أكد أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل أن المملكة تتطلع إلى توسيع علاقات التجارة والاستثمار والسياحة والثقافة مع كل دول العالم، وأن بلاده ستشهد في الأيام المقبلة مجالات أكثر اتساعاً للتعاون، داعياً رجال الأعمال إلى اغتنام الفرصة بتكوين شراكات، تفتح بها المملكة أبواباً جديدة لتعاون إقليمي وعالمي بناء. وقال في كلمة ألقاها في افتتاح منتدى جدة الاقتصادي في دورته التاسعة أمس السبت:"نحن ننشد المشاركة في صناعة الحضارة العالمية لنقوى جمعياً في وجه التحديات". ودعا المستثمرين في دول العالم إلى النظر لمدينة جدة بوجه الخصوص والسعودية بوجه العموم كمركز تجاري وحضاري. وشدد على سعي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز، إلى تحقيق نقلة نوعية تقفز بالمجتمع إلى العالم الأول دفعة واحدة، على مطية الارتقاء بالاقتصاد والصناعة فكانت مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، والارتقاء بالعلم والمعرفة، فقامت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية واحدةً من أحدث جامعات العالم. وأضاف:"أن القيادة توظف الوفرة المالية الآنية للغرض ذاته، بما يتيح فرصة استثمارية تاريخية لنا وللعالم من حولنا". وأكد الفيصل أن القيادة السعودية أولت جدة اهتماماً خاصاً منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن في النفقة والخدمات، ولا يزال أبناؤه من بعده يقودون حركة التطوير الدورية التي تشهدها، وستنال النصيب الأوفر للقيام بدورها في الارتقاء بسقف التعاون الإقليمي. وشدد أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل على أن مدينة جدة تحتل مكانة استثنائية، فهي بوابة الحرمين وفيها أكبر ميناء إسلامي على البحر الأحمر، مشيراً إلى أن"جدة لها ديناميكية، خصوصاً أنها استطاعت على مر العصور أن تستوعب الزحام المتزايد للعابرين بالملايين من الحجاج والمعتمرين والزوار والتجار، واستطاعت أن تنجح في التحدي الحضاري بامتصاص الثقافات المتنوعة والخلوص منها بنهج خاص وضعت عليه خاتمها". وأوضح أن جدة أصبحت سوقاً محلية ودولية على مدار العام، وأنها دخلت عصر العولمة، وأن أصول التجارة في مدينة جدة تطورت من مجرد بضائع تغدو وتروح إلى فكر يدير ويدور، وتحولت مفاهيمها الاقتصادية من صناعات تُحاك للاستهلاك إلى معرفة تُصاغ وتُفعّل. وأكد أن جدة تواكب العصر بمواصلة التجديد بكل جديد، وتطوعه بما يتناسب مع قيمنا وهويتنا، وبما يلائم بيئتنا، لافتاً إلى أن السعودية اليوم تعيش فرصة تاريخية، إذ تحدو مسيرتها قيادة دأبها المبادرات ونهجها الاستنارة. وقال إنه في هذه المرحلة الانتقالية المهمة لمدينة جدة في إطار النسق الوطني تجري بكل العزم والثقة إصلاحات هيكلية لتحسين اقتصادها وتنمية سوق عملها وتعظيم دور القطاع الأهلي فيها، وحققت هذه الإصلاحات نجاحاً ملحوظاً في المزيد من الانفتاح على العالم. وأضاف:"اننا في السعودية نتابع بالتقدير والاحترام ما حققته الأمم الأخرى من نجاحات في تفعيل اقتصادها وتنمية مجتمعها، بالقدر الذي نعتز بما حققه اقتصادنا من نجاح مماثل في تنمية مجتمعنا وتغرينا الطفرة الحالية والاستفادة من دروس الماضي بأن نرتقي بحجم التجارة والاستثمار بيننا وبين دول العالم إلى مستوى يليق بطموحنا كدولة تفخر بمواردها ومؤهلاتها". وتابع الأمير خالد الفيصل قائلاً:"إننا أمام فرصة حقيقية لبناء قاعدة اقتصادية نرتاد بها آفاقاً جديدة ونتابع توظيف النجاح في خدمة النجاح، حتى يصبح طموحنا بلا سقف ولا يعرف الحدود، وقد حان الوقت لنرى على الواقع استثمارات بمزايا تفضيلية". وبعث الفيصل رسالة أخوة وصداقة إلى شعوب العالم، وقال اسمحوا لي أن أبعث عبر منتداكم رسالة أخوة وصداقة إلى العالم بأسره، وانطلاقاً من روابط السعودية مع شعوب العالم بعلاقات وطيدة، تواصلت عبر قرون عدة وأسهمت في تاريخ الإنسانية تأثراً وتأثيراً. من جهته، أفاد وزير التجارة والصناعة هاشم بن عبدالله يماني بأن التخوف من فرض قيم الاقتصاديات المتقدمة على الاقتصاديات النامية أمر مبالغ فيه، على رغم أن الاختلافات التي تتميز بها اقتصاديات الدول تبدو ظاهرة سلبية وتتعصب بعض الشعوب حيالها، إلا أن هذه الاختلافات في الواقع تعكس تنوعاً يسهم في إثراء الحضارة الإنسانية، إذا ما تمت معالجتها في إطار إقامة علاقات تعاون وترابط بين مختلف الحضارات والثقافات، في ظل وجود قيم ومبادئ يتبناها الجميع وأرضية مشتركة يمكن أن تكون أساساً للتعاون الدولي، وهو ما تطبقه المملكة فعلاً. وأضاف يماني في كلمة له أمام المنتدى أن"المملكة حاضرة في الحياة الدولية في إطار إيمانها بأن العزلة لن تأتي بالتقدم، وأن ترسيخ التعاون الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والإنمائي مع العالم الخارجي يحقق الاستقرار والأمن المنشودين، ويمهد الطريق لتحقيق التقدم والرقي". وأشار إلى أن السعودية كانت من الدول المؤسسة للأمم المتحدة والكثير من الكيانات الدولية والعربية والإسلامية، كما أنها أقامت علاقات ديبلوماسية وثيقة مع معظم دول العالم أياً كانت أيدلوجيتها، وكانت من أهم المدافعين عن السلم والأمن الدوليين، والمساهمين في نشرها وهذه الرسالة هي نفسها التي تقوم المملكة بنشرها عن طريق التفاعل الايجابي تأثراً وتأثيراً في النظام الاقتصادي العالمي. وأوضح وزير التجارة والصناعة أن المملكة تبنّت مسار الإصلاح الداخلي كمتطلب مسبق لتعزيز جهود الاندماج، مثل الإصلاحات النظامية التي تشمل تحديث وتعديل الكثير من الأنظمة الأساسية والأنظمة الإدارية، وكان النصيب الأكبر منها ما يتعلق بالقضاء والتجارة والاستثمار. وأضاف أن من ضمن الإصلاحات أيضاً الإصلاحات التنظيمية، وهو ما يختص بإعادة هيكلة التنظيمات الإدارية، وذلك عن طريق إلغاء بعض الأجهزة الحكومية، ودمج البعض الآخر، إضافة إلى الإصلاحات الإجرائية، وذلك من خلال تسخير المملكة إمكاناتها المختلفة من خلال ثقلها السياسي للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. وتحدث رئيس مجلس إدارة شركة جبل عمر للتطوير عبدالرحمن فقيه، وقال إنه ربما يتساءل البعض عن العلاقة بين مكةالمكرمة، ومنتدى جدة الاقتصادي، الذي تعقد دورته هذا العام تحت شعار"إنماء الثروة عبر الشراكات والتحالفات". وعاد بالحديث ليكشف العلاقة، قائلاً:"منذ قرون ممتدة عبر التاريخ، وقبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، كانت مكة مركز الثقل للتبادل التجاري، من خلال رحلتي الشتاء والصيف، وهي تجارة قامت على مبدأ الشراكات والتحالفات، فكان كل تجارها يسهمون فيها كل بحسب نصيبه لينعموا جمعياً بعد ذلك بالارباح التي تعود عليهم من تشغيل أموالهم في جو من الأمان والاستقرار". وأضاف:"لا غرابة إذاً، أن يكون حاضر مكةالمكرمة التجاري الاقتصادي هذه الأيام امتداداً لذلك الماضي، إذ يوجد فيها اليوم نماذج فريدة من التحالفات والشراكات تتجسد في مشروع معماري استثماري، هو مشروع شركة جبل عمر للتطوير، إذ يوجد متحالفون بعقاراتهم البالغ عددها 1225 عقاراً بمساحات صغيرة عشوائية وخربة، ولا يوجد بها الخدمات اللازمة ليُنفذ مكانها 39 برجاً باستخدامات متنوعة كالفنادق والمباني السكنية تستوعب 34.5 ألف ساكن، إضافة إلى محال ومراكز تجارية". واستطرد:"يمتد هذا التحالف مع المصالح العامة في المنطقة، بتوفير البنية التحتية والخدمات، ليتسع المصلى المتصل بصرياً وسمعياً إلى 70 ألف مصل، في حين تتسع مواقف السيارات إلى 9500 سيارة ومحطة مركزية للنقل ونفق للسيارات، إضافة إلى نفق رئيسي للخدمات ومواقع خدمية للدوائر الحكومية". ويركز منتدى جدة الاقتصادي المنعقد تحت شعار"إنماء الثروات عبر الشراكات والتحالفات"، خلال جلساته التي تنطلق اليوم على 6 محاور رئيسة، تناقش من خلال 18 ورقة عمل، تتناول عدداً من المواضيع، منها"كيف تبني المجتمعات تحالفات مع العالم"، و"كيفية تفعيل القيادة"، و"تنمية موارد الثروة في الاقتصاد القائم على العلم والمعرفة". ويحظى المنتدى بمشاركة كبار الساسة، والاقتصاديين، والخبراء، وأصحاب القرار على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وفي مقدمهم الأمير تركي الفيصل، ورئيس وزراء فلسطين الدكتور سلام فياض، ورئيس بنك الفقراء البروفيسور محمد يونس، ورئيس مجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي السابق آلان غرينسبان.