لم تشفع خطة الإنقاذ المالي التي أقرها مجلس النواب الأميركي بهدف إنقاذ الاقتصاد الأميركي الأسبوع الماضي في طمأنة المستثمرين في السوق السعودية التي منيت بخسائر ضخمة، اذ فقد مؤشر السوق 9.81 في المئة، بفارق 0.19 في المئة عن الحد الأعلى المسموح به صعوداً وهبوطاً والبالغ 10 في المئة، وخسر المؤشر 732 نقطة، منهياً التداولات عند مستوى 6726 نقطة. وشهدت السوق منذ اللحظات الأولى لبداية الجلسة وهي الأولى بعد عطلة عيد الفطر المبارك وحتى الاغلاق، انهيار أسعار جميع الشركات المدرجة في السوق من دون استثناء وعلى رأسها الشركات القيادية، مع تنامي المخاوف من تأثير الأزمة المالية في أوروبا والولاياتالمتحدة على الأسواق الخليجية عموماً والسوق السعودية خصوصاً. وسارت السوق السعودية على خطى نظيراتها الخليجية التي شهدت نزولاً حاداً في أول تداولاتها أول من أمس بعد عطلة عيد الفطر، التي كانت فيها غائبة عن التأثيرات المباشرة للأزمة العالمية. وعلى رغم أن أربعة مصارف كبرى في السعودية أعلنت نتائج إيجابية عن الربع الثالث من العام الحالي باكراً، إلا أن هذا الإعلان لم يكن له تأثير ملحوظ لدعم السوق. وكانت بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي ساما الصادرة أول من أمس لشهر آب أغسطس، أوضحت أن الاستثمارات الأجنبية للمصارف انخفضت بنسبة 17 في المئة مقارنة بأول العام الحالي 2008، متراجعة من 84 بليون ريال في كانون الثاني يناير 2008 إلى 70 بليوناً، وأصبحت قريبة مما كانت عليه قبل عام. وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة بي أم جي المالية باسل الغلاييني:"إن حالة الضعف العام في أسواق الأسهم هذا الأسبوع ستستمر، ولا بد من أن يتحلى المستثمرون بالصبر وانتظار مرور العاصفة". وأضاف:"كان من اللافت للنظر شراء المستثمر العالمي وارين بافيت لحصة في عملاق المصرفية الاستثمارية جولدمن ساكس، وكذلك استحواذه على حصة في جنرال إليكتريك قد تصل إلى 6 بلايين دولار، هذه أمثلة على الفرص المتوافرة في السوق والناتجة من الهبوط الحاد في سعر الأسهم، إلا أنه من المستبعد أن نشهد اهتماماً مشابهاً من المستثمرين الأجانب في السوق السعودية عن طريق عمليات المبادلة، لكن السوق تشكل في بعض الحالات المعينة فرصة لدخول المستثمرين القادرين على الانتظار لسنوات عدة". وأشار الغلاييني إلى أنه بعد أن تمت الموافقة على خطة الإنقاذ بقيمة 700 بليون دولار، فإن من الضروري تبني خطة واعتماد قرارات تساعد في إعادة الثقة بالسوق، وفي حال تطبيق ذلك ستعود النظرة الإيجابية تجاه الدولار وتعود الثقة شيئاً فشيئاً إلى الأسواق. وتابع:"على أية حال اقتصاد الولاياتالمتحدة في حال ركود وتصفية هذا القدر من المديونية فانه قد يستغرق سنوات عدة". من جهته، قال نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة كسب المالية إبراهيم العلوان:"السوق تحكمها نفسيات المتعاملين والوضع الاقتصادي العالمي قد لا يكون له تأثير كبير، خصوصاً أن بعض الشركات مثل الكهرباء السعودية نجد أن ليس لها أية علاقة مباشرة بالأزمة العالمية، فلماذا تنهار أسهمها إلى هذا الحد؟". وأضاف:"يلاحظ أن السوق السعودية تأثرت كثيراً بأسواق الخليج والأسواق الأميركية، وهي تتابع ما يحدث هناك، كما أن غالبية المتداولين في السوق السعودية للأسهم الحرة هم من الأفراد، وبالتالي عادة ما تكون القرارات الاستثمارية لهم عاطفية أكثر منها منطقية". ولم يشأ العلوان تحديد مدة معينة لعودة السوق، لكنه ربطها باتجاهات الأسواق العالمية، والأميركية خصوصاً في الفترة المقبلة. وحذر أستاذ الإدارة والتسويق في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حبيب تركستاني من حدوث انهيار للاقتصاد السعودي مماثل لما حدث في أميركا، وقال ل"الحياة":"إن عدم إيجاد حلول مناسبة للأزمة العالمية سيسهم في إحداث تأثيرات سلبية ملحوظة على الاقتصاد السعودي، ما قد يؤدى إلى حدوث هزات اقتصادية تؤثر في تنفيذ الخطط التنموية". وأضاف:"إن ما حدث اليوم أمس في سوق الأسهم يعد مؤشراً خطيراً لإمكان حدوث أزمة حقيقية في الاقتصاد السعودي، لذا يجب مراقبة السوق وإيجاد القوانين والتشريعات الضابطة للسوق، خصوصاً أن سوق الأسهم السعودية تعاني من خلل واضح منذ فترة طويلة"، لافتاً إلى أن مؤشر سوق الأسهم السعودية لا يخضع حالياً لمقاييس اقتصادية محددة، فهو يعاني من حالات التذبذب، وبدأ في تحقيق أرقام قياسية خصوصاً من حيث معدلات الهبوط. وقال:"شهدت السوق السعودية خلال الفترة الماضية ارتفاعات وصلت بها إلى مستوى 9 آلاف نقطة، وأعقب ذلك انهيارات متتالية أوصلت السوق إلى ما دون 7 آلاف نقطة. وتطرق تركستاني إلى العامل النفسي للمستثمر السعودي باعتباره من أهم العوامل التي ستسهم في استمرار أزمة سوق الأسهم السعودية في الفترة المقبلة، وقال: "لعب العامل النفسي دوراً بارزاً في انهيار السوق اليوم أمس، وسيسهم في استمرار هذا الانهيار، خصوصاً أن الأسواق العالمية تعاني من انهيارات، وعملية البيع والشراء داخل السوق تتأثر بالأحداث الخارجية والاقتصاد العالمي". وتوقع أن تستمر حال الركود طوالل الشهر الجاري، وقال:"من المتوقع أن تستمر حال الركود طوال هذا الشهر، وستتم خلاله إعادة ترتيب أوضاعه للخروج من هذا الركود، خصوصاً مع انخفاض معدلات السيولة بداخله". واتفق معه أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة فيلالي بقوله:"العامل النفسي يلعب دوراً كبيراً في ما يحدث في سوق الأسهم السعودية، خصوصاً أن المستثمر أصبح أكثر تخوفاً من المجازفة في السوق بعد انهيار الاقتصاد الأميركي". وأضاف:"إن استجابة سوق الأسهم لخطة بوش الإصلاحية تتوقف على نجاح الخطة في أميركا، إذا سيكون لها تأثير ايجابي على الأسواق العالمية كافة والسعودية جزء من العالم". وأشار إلى أن فشل الخطة الأميركية في احتواء الأزمة العالمية سيسهم في استمرار انهيار سوق الأسهم باعتبار أنها من أهم العوامل المؤثرة عليها في الوقت الراهن.