استغرب محللون ماليون واقتصاديون اتجاهات سوق الأسهم السعودية، ووصفوها بأنها غريبة جداً وتخالف الأسواق العالمية، حتى أنها أصبحت أكثر تأثراً بما يحدث في الأسواق الخارجية جراء الأزمة المالية العالمية، على رغم اختلاف الأوضاع بالنسبة للاقتصاد السعودي مقارنة بالاقتصادات الأخرى. ورأى هؤلاء في تصريحات ل"الحياة"أن السوق مرشحة للنزول دون مستوى خمسة آلاف نقطة، وتوقعوا ان تكون الفترة المقبلة من الأزمة أشد تأثيراً على الشركات السعودية، معربين عن تخوفهم من وصول الأزمة الى قطاعات أخرى. وكانت سوق الأسهم فقدت في بداية تعاملات الأسبوع أمس 7.40 في المئة، وأغلق المؤشر العام للسوق عند مستوى 5079.54 نقطة، إذ تراجعت أسعار 125 شركة متداولة في السوق، في حين أغلقت سبع شركات على ارتفاع. ووصف عضو جمعية الاقتصاد السعودي عبدالحميد العمري أوضاع السوق السعودية بأنها غريبة جداً، وقال ان الشركات المتداولة في البورصة لدينا تأثرت أكثر من الدول التي تعصف بها الأزمة العالمية، فمؤشر داو جونز الأميركي فقد 36 في المئة من قيمته منذ الأزمة في حين أن السوق السعودية فقدت أكثر من 54 في المئة من قيمتها خلال الفترة نفسها، ومن المفترض أن يكون العكس هو الصحيح. وأضاف مستغرباً:"الاقتصاد الأميركي يمر بركود كبير من المتوقع استمراره، في حين ان الاقتصاد السعودي يشهد نمواً كبيراً يتراوح ما بين 5.5 و6 في المئة، مشيراً إلى أن السوق السعودية فقدت منذ الأزمة العالمية وحتى الآن 2.253 تريليون ريال، وذلك باستبعاد قيمة الاكتتابات من القيمة السوقية. ولفت العمري إلى أن الفترة المقبلة من الأزمة ستكون مفجعة بالنسبة للشركات السعودية، نظراً إلى وجود الكثير من النتائج السلبية في الربع الأخير، مؤكداً أهمية وجود صندوق لضبط السوق، يقوم بدعم السوق من خلال شراء حكومي لإعادة الثقة بها، خصوصاً أن العام المقبل سيكون عام كساد عالمي. أما عضو جمعية الاقتصاد السعودية محمد العمران فتوقع استمرار المسار الهابط للسوق، لافتاً إلى أن القلق لا يزال هو المسيطر في السوق بشكل كبير على المتعاملين والشركات أيضاً، مشيراً إلى أن أهم ثلاث شركات في السوق وهي القيادية شهدت خلال الفترة الماضية انخفاضات كبيرة في القيمة السعرية، في حين يفترض أن تكون هي أولى الشركات الداعمة للسوق. وتخوف العمران من انتقال الأزمة التي تعيشها الشركات في السعودية من البنوك والبتروكيماويات، إلى قطاع العقار والشركات المرتبطة به مثلما يحدث في بعض دول الخليج، لافتاً إلى أن الضغط على السوق في الوقت الحالي كبير، كما أنه يحتاج إلى أخبار جيدة وحقيقية، وليست مجرد تصريحات والتي ستنعكس بشكل كبير على الأسهم، ولعل من أهمها ارتفاع أسعار البترول، وأيضاً نمو أرباح الشركات بشكل كبير. وعن توقعاته للسوق قال العمران إن قاع السوق خلال الفترة القليلة المقبلة سيكون دون خمسة آلاف نقطة وذلك على المدى القريب، بسبب هذا القلق الموجود في السوق، مشيراً إلى أن إصدار قرار بإيقاف السوق أسوة ببورصة"الكويت"سينعكس بآثار سلبية على السوق بعد افتتاحه مرة أخرى جراء الضغط النفسي. وأشار العمران إلى عوامل اقتصادية أخرى منها ان أسعار النفط في انخفاض مستمر، وأيضاً صادرات السعودية من البتروكيماويات تمر بأزمة خانقة جراء الركود العالمي، مشيراً إلى أن العالم يمر بدورة اقتصادية راكدة بعد الانتعاش الكبير الذي عاشه العالم خلال الفترة الماضية. من جهته، أشار المحلل المالي تركي فدعق إلى أن السوق السعودية أصبحت ذات حساسية كبيرة من البيانات الأوروبية والأميركية بشأن الركود الاقتصادي، مشيراً إلى أن التقويم الحاصل للشركات وأسعارها لا يعكس وضع السوق وحالتها التي تمر بها بشكل جيد. ودعا المسؤولين عن السياسات المالية والنقدية الحكومية إلى ضرورة اتباع خطوات مالية، مثل الاستثمار في السوق بشكل كبير على مدى طويل، وتسهيل الائتمان بين البنوك، مشيراً إلى ضرورة أن تنتهز بعض الشركات ذات السيولة المالية وضعية بعض الشركات المهزوزة وتستحوذ عليها، لافتاً إلى أن الاندماج سيكون واضحاً بين الشركات في المستقبل.