سادت حالة من التفاؤل أوساط المتعاملين والخبراء الاقتصاديين في السعودية تجاه أنباء غير مؤكدة حول نية الصناديق الحكومية التدخل لوقف انهيار سوق الأسهم السعودية عبر ضخ أموال استثمارية في السوق. إلا أن حالة التشاؤم لا تزال هي السائدة نتيجة استمرار الهبوط "الحاد" الذي تشهده البورصة السعودية خاصة وان هيئة سوق المال السعودية لم تتخذ حتى الآن أي إجراءات ملموسة من شأنها تخفيف حدة الأزمة التي أدت إلى إفلاس نسبة تتجاوز 70في المئة من مجموع المتعاملين في سوق الأسهم السعودية وفقا لإحصاءات غير رسمية . وقال الدكتور سالم باعجاجة أستاذ المحاسبة والاقتصاد بجامعة الطائف لوكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ) "إن عودة الثقة إلى سوق الأسهم واستقرارها في الأيام المقبلة،تتطلب تدخلاً من الدولة عبر ضخ سيولة نقدية جديدة في السوق،ما يؤدي إلى انتعاشه وعودة الثقة إليه،وتوقف خسائره خاصة بعد "هرب "سيولة كبيرة من السوق، نتيجة تخوفها من تدهور إضافي للنظام المالي العالمي، نتيجة وقتية الخطة التي وضعت لمعالجة الأزمة المالية العالمية وضعف المبلغ الذي وضع لها. مشيرا إلى أن خطة الإنقاذ التي أقرها الكونجرس الأمريكي لمعالجة الأزمة المالية الحالية لم تكن مطمئنة لغالبية الأسواق المالية العالمية لما تحتويه من مبلغ ضئيل مقارنة بحجم الأزمة لا يتجاوز 700مليار دولار، ويمكن وصفه بالحل المؤقت لهذه الأزمة". وكان رئيس هيئة السوق المالية السعودية عبد الرحمن التويجري قد أكد في وقت سابق على أن الانخفاضات الحادة التي تتعرض لها أسواق المال الخليجية عامة والسوق السعودية خاصة، سببها بالدرجة الأولى عوامل خارجية تتعلق بالأزمة المالية الدولية. ونفى التويجري أن تكون هناك أي عوامل داخلية تؤثر سلبا على حركة السوق المالية السعودية، مضيفا "ليس في الاقتصاد الوطني ما يؤثر سلبا على السوق، وكذلك على أداء الشركات المدرجة، العوامل الخارجية هي المؤثر، هبوط السوق ليس مسؤولية الأجانب فقط، بل مسؤولية جميع المتعاملين في السوق". وشدد على وجود العديد من الفرص الاستثمارية التي وصفها ب "الممتازة" في سوق الأسهم السعودية حاليا،وقال "أحيانا تأتي الفرص الاستثمارية الجيدة من قلب الأزمات المالية". ويؤكد التويجري أن "السيولة عالية في السوق السعودية، وليس هناك مخاوف من نقص السيولة،". وأوضح أن ما تقوم به هيئة السوق المالية السعودية من قرارات وطروحات عامة وتعديلات هيكلية، تأتي في إطار خطة تنفذها "الهيئة" تهدف في الأساس إلى إيجاد سوق مالية عالية الكفاءة. ومن جهته شدد عضو جمعية الاقتصاد السعودية محمد العمران ل "د.ب.أ" أن الخسائر الكبيرة التي تتكبدها السوق السعودية حاليا هي نتاج التغيرات الجوهرية التي تجري في الاقتصاد العالمي، وخاصة في أسعار الصرف وتأثيره على النفط والمواد البتروكيماوية، وكذلك ما يحدث من انهيارات في الأسواق الأمريكية مما سبب ارتباكا في الأسواق العربية والخليجية بشكل عام. وأكد على أن الانخفاض الحاد في الأسواق العالمية لا بد أن يؤثر بشكل قوي على السوق السعودية حتى لو لم يكن هناك ارتباط مباشر بالشركات أو البنوك المنهارة. كما أثارت تصريحات نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) الدكتور محمد الجاسر التي شددّ فيها على أن الاقتصاد السعودي لا يواجه "أي مشكلات في السيولة" وأن الانخفاضات في سوق الأسهم "غير مبررة"، ردود فعل متباينة في أوساط المتعاملين والمراقبين والخبراء الاقتصاديين. وكان الجاسر قد ألمح إلى ضرورة التزام الهدوء بعد انهيار السوق المتواصل الذي ضرب أسعار جميع الشركات المساهمة بدون استثناء. وقال الجاسر في أول تصريحات رسمية على الأزمة الخانقة التي تعيشها سوق الأسهم، إن مؤسسة النقد لديها الوسائل للتعامل مع أي مشاكل في السيولة ومستعدة لتقديم سيولة كافية عند الحاجة، مضيفاً:"الودائع المصرفية آمنة والنمو الاقتصادي قوي". وقال إن المملكة ليست لديها استثمارات في البنوك الغربية المتعثرة وإن المملكة لم تستخدم بعد كل الأدوات التي تحت تصرفها بما في ذلك آلية إعادة الشراء (الريبو)، مبيناً أن مؤسسة النقد تراقب السوق وتتابع التطورات بشكل مستمر ودقيق ولديها الاستعداد لتوفير أي سيولة وبالقدر الكافي لو احتاج السوق لذلك. وفيما يتعلق برد فعل المتعاملين في سوق الأسهم والخبراء الاقتصاديين، فقد بدا التباين كبيراً على هذا التصريحات، وإن جاءت ردود فعل الكثير من الاقتصاديين إيجابية، لكن البعض الآخر والأغلب من المتعاملين انتقد تأخر مؤسسة النقد في إطلاق هذه التصريحات التي جاءت بعد مرور 48ساعة على الانتكاسة التي مني بها سوق الأسهم السعودي. وقد بدأت نحو سبعة بنوك سعودية مسعى منسقا لاستعادة الثقة قائلة إنه ليس لها أي تعرض لقروض الرهن العقاري عالية المخاطر مع تهاوي الأسهم وسط مخاوف من تأثير الأزمة المالية العالمية. وهبط المؤشر الرئيسي لسوق الأسهم السعودية بما يقرب من الحد الأقصى المسموح به وهو عشرة بالمئة عدة مرات خلال اقل من عشرة أيام. وقال الجاسر في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية إن المحلل الموضوعي الذي ينظر إلى نسبة الشركات خاصة الرئيسية منها في الاقتصاد السعودي وفي السوق المالية السعودية لا يستطيع أن يفهم هذا الارتباك الكبير الذي حصل في الأسعار. وأضاف الجاسر إن ودائع البنوك السعودية "في حرز أمين" مضيفاً "إن البنوك السعودية وضعها وقاعدتها المالية وقروضها كلها موجودة في الاقتصاد السعودي". وأوضح أن نسبة القروض تبلغ 116بالمئة من حجم الودائع الموجودة في الاقتصاد السعودي وطالب خبير اقتصادي،المسؤولين والبنوك والقطاعات الاستثمارية على حد سواء الإفصاح عن مدى تأثر استثماراتها الخارجية بالأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة. وقال الدكتور إحسان أبو حليقة ل "د. ب.أ" تعليقاً على الأزمة التي عصفت بسوق الأسهم السعودية:"لابد من إعلانات واضحة بدلا من التصاريح المبهمة وهنا تبرز مطالبنا من البنوك لإعلان مدى تأثير هذه الأزمة العالمية والتي بدأت بالأسواق الأمريكية ومن ثم انتقلت إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية على استثماراتها..وسائل التهدئة ومحاولة بعث الاطمئنان سواء من مؤسسة النقد العربي السعودي أو من البنوك غير مجدية خاصة وأن ما يحدث في السوق السعودي حاليا يعود لأسباب خارجية".