أخشى أن يأتي اليوم الذي تقفر فيه الجماهير المدرجات، وأن يتنامى منع الآباء لأبنائهم الذهاب إليها، بعد أن اتسعت ظاهرة الشغب في الملاعب الرياضية، ممن يبدو أنهم غير مؤهلين لدخولها ... حتى صار السائد لدى عامة الناس أن من يرتاد الملاعب هم من العاطلين المهمشين عائلياً واجتماعياً، وليس لهم من يسأل عنهم أو يقوم ما أعوج من سلوكهم ... أليسوا هم من يخرجون من الملعب حفاة؟ أليست كاميرات التلفزيون تتابعهم وهم في سباق قفز الحواجز الماراثون مع رجال الشرطة؟ ألم نر قذف قوارير المياه والألعاب النارية ثم الجديد رمي الجلة من المدرجات؟ حتى المنصات في الملاعب وهي ما اعتقدنا أنها المكان الآمن ولا يجلس بها إلا الصفوة صار يردد فيها بذيء القول وسيئه. ثم بعد أن تنتهي المباريات على علاتها وبدلاً من أن يعتذر مسئولو الأندية عمّا بدر من جماهيرهم نراهم يزيدون النار اشتعالاً بتصريحات فضائية وصحافية تمس أخلاقيات الحكام واللاعبين في مواقف تكررت كثيراً هذا العام ... وهذا العنف القولي والفعلي الذي استشرى علاجه يقع على عاتق جهات عدة، فالرئاسة العامة لرعاية الشباب والمنوط بها تشريع قانون للعقوبات على المسؤولين الذين يتجاوزون حدودهم في التعليق على أحداث المباريات، والأجهزة الأمنية لا بدّ من أن تصدر هي الأخرى قانوناً صارماً يتضمن المخالفات وعقابها، وأن تتولى الدعاية له في وسائل الإعلام بما يحقق درعاً واقياً ضد كل من تسول له نفسه القيام بما يخل بالأمن داخل الملعب، وأن تزود الأندية بذلك حتى تتولى هي الأخرى توعية جماهيرها أيضاً، وزارة التربية والتعليم يقع عليها عبء التنفير من هذا السلوك البغيض، لا سيما ولديها مقرر التربية الوطنية يمكن أن يضاف له عند إعادة طباعته الآداب والسلوكيات التي يجدر الالتزام بها عند حضور المباريات، بما يساعد على تهذيب سلوك الشباب وامتصاص المشاعر السلبية وعلاج الخلل في شخصيات مثيري الشغب ... كما أن على المعلمين في حصص الرياضة أو الإرشاد الطلابي واجب آخر مهم لا بدّ من أن يقوموا به للتصدي لهذه الظاهرة، فلم نسمع أن مدرسة وزعت منشوراً أو أقامت ندوة عن ذلك، وهذا جزء من مسؤوليتها تجاه المجتمع ... وإذا تمّ ذلك نكون قد قمنا بالخطوة الأولى، فإذا لم تجد فلا بد من أن يليها بالطبع التصدي الحازم من رجال الأمن وليس العكس كما يحدث الآن ...أليس كذلك! [email protected]