الإعلام الرياضي يكاد يتسيد الساحة كلها ويجعل أنواع الإعلام الأخرى تخرج من التنافس مبكراً، فالرياضة تسرقك من كل شيء، وكثيراً ما نجد السياسيين وأصحاب القرار يهربون من أزماتهم إلى مباراة كرة ينسون فيها كل أوجاعهم ويمارسون الفرح الحقيقي من دون تكلف. وداخل الإعلام الرياضي، هناك تنافس جميل ومتقد بين الوسائل الإعلامية، تختلف آلياته وتتعدد مشاربه وأفكاره، والصفحات الرياضية لا تزال تركض ومعها سنون الخبرة، هي تجيد إشعال الأمور وتجيد إطفاءها أيضاً، تحرك الراكد، وتسكن المتحرك، تؤجج الجماهير وتوجه القرار، تتعدد الأجيال وتبقى الصفحة الرياضية في الصحيفة هي الشريان الأساسي في المطبوعة. قد تتغير المهنية بين طرف وآخر وقد تمرض أحياناً لكنها لا تموت! وتأتي المجلات الرياضية أقل الوسائل إثارة وتميزاً، خصوصاً في الساحة المحلية ونرى في الآونة الأخيرة توجهاً نحو المجلات الأجنبية باللغة العربية والتركيز على الرياضة العالمية التي تحفظ للمجلات بقاءها على قيد الحياة، فالصورة هنا هي البطل وهي الأهم بالنسبة إلى مقتني المجلات. أما القنوات الفضائية فهي الحوت الأكبر فلا أحد ينافس تسارعها ولا استثماراتها، بل إنها أصبحت رغبة كل رياضي أو صحافي للولوج في عالمها، وأصبح الصحافيون مذيعين كما أصبح المذيعون صحافيين، لذا أصبحت الشاشة وكأنها صفحة تتحرك هنا وهناك. أما برامج الإذاعة الرياضية فتسمع بالمعيدي خير من أن تراه، ويبدو أنها في النزع الأخير لها، وأظن أن القائمين على هيكل البرنامج الإذاعي لا يروا للرياضة ذاك الحضور اللافت باستثناء أخبار المباريات فقط. المنافس الجديد في الوسائل هو الجوال، ذلك الصغير المقبل بقوة يختصر الزمان والمكان ويمنحك الحدث في حينه، من دون الخوض في تفاصيل تسكنها كل الشياطين، ويتم الآن استثماره في كل شيء أندية ولاعبين بل وحتى صحف وبرامج رياضية، الكل يلهث لأجل ان تصل المعلومة للقارئ والمشاهد في أسرع صورة. الإعلام الرياضي مجاله خصب ويوماً بعد يوم تتنوع آلياته ولا يتوقف إبداعه ولا تجلياته، بل ويزداد التعاون بين جنباته لأجل إيجاد منظومة إبداع متكاملة، ومهما تعددت مشارب الإعلام الرياضي فإن الأساس فيه هو الإنسان المبدع، الذي يعد ويقدم ويخرج ويفكر، من غير الإنسان لن يصلح حال شيء، والرياضة إبداعها مبتدأه إنسان واع ملتزم ملم بما حوله قادر على صنع شيء يستحق.