تشابه ملفت بين مناطق رالي داكار في الأرجنتينوتشيلي ومثيلتها الأفريقية التي اعتاد متتبعو السباق على مشاهدتها ومعاينتها، ما يجعل بالتالي"الانتقال"الى أميركا الجنوبية بمثابة إكتشاف مثير لا يُبدّل في المعالم كثيراً، بل يُبقي خصائص لطالما إشتهر بها هذا السباق. وفي حين يجهد المنظمون لإنجاز كتيب الطريق المتضمن المسارات ومواقعها، فإن الكشف الأول عن الرحلة الطويلة المقررة من 13 الى 18 كانون الثاني يناير المقبل، تثير حماسة 550 متسابقاً وطاقماً تقنياً لفرق السيارات والشاحنات والدراجات النارية.ويؤكد المدير الرياضي للرالي دافيد كاستيرا ان المناطق المختارة تشبه الى حدّ عجيب"مسالك أفريقيا"،"فمناطق فنيبالا في مقاطعة كاتاماركا الأرجنتينية هي الصحراء الموريتانية. تلال بيضاء، هواء ينثر الرمال ومنازل متفرقة... والمشهد يتكرر في كوبيابو في شمال تشيلي، جمال ترعى عشباً صحراوياً ينبت على مساحات صغيرة، ويسمى"توموكوس"... باختصار، أميركا الجنوبية بعيدة من أفريقيا، الأسماء تختلف لكن الصعوبات المتوقعة هي عينها". هناك سهول مليئة بالأفخاخ، حجارة كبيرة بالكاد تظهر مغطاة برمال تنثرها الرياح، مطبات وحفر تختبئ خلف شجيرات تعلو بمشقة عن الأرض... لكن الجديد هو وديان سحيقة، الى مناظر غير مألوفة على المشاركين الاستمتاع بها، لكن حذار نسيان أجواء المنافسة والاسترخاء. في كوبيابو التشيلية شمال"يُدشّن"الدخول الى صحراء آتاكاما وبلوغ قمة جبل رملي، حيث في الإمكان رؤية المحيط الهادئ من جهة، وسلسلة جبال الأنديز الرابضة على الجهة المقابلة. سيارات ستجتاز رمالاً بيضاء، انه اللون الذي يشكل جزءاً أساسياً من مظاهر الاختلاف بين المسار"الأميركي اللاتيني"و"الافريقي".وسيستمتع المتسابقون بالقيادة على طرق متعرّجة تتلوى صعودا،ً ما يجعل كاستيرا يؤكد أن السباق سيكون قاسياً جداً. يقال ان تغييراً في المكان وتحديداً في القارة، يعني تغييراً في مشاهد الطبيعة والمناخ، وحتى في طباع السكان. في أفريقيا مراحل بكاملها طرقها من الحصى أو الرمال. مزيج من كل شيء في مرحلة واحدة ما يعني توازناً. والأمر ذاته سيتكرر في الأرجنتينوتشيلي مضاف اليه هضاب وكثبان رملية لونها مائل الى الرمادي، أي أنها أقدم جيولوجياً من نظيرتها الأفريقية. في المسار الأميركي مراحل على ارتفاع 3 آلاف عن سطح البحر، ما يحتّم على"المتبارين"ركلجة مختلفة ودقيقة لمحركات سياراتهم، ومع الأخذ في الاعتبار ان الحرارة قد تبلغ 45 درجة مئوية، فضلاً عن الحرص والتنبّه الى المسالك المُعتمدة، وخشية"التيه"بعيداً من طرق السلامة المؤدية الى نقاط المراقبة وخطوط الإمداد. غير أن المغامرة الأميركية الجنوبية ستحفل من دون شك بحفاوة شعبية باعتبار ان المناطق المختارة تشهد باستمرار أنشطة للراليات والسباقات خصوصاً في عطلات نهاية الأسبوع. ومن رواد تنظيمها، تيزيانو سيفيرو ملاّح الإيطالي ماسيمو بيازيون بطل العالم للراليات عام 1988 و1989. وهو إستقر في الأرجنتين منذ عشرة أعوام، وساعد أخيراً في"رسم"مسار رالي داكار الأميركي الجنوبي. ويلفت سيفيرو الى"بور لاس بامباس"رالي ريد شهير يُقام على مسار بين تشيليوالأرجنتين، ويشكّل جولة من كأس العالم لهذه الفئة،"لذا ستزحف حشود لمتابعة المنافسة خلال مراحل داكار 2009. والجميع هنا يهوى التحدّث عن الرياضة الميكانيكية، وبالتالي فإن مشاهدة سيارات سوبر مجهزة بمثابة حلم لهم". وهكذا بين شعبية السباقات وسحر الطبيعة ووعورتها وصعوبة المراحل، لن يندم المشاركون والمنظمون على تكبّدهم مشقات السفر الطويل لبلوغ"خط الرالي الجديد"في تشيليوالأرجنتين.