لا شك في أن العلاقات الزوجية والأسرية ذات أهمية كبيرة ولم نعد نملك الرغبة في قراءة تفاصيل عنها لكنها - إجمالاً - تعد أساساً متيناً لبناء قاعدة جيل المستقبل، نرى بين وقت وآخر، ما يدور في الكواليس حول مستقبل بعض الأسر، والمشكلات التي باتت تتكاثر في محيطها وأصبحت تخيم بظلالها على الجيل القادم الذي يواجه الكثير من أجل إثبات الوجود، كيف تستقيم أسرة بين"أب يضرب بالأسرة عرض الحائط ولا يلقي لها بالاً، في غياب عن المنزل إلى أن تحين ساعة النوم فيؤدي الواجب المطلوب منه ثم يستعيد البرنامج ذاته من الغياب واللامبالاة، وأم على الجانب الآخر ترمي بمهام وأعباء الأسرة على الخادمة وتترك الوقت يمضي هكذا بلا اهتمام"؟ الشيء الوحيد الذي اتفقا عليه توزيع القبلات على أطفالهم، وتزويدهم بالجديد من الألعاب وكأن ما يحتاج إليه هؤلاء الصغار هو ملء الغرف بها، ونتجاهل أن قليلاً من الحنان والقرب اليومي كافيان لأن يملآ كل المساحات الشاسعة بيننا وبينهم، ولكن من يبلغ قومي فهم يجهلون؟ نتدحرج كل يوم ببعض"اللامبالاة"نحو هاوية المشكلات الأسرية مع أننا نعد بارعين في التجسس والتحري والاشتباه والعنف لكننا ضعفاء في كل الجوانب الأخرى. من المؤكد أن أهم مسببات أوجاعنا اقتحامنا لمشاريعنا الحياتية والمستقبلية من دون تخطيط مسبق، فالمهم لدينا أن نكون شيئاً في أعين الآخرين ونظل دائماً من هواة المغامرات العابرة التي لا يهم مقدار المحصلة النهائية المثمرة منها تحت تمكُّن الخلفية الخاطئة التي يدعم بها الأبناء بين حين وآخر في شتى المواضيع لتنحصر مشاريعنا المستقبلية في نطاقٍ ضَيّق ورؤية أضيق. مشكلات الطلاق والعنف الأسري، والتشتت، إهمالنا للمرأة في الكثير من حقوقها الحياتية، أحياناً القصور الحاصل من المرأة تجاه الرجل، وتزايد النزاعات بين طرفي الاسرة على أتفه الأسباب، لم ولن تنبعث - وهي تشكل وجعاً كبيراً - من"لا شيء"، إنما كانت وبنسبة كبيرة نتيجة حتمية لثقافة الجيل التي بنيت على هدف واحد للزواج ومن ثم تركنا عاملي الحظ والتوفيق يتجاذبان في تكوين الدور الكبير في تحديد مصير الكثير من الأمور المستقبلية، لا يمكن أن تكون العلاقات الإنسانية رخيصة وهينة إطلاقاً، لا سيما علاقة الزوجين التي تستمر عمراً طويلاً مولِّدة حباً واحتراماً ومودةً ورحمةً، لكننا مولعون بالتيارات العكسية التي تضعف من شأننا في الحياة، وتلغي تمسكنا بالقيم الإنسانية. نتعامل مع بعض أمورنا وكأنها"هوايات سرية"، لنا الأحقية في أن نتعامل معها كيفما نريد وكيفما نشاء، ليس عيباً"الخطأ"إطلاقاً، ولا الاعتراف به، بل إن من الشجاعة الصعود نحو التصحيح، لا عيب أن نقول إن هناك فراغاً عاطفياً في منهجية أسرنا امتد ليشمل سير حياتنا، ولا عيب أن نصارح أنفسنا بحقيقة أننا لا نملك خلفية كبيرة في الكثير من أمور حياتنا لغياب التوجيه وكثيراً"لضعفه"، وليس عاراً أن كانت لنا خلفيات خاطئة، وثقافات متأخرة لكن لا نصمم على جرّها معنا في طريق الحياة. نأخذ"القشور"من دراساتنا ومواضيعنا ونترك"اللب"الذي يشكّل مصدر الجودة، درسنا في مدارسنا عن النكاح وشروطه وأساسياته لكننا لم نعرف ماذا يفترض أن يكون قبل ذلك، وما الذي يجب أن يحدث بعد ذلك؟ حتى نضمن مجتمعاً واعياً ومدركاً، لا سيما ان المعرفة أساس النجاح، نُهْمِل جوانب لا يجب أن تُهْمَل، ونحدث أحياناً تناقضاً صارخاً ممزوجاً بالغرور ونخشى أن نصارح جيلنا ببعض أمورهم الحياتية والحقيقة تقول إنهم ربما يعرفون عنها أكثر مما نحن نعرف وليسوا بحاجة سوى إلى التوجيه في زمن لم يعد فيه شيء نستطيع أن نخفيه، يجب أن ننسى زمن"النط على رجل واحدة"والعيش بين الممكن والمستحيل، الواقع يقول أن نكون في دعوة مكشوفة مع الجيل والأبناء ولا نكتفي بالتفرج أو غض النظر إطلاقاً، السلم طويل والعثرات متوقعة، وكل هذا سيتقلص إن وُجِدت المكاشفة والمتابعة وتصحيح كل ما هو خطأ ويحمل تبعات على المدى البعيد. [email protected]