أمور غير معقولة ولا يمكن أن تحدث في ملاعب العالم، مشاهد من خيال صارت واقعاً مرئياً في مدرجاتنا، لم نكد نستوعب بعد حادثة المعسل ودخانه الذي تصاعد في سماء الملعب والذي كان ينفث بكل استهتار، وبعدها حادثة الدراجة التي تمخطرت في المدرجات علانية كأن صاحبها يستعد بها لأحد عروض السيرك، وما صاحبهما من تقليل البعض من شأن الحدث واعتباره فردياً لا يقاس عليه إلا وتفاجأنا هذا العام بشلة «البلوت»، وهي تتربع وتمارس هوايتها في المدرجات غير آبهة بكاميرات تصور الحدث، ومنها يرى العالم كله كيف وصلت فتنة «البلوت» لدى السعوديين درجة الهوس غير معترفة لا بلاعبين يؤدون مباراة ولا بجماهير تحضرها ولا بأمن يراقبها... والسبب أنهم انشغلوا ب «الصن والحكم» وتركوا المباراة لأهلها. ولا أدري لمَ حضر أمثال هؤلاء أصلاً ولديهم ما يسليهم ويمكنهم ممارسته في أي مكان إلا أن يكون في الملعب طالما أن المباراة لم ترق لهم؟! ملاعبنا شأنها شأن كل ملاعب العالم تشهد الكثير من حالات الخروج عن المألوف (تشجيعاً ومخالفة)، وإن كان لا يمكن السيطرة على الأولى في بعض الأحيان، فإن الثانية بالإمكان السيطرة عليها وبكل سهولة عن طريق تكثيف الرقابة وزيادة عددها وعدم التهاون في بعض المباريات على اعتبار أنها غير جماهيرية أو غير مؤثرة في نتائجها أو على اعتبار أنها خاصة بالفئات السنية التي يعتقد أنها خارج التغطية الإعلامية والأمنية، وربما كان ضعف متابعتها أو التهاون بها تحقيراً من شأنه أن يجلب إليها كل المخالفات الكبيرة. هل لابد أن نخرج بلقطات غريبة في كل موسم، ونعيد معها تساؤلنا الدائم عن المسؤول المباشر عما حدث فلا نجد، فمدير الملعب ينحي باللائمة على الأمن الصناعي، والأمن بدوره يلقيها على وعي الجماهير، والعالم يتفرج ويتندر، إذ تجمع كل تلك اللقطات تحت عنوان «حدث في السعودية»، ولأنه حدث يتكرر فلابد من فعل حازم ولائحة واضحة لمخالفات الملاعب على غرار ما اقر من عقوبات على من يقتحمها لعل في إقرارها ما يعيد الهيبة وسيادة النظام، مع ضرورة توحيد التعليمات في جميع الملاعب فما يسري في الرياض هو ذاته المطبق في جدة والدمام وسائر الملاعب، أما ان تقرر كل إدارة ملعب تعليمات مغايرة لغيرها على رغم أن الجميع تحت مظلة الرئاسة فتلك فوضى وازدواجية في سن القرارات حتى لو كانت هذه الفوضى مجرد عصا علم أو لافتة نشاز أو سيجارة في يد أو أوراق بلوت في جيب أحدهم. ولكن أتدرون ما العجيب الغريب حقاً أن الحس الأمني كان في أوجه عندما همت طفلة بالدخول للملعب وفي تدريب وليس مباراة لمجرد أنها (أنثى)، فيما غيرها ولمجرد أنه (ذكر) يفعل ما يحلو له. [email protected]