ثلاث ضربات متزامنة أصابت الأسر السعودية ? جَبْرا - خلال شهر واحد كانت كافية للتعرف على مستوى معيشى متقلب، فما بين مشتريات رمضان، وكسوة العيد، ومستلزمات المدارس، فضاعت الحسبة الشهرية، وأصبح شهر شوال أطول شهور السنة، لأن المدة الزمنية بين ال20 من رمضان وال25 من شوال، المقدرة ب35 يوماً هي الأطول بين راتبين شهريين، ولكنها الأقسى - منذ زمن - لتزامن الضربات الثلاث، فلم يحدث أن أصبحت بهذا التزامن القاسي عبئاً على راتب واحد... كان المعتاد أن تتزامن كل ضربة مع موعد راتب شهر على حدة، أو أن تتزامن ضربتان مع راتب واحد، وضربتان في الراتب الواحد موجعتان، فكيف بثلاث ضربات في آن واحد، خصوصاً والرابعة في الطريق قربياً، وتتمثل في متطلبات فصل الشتاء؟! أتأمل الحال الاقتصادية عند وقوفي أمام الصراف الآلي في اليوم المحدد للرواتب كل شهر، الشعور الموحد هو أن الجميع متأزم في طابور الانتظار، صاحب السيارة الفارهة، ومن يأتي بسيارته القديمة، أو من اضطرته الحاجة الملحة لأن ينتظر واقفاً على قدميه حتى يتكرم خلوق ويسمح له بالدخول في الطابور، كلهم يعانون وينتظرون ويحسبون، فسألت نفسي: لماذا لا ينتظر البعض يوماً أو يومين حتى يتمكن البسطاء المحتاجون من حل أزمتهم بهذا الراتب المضروب؟ ما شعرت به هو أن الجميع بسطاء، ومحتاجون، فصاحب السيارة الجديدة يعاني قسطاً وديناً وقرضاً قاتلاً، وصاحب السيارة القديمة مؤمن بأن راتبه إذا تكالبت عليه الأقساط والقروض فسيجد نفسه في الشارع هو وأفراد أسرته، ومن يقف على قدميه يحاول قدر ما يستطيع أن يدخر ولو مصروف البنزين! الواقع يقول إن هذه الفترة تعتبر من أقسى الفترات التي تمر بها الأسر، ومع تدهور حالاتها الاقتصادية، فهناك من لم يستطع أن يفي بواحدة من هذه الضروريات الثلاث الموجعة، لأن راتبه لم يتعد رقم الواحد أو الاثنين في خانة الألف، وهناك من يعاني، وقد لا يجرؤ على الخروج نهار العيد بأطفاله، لأنه حسب مسبقاً أن ملبس العيد الماضي يصلح لهذا العيد، رغبة في توفير ما يمكن لشراء الحقيبة والقلم والدفتر وفسحة المدرسة إلى الخامس والعشرين! الكل يُجري العمليات الحسابية الأربع ذهنياً، فلا حاجة لآلة حاسبة لأن الأرقام ليست بالهائلة حتى تحتاج إلى آلة حاسبة، والكل يفكر قبل أن يُقْدِم على شراء مستلزم ما ويطرح أسئلة من نوع: هل يصلح لأكثر من مناسبة؟ وهل يمكن الاحتفاظ به مدة أطول؟ وهل هو مرتبط بتاريخ انتهاء؟ لي صديق اتخذ في الأيام الماضية قراره النهائي بأن يظل عازباً مدى العمر، مبرراً ذلك بعدم قدرته على توفير نفقة أطفال صغار مع أم مسكينة لا تملك حيلاً ولا قوة، والألم المقبل أن تأتي أول حصة دراسية بالسؤال الأكثر جرحاً للطلاب والطالبات في مثل هذه الأزمة: أين قضيت الإجازة؟ وكأن من يسأل لا يفكر ولم يتعايش مع هذه الظروف الصعبة أو لم يمر بها! ألا يمكن التصديق بأن هناك - أمام السائل - على المقعد الدراسي من يحمل قلماً متآكلاً، ودفتراً ممزق الأوراق، احتفظت به أم مسكينة حين تنبأت بمستقبل غير مطمئن لأسرتها البسيطة، ورسمت حياتها وحياة أسرتها بأمثلة من وزن"احفظ قلمك الأبيض ليومك الأسود"، و"المعيشة قسمة ونصيب"، وكأني بها تجيب - سراً ? عن سؤال ابنها حين عجز عن إجابة السؤال، آهٍ قضينا الإجازة بين جدران أربعة وعلى وجبة واحدة! Al-qassmi@hotmail.com