لم تقتصر حمى الغلاء على المواد الغذائية في السعودية، إذ امتدت لتشمل القهوة العربية، ما دفع عدداً من المستثمرين والعاملين في نشاط المقاهي إلى رفع الأسعار أكثر من 30 في المئة، بسبب ارتفاع كلفة المواد الاستهلاكية المستوردة مثل البن والسكر والنكهات بمختلف أنواعها، إضافة إلى الماكينات والأجهزة المستخدمة في صناعة القهوة والمشروبات الأخرى على حد قولهم. وقال هؤلاء في تصريحات إلى"الحياة"إن ارتفاع الأسعار بعكس ما هو موجود في قوائم الأسعار في بعض المقاهي، يعود إلى أن تلك القوائم قديمة، وهناك تكاليف كبيرة في حال طباعتها وفق الأسعار الحالية فإنها ستلحق الخسائر بهذه المقاهي، وهذا ما جعل كثيراً من الزبائن في تلك المقاهي يحتجون بسبب تباين الأسعار. وقال المستثمر في مجال المقاهي ابراهيم الشبيلي ل"الحياة":"إن ارتفاع الأسعار طبيعي، خصوصاً أننا نعيش في منظومة عالمية، وتأثرت محال الكافي مثل غيرها من الأنشطة بارتفاع أسعار مختلف المواد الاستهلاكية التي تدخل في صناعة تلك المنتجات المقدمة في المقاهي". ولفت إلى أن كثيراً من الزبائن لا يعرف أن كل منتج له نكهات ومتطلبات لها أسعار مضافة على المنتج في حال طلب الزبون لها، ما يرفع السعر بشكل كبير على المستهلك. وتوقع ان يشهد العام الحالي ارتفاعات أخرى، كما من المتوقع أن يخرج من السوق أكثر من 20 في المئة من المستثمرين في هذا القطاع، نتيجة الارتفاعات الكبيرة في الأسعار وعدم وجود الخبرات الجيدة التي تقدم منتجات ذات جودة عالية قد لا يميز جودتها الا الأشخاص الذين يمتلكون مزاجاً راقياً، أو لديهم خبرات سابقة في تذوق تلك المنتجات. وأوضح أنه من المتوقع أن يشهد هذا القطاع توسعاً في أعمال الشركات المتخصصة فيه، خصوصاً أنها تعمل وفق دراسات جيدة وخلطات عالمية مميزة من الصعوبة تقليدها من أصحاب المحال ذات الخبرة المحدودة. وبيّن الشبيلي أنه في الوقت الحاضر لم يعد يركز فقط على تقديم المنتج، ولكن أصبح كثيرون يركزون على الخدمات الملحقة بالمقهى مثل الانترنت، والقنوات التلفزيونية المرغوبة والهادفة، وإيجاد صالات لكبار الشخصيات والعملاء الخاصين، لافتاً إلى تخطيطه لتأسيس صالة ملحقة بالمقهى مخصصة لرجال الأعمال من خلال عضوية محددة، تستخدم للاجتماعات وغيرها من المتطلبات الاخرى. من جهته، قال المستثمر خالد أبو حيمد إن الأسعار شهدت ارتفاعات كبيرة خلال العام الماضي وبداية العام الحالي، لافتاً إلى أن المواد المستخدمة في صناعة جميع المنتجات المقدمة في المقاهي مرتفعة عالمياً، وهذا بدوره اثر في اسعار منتجات محال"الكافي". وبين أن كثيراً من قوائم الاسعار الموجودة في المقاهي لا تزال أسعارها قديمة قبل الارتفاعات، وكثيراً من المقاهي لم يجدد طباعتها نظراً إلى ارتفاع كلفتها، ما سيلحق خسائر بتلك المقاهي، مؤكداً أن الكثير من الزبائن يتذمرون من ذلك. وذكر أبو حيمد أن كلفة القهوة وملحقاتها ارتفعت في الآونة الأخيرة بنسب تتراوح بين 15 و30 في المئة وفقاً للصنف المستخدم، إضافة إلى زيادة كلفة المواد الاستهلاكية المضافة المستخدمة في صناعة القهوة كالسكر ونكهات القهوة وغيرها، نافياً أن يكون رفع الأسعار عشوائياً كما يتوقع الزبائن. وأكد أن ارتفاع كلفة الإنتاج وبالتالي الأسعار لم يؤثر في حركة ارتياد الزبائن لتلك المقاهي، نظراً إلى شدّة المنافسة القائمة في السوق، خصوصاً أن تأسيس المقهى الواحد يكلف أكثر من ربع مليون ريال. من جهته، قال محمد سالم عامل في أحد المقاهي، إن الارتفاعات في الأسعار بدأت منذ شهر رمضان الماضي، ومن المتوقع أن تتجاوز 100 في المئة خلال العام الحالي، مشيراً إلى أن بعض الأسعار المدرجة في القوائم الموجودة في المقاهي قديمة، ولم تعمل تلك المقاهي على تجديدها وفق الاسعار الحالية، ما جعل الكثير من الزبائن يعتقد أننا نستغلهم، وهذا ليس صحيحاً، خصوصاً ان الزيادة في الاسعار تأتي من خلال الادارة المشرفة على المقهى. ويأتي ذلك في وقت تشير فيه دراسات اقتصادية غير رسمية إلى أن نشاط محال الكوفي شوب يشهد نمواً مستمراً منذ خمس سنوات، إذ يقدر حجم سوقها في المملكة بأكثر من 15 بليون ريال، وتشهد السوق تنافساً كبيراً بين الشركات المحلية والعالمية منها الإيطالية والأميركية والعربية، من خلال فروعها المنتشرة في مختلف المدن. واكدت الاحصاءات أن عدد مقاهي الكافي شوب في مدينة الرياض فقط يبلغ نحو 1200 مقهى باستثمارات تأسيس فقط تتجاوز 500 مليون ريال.