من واقع المشاهدة بما يكون في مجالس القضاء في محاكمنا أجد أن المرافعة لا تخرج عن إطارين هما: الإطار الأول: المرافعة المرتجلة. الإطار الثاني: المرافعة المعدة إعداداً سابقاً. ولكل من الإطارين ايجابياته وسلبياته، فالمرافعة المرتجلة إما أن يسبقها إلمام تام بعناصر القضية فتكون ذات واقع عاطفي كبير يستحوذ على نفسية القاضي، وإما أن تجد المترافع ينتظر ما يدلي به خصمه حتى يبادره بالرد من واقع الإلمام القانوني السابق أو مجرد تجارب اكتسبها من كثرة حضوره مجالس الحكم، إما مترافعاً، وإما مستمعاً، وإما موظفاً لدى المحكمة، وهذه الحالة مآلها إلى الفشل لاحتمال وجود قصور بل تناقض في المرافعة، لأنه لا يعلم بشكل القضية أو موضوعها أو إجراءاتها، وهذه الفئة تمثل أحد أسباب إطالة أمد القضية. والذي أرى أن المحامي ينبغي أن يتجه إلى الإطار الثاني وهو المرافعة المعدة إعداداً مسبقاً لأن هذا الإطار يعمل على تركيز الأفكار وتنسيقها بطريقة هندسية، فضلاً عن إحاطتها الكاملة بجوانب الموضوع، وقد يتجلى هذا الأمر بأهمية القضايا الجنائية، لأنه يعمق البحث القانوني والشرعي اللازم من أجل سلامة الشريعة والقانون. ولا يعني اتجاهي إلى هذا الإطار أن أغفل المرافعة المرتجلة، بل ينبغي أن يدعم المحامي مرافعته الكتابية بالارتجال المصاحب لحمية العاطفة وحرارة الانفعال، وقد عبر البعض عن المحامي المترافع بأنه يحتفظ بالعقل منطوقاً في ثنايا العاطفة حتى يدفع في العقل قوة العاطفة. [email protected]