لمن أراد أن يشاهد صلاة طويلة تُشْعِره أننا المجتمع الوحيد الذي تقف فيه الصفوف في صلاة الفجر كما هي تماماً في أي صلاة أخرى، فليلاحظ ويتابع صلاة الظهر التي يؤديها الموظفون الحكوميون، ولن تجد مسجداً يهرب الناس من الصلاة فيه سوى المسجد الذي يقع تحت حرم المؤسسة الحكومية أو قريباً منه، ولكم حرية البحث عن نوعية الهاربين! ولمن يريد أن يشاهد أطول وجبة إفطار - فردية أو جماعية - فلينظر أو يحاول أن يشارك في إفطار الموظف الحكومي، وأنا هنا لا اجلد ذاتي، ولا أروج لإحباط، إنما أنقل واقعاً مشاهداً بشكل متواصل يدعو للتساؤل والمتابعة والتصحيح بأن نحيل هذه الملاحظات إلى مسألة إنسانية بحتة، فالعمل الحكومي يتقاطع مع مصالح أبناء وطن يفصل بينهم فقط كرسي دائري، ولو أستقطع كل مسؤول - صغيراً أو كبيراً - جزءاً يومياً متصلاً لا منقطعاً من وقت الدوام الرسمي لحل العوائق وإنهاء العمل اليومي لكنا في مرتبة متقدمة في لوحة الانجاز، ولو اتجه المسؤول لدائرة حكومية لينجز عملاً له لشاهد الواقع المقابل لتصرفاته ولغضب حينها، لكن الغضب والاستنكار لن يصححا على كرسيه الحكومي لأنه لن يتجه ألا والطريق ممهد وهنا تغيب المعاناة! سأضع أسئلة متنوعة واترك إجابتها مع تقديم مساعدة بسيطة لمن تَصْعُب عليه الإجابة فإن تمكن من إجابة"سؤال واحد"فلينقل الإجابة ذاتها بعد كل علامة استفهام؟ من أكثر من يردد دائماً جملة"راجعنا غداً"بكرة"باستثناء إذا كان للمراجع معرفة أو رابطاً أسرياً"من الذي يعرف توقيعه أكثر من زميل على أوراق الحضور والانصراف، ويُنْسَى ذات التوقيع حين يتعلق الأمر بأوراق مواطن؟ من الذي يحتاج لأن تعرف والده، أو صديقه، أو جاره، وأحيانا تستعين بمن يعرف زوجته لإنهاء أمر يتعلق بك؟ من الذي تدخل عليه دائما وهو يطالع الصحيفة اليومية ويمرر لك معاملة واردة على احد الصفحات الرياضية أو الفنية؟ من الذي يطلب الأذن للخروج، وأحيانا بلا أذن بشكل شبه يومي ولأعذار متكررة أو متشابهة هروباً من البقاء في مكان واحد؟ من الذي يرفض الحكومة الالكترونية ويراها تتعاكس مع رغباته واتجاهاته إلا إذا كان الأمر متعلقاً بخدمة"الانترنت"؟ من الذي يغلق مكتبه في الحادية عشرة بغرض إنهاء أوراق معينة، وهو ذاته الذي يقلب في شاشة الأسهم صعوداً وهبوطاً فيما المنتظرون تتطابق حالتهم النفسية مع مؤشر السوق، من الذي يؤدي العمل الذي يحتاج إلى ساعة واحدة في أسبوع؟ ولكي أكون منصفاً فأصابع اليدين الواحدة لا تتشابه، هناك موظفون مثاليون ومبهرون لا يمكن أن ينضموا ولو لإجابة سؤال واحد لإيمانهم بدورهم وإحساسهم المتواصل بأنهم موجودون لخدمة الوطن وأهله، لكن أرقام البطالة المقنعة على كراسي الوظيفة الحكومية ستتجه بنا يوماً ما إلى المجهول فيما الوظيفة ذاتها كانت حلماً كبيراً سابقاً بذلت من أجله الشفاعات، والتضحيات، والمجاملات ولكنها لم تكن في مكانها. ما يقلقني كيف سنكون؟ وكيف تكون معايير الكفاءة والتأهيل والانجاز لمؤسساتنا الحكومية في المستقبل القريب؟ وكيف نقتل البيروقراطية التي تعيد كل شيء إلى نقطة الصفر ونحن نسير في طريق تنموي جديد وهائل؟ وليستبدل - القارئ - الإجابة المتشابهة للأسئلة أعلاه بكلمة"عاطل"ويتمعن في الفارق البسيط، ثم يتأكد فعلياً من المعلومة التي تثبت أن نساءنا أطول أعماراً من الرجال لأنهن لا يراجعن بانتظام الدوائر حكومية! [email protected]