تستضيف العاصمة العمانيةمسقط اجتماعات المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته التاسعة والعشرين يومي 29 و 30 كانون الأول ديسمبر الجاري، لتتواصل مسيرة الخير والنماء والعطاء التي تشهدها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتحقق من خلالها الكثير من الانجازات التي تعود بالنفع والفائدة على مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وأثمرت مسيرة مجلس التعاون على مدى 28 عاماً العديد من الانجازات في المجالات كافة، وذلك بفضل من الله سبحانه وتعالى، ثم بفضل وإصرار وعزيمة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على المضي قدماً في دعم وتفعيل هذه المسيرة المباركة، إذ يحرص القادة من خلال لقاءاتهم، ومشاوراتهم المستمرة على إرساء وتثبيت قواعد كيان مجلس التعاون، وتقوية دعائمه لتحقيق طموحات وتطلعات مواطني دول الخليج، وتعميق مسيرة مجلس التعاون الخيرة داخل وجدان المواطن الخليجي، والعمل على زيادة التعاون والتنسيق في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والصحية والاجتماعية والتعليمية والبيئية والرياضية وغيرها. وأبرز التقرير السنوي للأمانة العامة لمجلس التعاون الذي تصدره سنوياً بالتزامن مع موعد القمة الخليجية أهم محطات العمل المشترك في المجال السياسي خلال عام 2008، وأهم ما تحقق في هذه المسيرة المباركة من إنجازات في هذا المجال. وأفاد التقرير بأن قطاع الشؤون السياسية في الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية يعنى بالعلاقات بين دول مجلس التعاون والدول والمجموعات الدولية الأخرى. ويهدف التنسيق بين دول مجلس التعاون في مجال السياسة الخارجية إلى صياغة مواقف مشتركة تجاه القضايا السياسية التي تهم دول المجلس، والتعامل مع العالم كتجمع، انطلاقاً من الأسس والثوابت التي ترتكز عليها السياسة الخارجية لدول مجلس التعاون، أهمها حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، ودعم القضايا العربية والإسلامية، وتطوير علاقات التعاون مع الدول العربية والإسلامية والدول الصديقة. ولخّص التقرير الركائز الأساسية التي ترتكز عليها دول المجلس، في تعاطيها مع الشأن العراقي، في الحرص على وحدة وسيادة العراق، ورفض أية توجهات لتقسيمه على أسس عرقية أو دين، وعدم التدخل في شؤون العراق، والعمل من أجل تحقيق مصالحة وطنية عراقية حقيقية، ليعود العراق عضواً فاعلاً وبناءً في محيطه العربي والإقليمي والدولي. ودعم كل ما يبذل من أجل العراق في إطار الجهود الدولية واجتماعات دول الجوار. وقيام بعض دول المجلس بتبادل السفراء مع العراق وإعادة فتح سفاراتها في العاصمة العراقيةبغداد. وعن الحوار مع الدول الصديقة والمجموعات الدولية والإقليمية، أكدت الأمانة العامة للمجلس في تقريرها أهمية الحوارات التي يجريها مجلس التعاون مع الدول والمجموعات الدولية والإقليمية، خصوصاً الحوار المشترك الذي يُجريه مجلس التعاون مع الاتحاد الأوروبي، والحوار الذي يتم على مستوى وزراء الخارجية مع الدول والمجموعات الدولية والإقليمية الصديقة، الذي يُعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك في أيلول سبتمبر من كل عام. والحوار الاستراتيجي مع تركيا، إذ وقع الجانبان مذكرة تفاهم على هامش الدورة 108 للمجلس الوزاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عقدت في جدة في مطلع سبتمبر 2008. كما أكدت أهمية هذه اللقاءات المشتركة، في تعميق علاقات دول مجلس التعاون بهذه الدول والتجمعات، وتأكيد حضورها في الساحة الدولية. إذ إن هذا الحوار المنتظم يُعمِّق التفهم الدولي للقضايا التي تهم دول المجلس، والتي يتم عادة مناقشتها في هيئة الأممالمتحدة ومؤسساتها المختلفة، إذ يتم اتخاذ وتبني أهم القرارات الدولية، التي تؤثر في مسيرة الشعوب والأمم. وقالت الأمانة العامة للمجلس:"إن دول مجلس التعاون، استطاعت خلال هذه الحوارات والمفاوضات التأكيد على أهمية احترام ثقافات وفلسفات الشعوب والأمم، واحترام معتقداتها الدينية، في إطار احترام تنوع القيم والمفاهيم الحضارية الإنسانية وتعدد الثقافات. وفي هذا الإطار تمكنت دول المجلس، خلال الاجتماعات التي عقدت مع دول المجموعات الدولية الصديقة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 63 خلال سبتمبر الماضي، من دعم ومساندة الدعوة التي وجهتها المملكة العربية السعودية، لعقد اجتماع رفيع المستوى لقادة وزعماء العالم، للحوار بين أتباع الديانات والثقافات والفلسفات الإنسانية، بهدف مواصلة الحوار الذي بدأ في مدريد في تموز يوليو 2008، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والعاهل الاسباني الملك خوان كارلوس. حيث استجابت الأممالمتحدة لعقد هذا الاجتماع يومي 12 و13 تشرين الثانينوفمبر 2008. وارتكزت سياسة دول مجلس التعاون في مواقفها تجاه القضايا الإقليمية والدولية على انتهاج مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، واعتماد مبدأ الحل السلمي لفض النزاعات، ما أكسب المجلس قدراً كبيراً من الاحترام والصدقية على المستوى الدولي كمنظمة فاعلة تنهج سياسة متوازنة تجاه مختلف القضايا حفاظاً على الأمن والسلم الإقليمي والدولي. وتمثلت أبرز الإنجازات السياسية على المستوى العربي في الاتفاق التاريخي بين الفرقاء اللبنانيين في الدوحة في 22 أيار مايو 2008. إذ استطاعت قطر، التي ترأست اللجنة الوزارية التي شكلها المجلس الوزاري للجامعة العربية في الدورة 129، والتي ضمت في عضويتها أيضاً، عُمان والإمارات العربية المتحدة والبحرين، تحقيق إنجاز تاريخي بالتوقيع على الاتفاق المذكور لحلحلة الأزمة اللبنانية، التي أدت إلى شلل في المؤسسات الدستورية، وكادت تفاعلاتها أن تصل إلى شفير حرب أهلية. وانطلاقاً من سياسة دول مجلس التعاون والمساهمة بفعالية في تحقيق الاستقرار والتفاهم حول الملفات الإقليمية والدولية استناداً إلى نهج الحوار بوصفه الأسلوب الأمثل لمعالجة الأزمات وتحقيق المصالح المشتركة، شارك أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس المجلس الأعلى لمجلس التعاون في قمة دمشق الرباعية، التي عقدت في 4 أيلول سبتمبر 2008، الأمر الذي جدد التأكيد على الدور الخليجي الإيجابي الفاعل في معالجة القضايا التي تشكل محور الاهتمام في المرحلة الراهنة ودور الديبلوماسية الخليجية لمعالجة قضايا الأمتين العربية والإسلامية والحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي. واستمرت دول مجلس التعاون في دعم حق الشعب الفلسطيني في المحافل الإقليمية والدولية لإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ورفضها واستنكارها للسياسات الإسرائيلية ومطالبتها إسرائيل بوقف الاستيطان. وانطلاقاً من دعمها للسلام في المنطقة كخيار استراتيجي عربي، فقد أيدت المبادرات الرامية لإيجاد حل عادل وشامل للصراع العربي - الإسرائيلي وعلى رأسها مبادرة السلام العربية التي أقرتها القمة العربية في بيروت في 2002. وفي سياق دعم دول المجلس للقضية الفلسطينية، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة في تاريخ 26 سبتمبر 2008، بناء على طلب المجموعة العربية لمناقشة وقف الاستيطان الإسرائيلي، الذي يشكل عقبة أمام تحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. وعدّ التقرير قرار مجلس الجامعة العربية في دورته 130 تشكيل لجنة وزارية عربية برئاسة دولة قطر، للترتيب والإعداد لرعاية محادثات سلام حول إقليم دارفور بين الحكومة السودانية والأطراف المعنية لحل هذه الأزمة، في العاصمة القطريةالدوحة، دليلاً جديداً على نجاح ديبلوماسية دول مجلس التعاون في تحقيق المصالحات التي تهم العالمين العربي والإسلامي. تبني مواقف موحدة تجاه عدد من القضايا السياسية أسهم التجانس بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في تمكينها من تبني مواقف موحدة تجاه العديد من القضايا السياسية، كان من أهمها ما يأتي: أولاً: قضية الاحتلال الإيراني للجزر الثلاث التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، والعلاقات مع إيران، والملف النووي الإيراني. ولخص التقرير مواقف دول المجلس تجاه قضية الاحتلال الإيراني للجزر الثلاث والعلاقات مع إيران والملف النووي الإيراني في الآتي: - دعم حق السيادة لدولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث، طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى، بوصفها جزءاً لا يتجزأ من دولة الإمارات العربية المتحدة. - دعوة إيران إلى الاستجابة لمساعي دولة الإمارات العربية المتحدة والمجتمع الدولي لحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية. - التأكيد على احترام الشرعية الدولية، والدعوة إلى ضرورة التوصل إلى حل سلمي لأزمة الملف النووي الإيراني، مع الإقرار بحق دول المنطقة في امتلاك الخبرة في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية، بإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. - جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل بما فيها منطقة الخليج، ومُطالبة إسرائيل بالانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار. - أما في ما يتعلق بالعلاقات مع إيران، فتولي دول مجلس التعاون اهتماماً بالعلاقات معها، بحكم روابط الدين والجوار والتاريخ والمصالح المشتركة، وذلك انطلاقاً من إيمان دول المجلس التام بأن الحوار الهادف إلى بناء الثقة بين الجانبين يخدم الأمن والاستقرار في المنطقة. ولفت التقرير إلى الزيارة التي قام بها أمير قطر رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى طهران في نهاية آب أغسطس الماضي، التي تُعبر عن حسن النوايا والرغبة في تعزيز العلاقات مع إيران. كما لفت إلى زيارة وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إلى طهران، نهاية تشرين الأول أكتوبر 2008، وعده خطوة تصب في مصلحة علاقات التعاون الثنائية بين البلدين، إذ تم التوقيع خلال الزيارة، على مذكرة تفاهم لإنشاء لجنة مشتركة بين البلدين. وأشار إلى زيارة الأمين العام لمجلس التعاون عبدالرحمن بن حمد العطية، إلى طهران في نهاية أكتوبر 2008 تلبية لدعوة من وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي، والتقى الأمين العام بالرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وكبار المسؤولين الإيرانيين، إذ تم بحث كل ما يهم الجانبين في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والسبل الكفيلة بدعمها وتطويرها بما يخدم مصلحة الطرفين.