ناشد التشكيلي طه الصبان المسؤولين في مدينة جدة، الاهتمام بتجميل المدينة، وتنسيقها، من خلال الأعمال الفنية الميدانية، والمحافظة على ما تبقى من الأعمال التي شيدت من قبل، واحتواء الفنانين الذي قدموا أعمالاً، أو من يودون المشاركة بأعمالهم في عملية التجميل، بدلاً من تهميشهم. وأكد الصبان أنه في حال دعوة الفنانين للمشاركة، سيلبي الجميع من دون تردد، واستدرك بأن أية مسألة تتعلق بالفن التشكيلي لا بد من درسها دراسة متأنية، وتوفير الدعم المعنوي والمادي لها، ضارباً المثل بأول لجنة فنية تم تكوينها للمحافظة على الأعمال الجمالية في جدة، إبان فترة الأمين السابق عبدالله المعلمي، وقال:"إلى الآن لم نسمع شيئاً عنها، وعن نتائجها، وبماذا خرجت؟!"، وأضاف:"وعلى العكس فإن أعمال الفنانين، إما أزيحت من أماكنها، وإما أتلفت، بسبب عدم التخطيط والدراسة الاستراتيجية للمحافظة عليها"، مشيراً إلى أن ذلك يسبب إحباطاً للفنانين. وأوضح الصبان أنه قام بالتعاون مع الفنان ربيع الأخرس بعمل دراسة لممشى طريق الأمير فيصل بن فهد، ونفذت الدراسة لمدة سنة، وزاد:"بدأنا نخطط لوضع أعمال جمالية، وبالفعل نفذت أنا أول عمل كهدية مني، ونفذت الفنانة شاليمار شربتلي أول عمل يوضع لفنانة سعودية في مدينة جدة"، ذاكراً أنه سعى لدى بعض الفنانين، الذين قدموا أعمالهم أيضاً كهدية لأمانة مدينة جدة، معبراً عن أسفه لعدم وجود التقدير الذي يشجع على الاستمرار، إضافة إلى التشويه والإهمال الذي لحق بهذه الأعمال. ودعا الصبان أيضاً إلى إقامة كلية خاصة بالفنون، ومراسم حرة تتيح الفرصة للموهوبين ومتذوقي الفن، لممارسة العملية الإبداعية، وتفريغ طاقاتهم الفنية تحت رعاية ذوي الخبرة، مركزاً على أهمية وجود مناهج تعليمية تختص بالفن التشكيلي، للتأسيس للحركة التشكيلية في المملكة. وعرج الفنان طه الصبان على بداياته في مدارس"سبع القصور النموذجية"، وفي الصف الرابع من المرحلة الابتدائية، إذ كانت الموهبة تتحرك داخله، وكان مدرس الرسم يهتم به كثيراً، وأكد أن المكتشف الحقيقي للطالب هو المعلم عموماً، ومعلم التربية الفنية خصوصاً، الذي تقع على عاتقه مسؤولية التركيز على الموهوبين، أما استمرارهم فيرجع إلى أسرهم، والمجتمع الذي يعيشون فيه. وحول معرضه الأخير الذي أقيم في"أتيليه جدة"، أوضح الصبان أنه من عشّاق العمارة القديمة، والإنسان الذي عاش داخل هذه العمارة، وأضاف:"لو بحثت في أعمالي لوجدتها تنعكس من خلال الإنسان الذي صنع الحضارة"، وبيّن أنه يحاول لفت انتباه المجتمع إلى"أن ماضينا يجب الحفاظ عليه"، منبهاً إلى أن المدن التراثية تنتهي تدريجياً، ويجب الحفاظ عليها. متفقاً مع المقولة التي ترى أن المبدع ابن بيئته، إذ لا يمكن أن يخرج من عباءته، إلا أنه يرى أن الفنان يجب أن يعكس تأثره بالبيئة، بأسلوب يتلاءم مع شخصيته الفنية، وصدقه في طرحها وتناولها. وبشأن الكتاب الذي ألفه الفنان والناقد التشكيلي الدكتور عمران القيسي عن فن طه الصبان، أوضح أنه تعرف على القيسي في عام 2000، في معرض اليونيسكو في لبنان، وبعد اندهاشه مما رآه من لوحات قادمة من السعودية لم يعرفها من قبل، طلب أن يؤلف كتاباً عن فنه، وبدأ فعلاً بزيارته في جدة، واطلع على الحركة التشكيلية السعودية، وجمع كل ما يخص طه الصبان، وقال:"قمت بتمويله وطباعته، ولم أتدخل نهائياً في قراءته النقدية"، ويرى الصبان أن حضور المعارض التشكيلية يعد حالياً جيداً إلى حد ما، مستشهداً بمقولة"الفراشة تأتي إلى الضوء". وذكر الصبان أن صاحب فكرة"بيت التشكيليين"هو الدكتور محمد سعيد فارسي، منوهاً بأنه تبرع لها بكل وقته وماله، متذكراً عبدالمقصود خوجة، عبدالرؤوف خليل، عبدالله دحلان، سامي عنقاوي، عيسى عنقاوي، وغيرهم، مرجعاً إليهم الفضل في إنشاء بيت التشكيليين بجهود ذاتية. فيما وجه نصيحة للتشكيليين المبتدئين بألا يكونوا على عجلة من فنّهم، وأن يصبروا ويقدموا الفن الجميل بتأن وعمق، مؤكداً أن من يُخلص في عمله سيصل إلى ما يطمح إليه. وحول ما تعنيه له مدينة جدة، أفاد بأنها مدينة العشق والجمال، وأنها في قلب كل فنان، عازفاً أم شاعراً أم موسيقياً أم تشكيلياً كان، متمنياً أن تكون جدة عاصمة للفنون في أنحاء المعمورة يوماً ما. لافتاً إلى أنه ابن مكة، وقال:"أعيش فيها، حتى إن كنت غائباً عنها جسدياً، وما زلت أحلم بكل شوارعها القديمة وزواياها وحاراتها ومجتمعاتها".