أجمع مواطنون على أن القروض التي يقدمها بنك التنمية العقارية لإنشاء منزل ضئيلة، مستغربين عدم رفع حجم القرض البالغ 300 ألف ريال. وقال هؤلاء في حديث مع"الحياة":"لا يمكن أن تبقى قيمة القرض على حالها منذ أكثر من ثلاثة عقود، فكلفة البناء تضاعفت في شكل كبير". فيما لم يجد البعض بداً من بيع قرضه الذي انتظره طوال سنوات من"الباطن"لشخص آخر، بعدما فقد الأمل في تملك منزل خاص. وأوضح المواطن تركي الخريجي أنه اشترى أرضاً ب 350 ألف ريال، اقترض ثمنها من مصرف وبعض أصدقائه،"وحينما حصلت على قرض بنك التنمية العقارية بعد انتظار دام نحو 15 عاماً، كانت أسعار مواد البناء ارتفعت في شكل كبير". ويضيف:"اضطررت إلى البقاء في بيتي المستأجر وتأجيل حلم امتلاك منزل خاص إلى وقت أكون فيه جمعت مبلغ يعادل ما أخذته من البنك"، مشيراً إلى أن القرض"300 ألف ريال، ومتوسط كلفة إنشاء منزل تصل إلى 600 ألف ريال، هذا إذا تجاهلنا كلفة ما بعد البناء ومنها التأثيث والسباكة وتوصيلات الكهرباء". وطالب الخريجي برفع قيمة القروض العقارية، خصوصاً بعد الارتفاعات التي شهدتها أسعار مواد البناء خلال العاميين الماضيين،"حتى المواطن الآن يبدأ البناء وهو في وضع مادي خانق، بعدما دفع مبلغاً لا يستهان به ثمناً للأرض، وكما هو معلوم أن بعض الأراضي ارتفع ثمنها ألف في المئة خلال الأعوام الماضية". من جهته، أكّد عصام التركي أن اسمه ظهر في قائمة الممنوحين قروضاً عقارية بعد انتظار دام 13 عاماً،"لكن المؤلم أنه بعد إجراء عمليات حسابية اتضح لي أنه غير كاف لإنشاء منزل لائق، فأنا لو حصلت عليه قبل ثمانية أو عشرة أعوام حينما كانت كلفة إنشاء المنزل معقولة لكان الأمر مختلفاً". وأضاف:"أمام عجزي ووأد حلمي بامتلاك منزل قررت بيع القرض من الباطن لمواطن آخر". من جهته، يسأل فهد العبدالكريم،"هل صار على أكثر من نصف المواطنين العيش في بيوت أو شقق بالإيجار؟"ويضيف:"يأتي هذا الأمر في وقت تعيش البلاد أفضل أحوالها الاقتصادية منذ نشأتها". ورأى"أنه من واجب المسؤولين أن يتحركوا ولا يكتفوا بالتصريحات، فتسهيل امتلاك المواطنين للسكن واجب على الدولة، لذا عليهم أن يجدوا حلولاً لهذه المشكلة التي أفسدت حياة الملايين من المواطنين". ويقول:"من الحلول العاجلة رفع قيمة القرض إلى 500 ألف ريال، مع اتخاذ الإجراءات كافة التي تضمن تسديد القرض في أقصر فترة ممكنة، لتعم الفائدة أكبر عدد ممكن من المواطنين". ويبدو أن هذه المشكلة لم تقتصر على أرباب الأسر، بل أن كثيراً من الشبان العزاب فقدوا الأمل باكراً في امتلاك منزل خاص بهم بعد الزواج. ويقول الشاب فيصل المحمود وهو أعزب،"اشتريت أرضاً في منطقة غير مأهولة جنوبالرياض ب 15 ألف ريال قبل عاميين، وتقدمت بطلب للحصول على قرض من صندوق التنمية العقارية". ويضيف:" قبل أشهر تيقنت أن القرض لن يساعدني على إنشاء منزل، بل قد يكون ديناً يؤرقني من دون فائدة، لذا لم أجد حرجاً من إلغاء طلبي بالحصول على القرض". ويتابع:" بعد الزواج سأسكن في شقة بالإيجار، قدرنا نحن الشباب أننا جئنا في زمن صار امتلاك المواطن من الطبقة المتوسطة ناهيك عن الفقيرة لمنزل غير ممكن". ويؤكد الشاب محمد البحيري أنه لا يفكر في التقديم على طلب قرض من صندوق التنمية العقاري على رغم ضغوط والده، وقال:"على رغم امتلاكي لأرض في أحد ضواحي الرياض، إلا أنني لم أتقدم بطلب للبنك للحصول على قرض، أعلم جيداً أن قيمته صارت لا يشترى فيها شقة أحياناً فضلاً عن بناء منزل". وتساءل:"هل يعقل أن تبقى قيمة القروض هي نفسها منذ إنشاء الصندوق قبل 30 عاماً؟". ... الانتظار 15 عاماً ! لم تتوقف معاناة المواطنين عند ضعف قيمة القروض التي يقدمها صندوق التنمية العقاري، وانما تعدته إلى أن المواطن يحتاج إلى الانتظار 15 عاماً، وأحياناً أكثر للحصول على القرض الضعيف". يقول سعد الأحمد:"تقدمت بطلب لصندوق التنمية العقاري منذ أكثر من تسعة أعوام وما زلت أنتظر". ويضيف:"ما يزيد وجعي أنه كل ما طال الانتظار كلما قلت فائدة القرض، لأن مواد البناء ترتفع بين فترة وأخرى". ويضيف:"يجب أن يتم وضع آلية مناسبة للإسراع في التمويل بدلاً من رمي المواطنين في قوائم الانتظار سنوات طويلة". من جهته، أكّد عبدالرحمن الحسينان أن القرض المقدم من صندوق التنمية العقاري بات أشبه بمكافأة التقاعد التي يحصل عليها الشخص بعد انتهاء حياته العملية. وقال:" هل يعقل أن هناك إنساناً يتحمل الانتظار 15 عاماً لتحقيق حلم بامتلاك منزل". واستطرد:"مدة الانتظار طويلة جداً، ما دفع الكثير من المواطنين إلى إيجاد حلول أخرى بدلاً من قروض صندوق التنمية العقاري، منها المصارف التي تستغل حاجتهم في شكل بشع على مرأى من مؤسسة النقد السعودي". وقال:" لتعرف مدى الغضب الذي يعيشه المواطن من أوضاع الصندوق، فما عليك سوى أن تأتي بسيرته في مجلس ما لتسمع انتقادات لاذعة وشكوى من تقصيره". من ناحيته، يقول سعود العلي:"لم أقدم على الصندوق لأنه لا طاقة لي على الانتظار 15 أو 20 عاماً، فأنا أفكر أن أسدد بعض الديون المترتبة عليّ خلال العاميين المقبلين، ومن ثم سأحصل على قرض لبناء منزل أو شرائه من أحد المصارف". ويضيف:"أعلم أن المصارف تسترد من المقترض أكثر من ثمن المنزل الحقيقي بنسبة قد تصل إلى 30 في المئة، إلا أنني لا أجد بداً من القبول بهذا الوضع، فالمؤشرات كلها تقول إن لا حلول لمشكلات الصندوق على المدى المنظور، على رغم أن البلاد تعيش طفرة اقتصادية غير مسبوقة، بفعل ارتفاع أسعار النفطِ".