توقع محللون ماليون وعاملون في سوق الأسهم السعودية، استمرار هبوط مؤشر السوق طالما استمرت الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط، وأكدوا في حديثهم ل«الحياة» أن حل أزمات السوق السعودية تتمثل في التدخل الحكومي لدعم السوق في هذه المرحلةواستبعد هؤلاء فكرة تعليق السوق كحل لأزمة الانهيار الحالية، خصوصاً بعدما سجلت السوق خلال الجلسات العشرة الأخيرة انهيارات غير متوقعة وصلت ذروتها أمس، إذ بلغ المؤشر أدنى مستوى له منذ 20 شهراً، وأغلق عند مستوى 5539 نقطة، وتراجع بنسبة 6.8 في المئة. وعزا المحلل المالي تركي فدعق «التذذب داخل سوق الأسهم السعودية إلى أن أكثر من 90 في المئة من المستثمرين في السوق هم من الأفراد، وهذا الأمر يترك آثاراً على حركة مؤشر سوق الأسهم تتصف بالحدة في كثير من الأحيان». وأضاف: «ما يحدث اليوم في سوق الأسهم السعودية ردود أفعال نفسية للمتعاملين فيه بسبب التوتر والصراعات السياسية في منطقة الشرق الأوسط»، موضحاً أن هبوط مؤشر سوق الأسهم بهذه النسبة ليس له مبرر وتحليل علمي، خصوصاً من ناحية قياس أداء الشركات العاملة في السوق وأرقام ونسب الأرباح بها، وقال: «الهبوط في مؤشرات الأسواق المالية لم يتوقف فقط على السوق السعودية، بل هو شامل جميع الأسواق في المنطقة بسبب التوترات السياسية بها، ولكن تختلف الردود والتأثيرات من دولة إلى أخرى ومن سوق إلى أخرى». واعتبر فدعق أن «التراجعات الحادة والمستمرة لأكثر من عشر جلسات متتالية في سوق الأسهم السعودية جعلت الأسعار مغرية للشراء، ولكن ما سيحدث في السوق خلال الأيام المقبلة يخضع للأحداث السياسية في المنطقة». وزاد: «في حال استقرار وهدوء الأوضاع في الدول التي تشهد صراعات حالياً فإنه من المتوقع أن تعود السوق السعودية للارتفاع مرة أخرى، أما في حال حدوث نكسات سياسية أخرى وتصاعد وتيرة الخلافات السياسية فمن المتوقع أن يستمر تأثيرها السلبي على السوق». ورأى فدعق أن الحل الجذري لمشكلة سوق الأسهم السعودية يتمثل بتفعيل الذراع الاستثمارية الحكومية في السوق، وقال: «لابد أن يكون لصندوق الاستثمارات العامة فعالية أكبر، وأن يتحرك بدوافع استثمارية داخل السوق باعتباره أكبر مستثمر مؤسساتي داخل سوق الأسهم السعودية». ورفض فكرة إغلاق السوق في الوقت الراهن كحل للأزمة التي تمر بها، وقال: «إغلاق السوق المالية السعودية في الوقت الراهن سيؤدي إلى فقدان الثقة بالسوق، إذ إن الأسواق المالية لا تُعلق إلا للأحداث الكبيرة الداخلية للدولة، وليس بسبب تذبذب أسعار تدوالها وانخفاضها بتأثير الأحداث السياسية في دول الجوار». من جانبه، رأى المستشار المالي رئيس بيت الاستشارات المالية فيصل الصيرفي، إن الحل لوقف عمليات الانهيار داخل السوق السعودية، يكمن في التدخل الحكومي من خلال دعم الصناديق الحكومية للسوق في الوقت الراهن، وقال: «الأزمة الحالية لسوق الأسهم السعودية ناتجة عن ذعر وخوف المستثمرين داخل السوق من جراء الأحداث السياسية في الدول العربية، وهي من لعبت الدور الرئيس في هذا الانهيار خلال الأسبوعين الماضيين». وأضاف: «قرار إغلاق سوق الأسهم في هذه الفترة لن يكون مجدياً ولن يكون حلاً لما يعانيه، خصوصاً أن المطلوب الآن تدخل حكومي لدعمه، وفي حال فشل هذا الدعم يمكن اللجوء إلى إغلاق السوق كحل من عدة حلول يمكن طرحها في حينه». وأشار إلى أن «الانهيار الحالي لسوق الأسهم لا يمكن مقارنته بما حدث من انهيارات في السنوات الماضية، وقال: «الانهيارات التي سجلتها سوق الأسهم في الماضي كانت نتيجة لوجود مضاربات خيالية، وعدم تطبيق قوانين وأنظمة العمل، أما اليوم فوضع السوق مختلف تماماً بوجود هيئة إشرافية (هيئة سوق المال) وتطبيق الأنظمة المالية في التداول». أما أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة الدكتور وديع كابلي، فأوضح أن سوق الأسهم في الدول تعد مقياساً دقيقاً ومؤشراً يعتمد عليه المحللون الاقتصاديون في بناء توقعاتهم المستقبلية. وقال كابلي: «الظروف السياسية في المنطقة أسهمت في وجود ردود أفعال لدى المستثمرين في المنطقة ومنهم السعوديون، إذ لعب العامل النفسي والخوف دوراً رئيساً فيما يحدث في سوق الأسهم السعودية اليوم، إذ سجلت هبوطاً في مؤشرها خلال الأسبوعين الماضيين، والارتفاع متزايد في نسب ومعدلات الهبوط التي من المتوقع أن تستمر لتصل إلى 10 في المئة في حال بقاء التوتر السياسي في المنطقة». وأكد أن حل أزمة السوق يتمثل في الدعم الحكومي لسوق المال السعودية، وقال: «لابد أن تتدخل الحكومة من خلال صناديقها واستثماراتها في السوق بشراء كميات كبيرة من الأسهم بهدف إنقاذ السوق من حالة الانهيار». ولفت كابلي إلى أن الدعم الحكومي في الوقت الراهن للسوق سيعمل على بث الطمأنينة في نفوس المستثمرين، ما يسهم في إعادة الثقة في السوق ومعاودة صعود مؤشره.