازعي أن روايات نشرت أخيراً، وإن كانت قليلة،"إلا أنها مميزة وتستحق أن تكون الأفضل". فيما أعربت الناقدة شمس المؤيد عن عدم دهشتها من بقاء الرواية المحلية بعيدة عن التنافس على الترشيح للجوائز العالمية، مرجعة ذلك إلى أن"مفهوم العمل الروائي مازال قاصراً أو غير واضح لدى الكتاب"، وزادت:"روائيونا وروائياتنا يكتبون الرواية للتنفيس والتخفيف من توتر الذات، أو للتعبير عن التمرد على بعض القوانين الضاغطة"، منوهة بأنها في جميع الأحوال"تبقى محاولات بعيدة عن مواصفات الرواية التي تستحق أن توصف بالعالمية، أو بمعنى آخر الرواية التي تتمثل فيها مواصفات الرواية العالمية"، وعرّفت الرواية الجيدة بأنها"التي ترغم القارئ على نسيان واقعه لفترة من الوقت، والحياة داخل عوالم مصنوعة بحنكة ومهارة، إلى الحد الذي يقنع قارئها بصدقها وبواقعيتها، على رغم من أنها عوالم مختلقة من وحي خيال مبدع وخلاق". واستنكرت القاصة فوزية العيوني"استبعاد روايات سعودية من الترشيح للجائزة"، وأفادت:"علمت أن 8 روايات أُبعدت لأنها لا تلبي شروط الترشيح"، متسائلة: هل الروايات الثماني سعودية فقط، مشيرة إلى أنه إذا كان الإبعاد لمجرد الجنسية السعودية، فيكون في الأمر إجحاف كبير"وبخس لحق الروائي وعمله". يذكر أن الروايات الست الفائزة بجائزة" البوكر العربية"هي الآتية بحسب الترتيب الأبجدي لأسماء مؤلفيها:"مديح الكراهية"لخالد خليفة سورية و"مطر حزيران"لجبور الدويهي لبنان و"واحة الغروب"لبهاء طاهر مصر و"تغريدة البجعة"لمكاوي سعيد مصر و"أرض اليمبوس"لإلياس فركوح الأردن و"أنتعل الغبار وأمشي"لمي منسي لبنان.