خرج بحث الشيخ عبدالمحسن العبيكان، الذي خلص إلى جواز سفر المرأة بلا محرم إذا أمنت على نفسها، وحقيقة لا أود الخوض في مسألة سفر المرأة بلا محرم بشكل عام، حيث إن هذا الشأن له أهل العلم والدراية الشرعية ممن هم أهل للإفتاء به، ولكن ما نستغرب له فعلاً هو عدم التعامل النظامي تجاه الأضرار الواقعة على المرأة المطلقة وأبنائها في ما يتعلق بالسفر بشكل عام وما يتعلق بشكلٍ خاص بإجبارها على الحصول على تصريح سفر لها من ولي أمرها وتصريح سفر آخر لأبنائها من والدهم، الذي قد يكون خصماً لها قضاءً"ولربما جاء هذا المنع من ولي أمرها للتنكيل بها من السفر مع محارمها من أخوال وأعمام وغيرهم من المحارم، وهو ما اتفق على جوازه كل أهل العلم ولم تتقبّله الإدارة العامة للجوازات بحجة وجوب حصولها على تصريح سفر من ولي أمرها من دون وضع أي استثناءات، لعدم منطقية المنع، وكذلك عدم تمكنها من السفر مع أبنائها إلا بتصريح سفر من والدهم الذي هو مطلقها مثلاً، وفي محل خصومة معها، ومن دون الأخذ في الاعتبار أنها أم لهم وشريكة مع أبيهم بالمناصفة في إنجابهم، بل إنها أول من حملهم أجساداً وأراوحاً في قرارها المكين. لقد اطلعت على تعاميم صدرت سابقاً تفيد بعدم أحقية الأب المطلق، أو من يقوم مقامه في منع الأطفال الذين في حضانة أمهم من السفر معها، وأنه إذا كانت هناك أسباب شرعية تبرر عدم الموافقة على السفر، فإن المحكمة الشرعية هي الفيصل في ذلك والحكم في هذا النزاع وفقاً لما يراه القاضي في مصلحة الأطفال، وإذا كان العلماء قد اتفقوا على سفر المرأة مع المحرم، فأبناء المطلقة هم محارم لها وكذلك بناتها، فالمرأة مع المرأة في السفر تلغي المحرم بحسب ما أقره أهل العلم، فما بالكم إن كانت هذه المرأة هي الأم وتلك هي البنت؟! وفي كل الحالات يبقى رضا ولي الأمر بالسفر شأناً أسرياً لا ينبغي فرضه عليها من أية جهة أخرى حتى لو كانت حكومية شأنه شأن خروجها في أي وقت من منزلها وشأن تنقلها بين مدن المملكة التي تبعد بين مدنها مسافة قد تتجاوز الألف كيلو متر، في حين قد لا تصل المسافة بين مكان وجودها وبين المدن خارج المملكة المئة كيلو متر"فما الداعي لاشتراط الحصول على تصريح السفر طالما أنها غير مشروطة به في غيره؟! ان الأصل في سفر المرأة يجب أن يكون السماح في أي سن كانت في حال وجود المحرم أياً كانت قرابته لها خصوصاً لو زادت المرأة عن سن الرشد المقرر دولياً ب18 عاماً، وكذلك السماح لها بالسفر في حال الحاجة مع عدم وجود المحرم طالما كانت امرأة راشدة دون الاشتراط بأن تتعدى المرأة 50 عاماً كما هو حاصل حالياً في منافذ الجوازات في المملكة، لأن المرأة العفيفة ستبقى عفيفة أياً كان عمرها سواء كانت داخل السعودية أو خارجها، أما المرأة سيئة السلوك فلن يعوقها تعديها عمر الخمسين عاماً في فعل أي سلوك مشين لا تقبله الشريعة الإسلامية، وبالتالي فإن من تُمنع عن السفر يجب أن يكون ذلك كنتيجة لتصرف مشين قامت به فعلاً بما ينطبق عليها من النظام ما ينطبق على الرجل! إن مثل هذه الضغوط على المرأة قد تولّد سبلاً منحرفة للحصول على تصريح سفر تُسد به العيون، وربما تؤدي إلى ما لا يُحمد عقباه وأولها توتر في العلاقة بين المرأة وولي أمرها قد تصل بهما إلى حد العنف، ما يؤدي بلا شك إلى مجتمع متهالك أسرياً ومشدود نفسياً وغير قادر على بناء الحوار والإقناع بين أفراده. [email protected]