"عادل الكلباني"... هاتان الكلمتان تكفيان للتعريف بالمتربع على عرش"النجومية"في قراءة القرآن بالرياض على مدى ربع قرن من جامع الملك خالد في أم الحمام غربي العاصمة، بصوته الندي، الذي لا يزيد مع تقدم العمر إلا عذوبة وصدى. لكن المغرمين بآي الكتاب العزيز، وهي تتسابق طوع حنجرته، لا بد من أن معظمهم يجهل الكثير عن الشيخ الجليل. فهو ليس قارئاً فحسب، بل داعية، لم يجد حرجاً في التصريح بأنه كان متشدداً وعاد إلى الصراط المستقيم مجدداً، بعد أن اقتنع ? كما يقول عن نفسه - بأن الناس لا يمكن حملهم على الشديد من الدين أجمعين. وعندما كانت الساحة تمتلئ ضجيجاً عن القتال وأفغانستان والكرامات والجهاد، نفى الداعية أن يكون الجبن الذي خلفه عن قصد أفغانستان، بل مشاغل الدنيا، التي ما أفلحت في إلهائه عن دعم المجاهدين آنذاك"لوجستياً"كما يقر،"معنوياً وخطابياً ومادياً". وهو إن تأسف على عدم المشاركة مقاتلاً، إلا أنه لقي القيادات الجهادية التي قال إن أبرزها أسامة بن لادن الذي كان صديقاً له قبل أن يحرفه أيمن الظواهري عن الطريق. غير أنه يسجل أن ابن لادن حتى قبل أن يسلك نهج التكفير كان مسكوناً بكرهٍ شديد لأميركا! أما رأيه في الدعاة النجوم، فانتقد ظهورهم في قنوات غير إسلامية، وشنّع عليهم أخذ مقابل على برامج يقدمونها في الإسلامية، معتبراً أخذ الأجر على الدعوة إلى الله إيذاناً بمحق بركتها! ولم يتردد الداعية الذي فاخر بأنه يزاوج بين اللين والشدة في الحق، في الإقرار بأن ضريبة النجومية، مطاردة أهلها بالإشاعات والنساء المعجبات. وعلى رغم نصحه الدعاة بالكف عن التعدد لضيق وقتهم إلا أنه كشف عن تمسكه بزوجتين، وتأييده"المسيار"بشروط! وبالنسبة إلى حلم إمامة أحد الحرمين الذي يخيم على أذهان كل قراء المملكة، فإن الكلباني نفى أن يكون هذا هاجسه أو طموحه أو حلمه، وهناك قضايا أخرى كانت جزءاً من حوارنا مع القارئ والداعية الكلباني في نص الدردشة الآتية: في البداية... من هو عادل الكلباني؟ فكل الذي يعرفه معظم الأوساط عنك، أنك أحد بلابل القرآن فحسب؟ - أنا من مواليد الرياض عام 1378ه، نشأت نشأة عادية ليس فيها أي شيء من التميز. درست"الابتدائية"في مدرسة سعيد بن جبير، و"المتوسطة"في ابن زيدون، والثانوية في اليمامة، وكان من أبرز من درّسوني في هذه المرحلة الشيخ عبدالرحمن الفارس، ولا أتذكر مشهوراً من أساتذتي غيره. بعد"الثانوية"درست في اكثر من تخصص، درست في كلية العلوم قسم علم الحيوان فصلاً، ثم تركت الدراسة وعملت في"الخطوط السعودية"ست سنوات في قسم التجهيز، وفي أثناء العمل درست فصلاً في كلية التربية في جامعة الملك سعود، وبعد تركي ل"الخطوط"درست فصلاً في كلية الدعوة، ثم أصبحت إماماً لجامع الملك خالد في المطار لمدة عام، ومنذ ذلك الوقت وأنا متفرغ للإمامة. لماذا لم تكمل الدراسة في كلية الدعوة؟ - لفلسفة أو نظرية شخصية وهي أن"الناس لا تقدرك لشخصك، وإنما تقدرك لمنصبك"ففكرت في كيفية صنع مجد شخصي لا علاقة له بالألقاب، ورأيت أنه من الممكن اكتساب علوم ومعارف كثيرة من دون التقيد بالكلية! هل ترى أن الإمامة وظيفة تحتاج إلى التفرغ الكلي لها حقاً؟ - نعم، لأن هناك رسالة دعوية تنطلق من هذا المسجد، ومن يوصّل هذه الرسالة لا بد من أن يكون متفرغاً لها، وهذا ما تعلمته من أحد مشايخي في كلية الدعوة الذي كان يقول: إن مشكلتنا إعطاء الإسلام والدعوة جزءاً من وقتنا واهتمامنا. إذاً، أنت مع التيار الذي يرى أنه يجب تفرغ الأئمة لوظائفهم حتى يؤدوا الرسالة الحقيقية للمسجد؟ - لا نقول كل الأئمة، ولكن بعض الأئمة خصوصاً في المدن الكبيرة كالرياض. كنت إماماً في جامع الملك خالد في المطار... هل كنت إماماً لجميع الصلوات؟ - لا، كنت أتناوب على الإمامة مع زميل لي اسمه عمر الحركان، لأن سكني كان بعيداً عن المطار فكان يصلي هو فرضي الظهر والعصر وأنا بقية الفروض. ومتى بدأ نجم الشيخ عادل الكلباني يسطع؟ - بدأ في جامع صلاح الدين، فقد كان يمتلئ بالمصلين، ما دفعني إلى السعي في توسعته، قبل أن أنتقل إلى جامع الملك خالد في أم الحمام. على أي أساس تم اختيارك لإمامة جامع الملك خالد؟ - لا أعلم على أي أساس تم اختياري، أما قصة قربي من أبناء الملك خالد جزاهم الله خيرا وسددهم، فهي إشاعة من ضمن الإشاعات، لأنني لا أعرفهم، ولكن فيما أعتقد أن ترشيحي كان من أحد المقربين منهم، فأنا قدمت أوراقي وتمت الموافقة عليّ في الوقت نفسه الذي رفض فيه جامع الأمير محمد بن عبدالعزيز أوراقي. كنت في بداية عملك في جامع الملك خالد في أم الحمام، إماماً وخطيباً... هل تذكر عماذا كانت أول خطبة لك؟ - أول خطبة لي كانت مشتقة من خطب الشيخ الخياط، وقرأتها كما هي من دون أي تغيير، ثم بدأت أزيد فيها وأنقص بعد أن زالت رهبة المنبر، بعد ذلك بدأت بصياغة خطبي بنفسي واستفدت كثيراً في هذا من خطب الشيخ ابن عثيمين، والفوزان وغيرهما من العلماء. بل أنت قف وتأمل! وهل لتوقفك عن الخطابة قصة؟ - نعم، لها قصة لا تخلو من طرفة، ففي قمة هيجان الصحوة ألقيت محاضرة في حوطة سدير، كان عنوانها:"قف وتأمل". ولكن بعد أن أكملتها منعت من الخطابة، وقيل لي: بل أنت قف وتأمل! وسمعت المحاضرة بعد ذلك ولم أجد فيها شيئاً وعرضتها على الشيخ ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله وابن جبرين الذي علق بكلمتين فقال:"انه صحيح لكنه صريح"، والشيخ حمود التويجري رحمه الله قال لا يوجد فيها شيء البتة، والشيخ ابن باز نقدني في كلمة واحدة في الشريط وهي قولي عن العلماء"من مدّ يده لا يمد رجله، ومن مد رجله لا يمد يده"، وهي قصة ليست من اختراعي، ولكنها موجودة في التاريخ، ولكن ما لم يفهم من محاضرتي مع محاولتي إظهاره هو عدم حصر الإسلام في السعودية فإذا تكلمت عن الدين والعلماء فكأنك تكلمت عن السعودية. ولكن الشيخ ابن باز رحمه الله شفع لي عند أمير"الرياض"الأمير سلمان، فعدت إماماً، ومُنعت من الخطابة، إلى أن فُك الحظر قبل سنتين. هناك اتفاق على أن الخطاب الديني في ذلك الوقت كان فيه شيء من الحدة... فما رأيك؟ هل ترى هذا النوع من الخطاب موضوعياً؟ - أنا أرى أن الخطاب في ذلك الوقت كان مناسباً لحال الأمة، التي كانت تحث على الجهاد في البوسنة والهرسك، والشيشان وغيرها، ولكثرة مصائب الأمة في ذلك الوقت وتتابعها كان لا بد من خطاب كهذا، لخلق نوع من التوازن. ألم تذهب إلى أفغانستان أو البوسنة أو الشيشان للجهاد؟ - لا، للأسف لم أنل ذلك الشرف. لماذا لم تذهب ما دمت تتأسف... هل تخلفت جبناً؟ - ليس خوفاً ولا جبناً، ولكني كنت مشغولاً في ذلك الوقت برسالتي الدعوية، وكنت أدعم بكل ما لديّ، مالياً ومعنوياً وخطابياً، وذهبت ضمن وفد لمحاولة الإصلاح عندما انتهت المعارك وبدأ الخلاف حول تسلم السلطة. ومَنْ قابلت من القيادات في ذلك الوقت... مثل عبدالله عزام وأسامة بن لادن؟ - الشيخ عبدالله عزام قابلته هنا في الرياض، أما أسامة بن لادن فقابلته هنا وهناك، وكان صديقاً في تلك الفترة حين كان همه الجهاد بالفعل، ولكن يبدو أن من أثر فيه هو اختلاطه بأيمن الظواهري في تلك الأيام. ما الذي كان يربطكم في تلك الأيام ... وما الذي كان يشغل همه؟ - كان همه منصرفاً إلى الجهاد في أفغانستان، ومشحون بكره شديد للأميركيين، الذين يحمل لهم حتى في ذلك الوقت عداءً خاصاً، أما شخصيته فقد كان هادئاً، يرفض رفضاً مطلقاً الحديث عن الحكام في ذلك الوقت. ألم تحاول أن تتصل به بعد أن تغير؟ - لم يكن بيني وبينه اتصالات، لا الآن ولا في ذلك الوقت، وإنما كانت مجرد لقاءات عند بعض الإخوان يجري فيها بعض المناقشات الصريحة. الجهاد المزور عندما انحرف الجهاد إلى حرب إرهابية داخل المملكة... ماذا كان موقفكم وموقف من كان يساند الجهاد في ذلك الوقت؟ - أعرف مجاهدين ممن جاهد في أوائل الجهاد وكان له قدم صدق هناك، والآن هو هم أعضاء فاعلون ومؤثرون في المجتمع ولله الحمد. أما المنحرفون فإنهم لا يعرفون الفرق بين الجهاد الذي هو مقاتلة العدو ونصرة دين الله وركن الإسلام الذي لا خلاف عليه بإجماع العلماء، وبين الجهاد المزور الموجه إلى صدور المسلمين، وأموالهم، وأعراضهم، لأن جهاد المسلمين يكون بنصحهم، ووعظهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا بقتلهم والتنكيل بهم، وهذه مشكلة الجيل الأخير الذي يذهب إلى الجهاد من دون أن يكون لديه أي وعي أو فكر صحيح. هنالك من يقول، خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر أن الخطاب الذي كنت تراه مناسباً في ذلك الوقت هو الرحم الذي خرج منه الإرهاب الذي تدينه؟ - قد يكون هناك تجاوزات في بعضه، وهذا لا شك فيه، ولكن في نظري أكبر خطأ وقع فيه ذلك الخطاب هو جعل الحياة لا قيمة لها، وكأننا خُلقنا لنموت. هل كنت من أنصار ذلك الخطاب؟ - لا، لم أكن من أنصاره، ولكني في الحقيقة كنت من أنصار التشدد، وأرى أن الدين لا يكون باللين والتيسير على الناس، وتبين لي بعد كثرة اطلاع على مذاهب أخرى، سواء فقهية أو فكرية أنني كنت على خطأ جسيم، ولا يعني هذا الانفتاح من دون قيد أو شرط، ولكن عرض الشريعة كما هي بما فيها من تسهيل وتشديد من دون أي تدخل. إذاً، أنت شافعي أم الحمام، لك مذهب قديم وجديد... ولكن أيهما اكثر نفعاً في نظرك شخصية الشيخ عادل القديمة أم الجديدة؟ - في الحقيقة أنا ندمت على أكثر القديم، حتى أنني سمعت خطبة من خطبي القديمة فتعجبت مما سمعت كثيراً، وقلت في نفسي ما كان ينبغي أن أقول ذلك، ولكن قد يكون لنا بعض العذر في ذلك، لأن الجو المحيط بنا كان على المنهج نفسه. بعد أحداث 11 سبتمبر وُصِفت بأنك تكفر بعهدك الدعوي القديم؟ - كلا، الحمد لله أنا ما زلت شديداً في الحق، ولا زلت متمسكاً به، ولكن بدأت أعذر الناس، لأننا في ذلك الوقت كنا نظن انه من الواجب أخذ الناس بالعزائم، ثم أدركت بعد حين انه ليس بإمكان كل الأمة أن تكون من أهل العزائم. هل ساءت علاقتك مع دعاة تلك الصحوة؟ وهل تصنف نفسك داعية صحوياً؟ - لا، لم تسؤ، بل على العكس ما زالت علاقتي بهم جميلة ولله الحمد. وبالنسبة إلي لا أصنف نفسي شيئاً، أنا حريص على السنة قديماً وحديثاً، وأبحث عنها وألتزمها، وهذا ما أدين به الله عز وجل. هل تربطك علاقة شخصية بأي من الدعاة المشهورين؟ - لا أحد تربطني به علاقة شخصية. إمامة الحرم ليست طموحي! الحرم طموح أي قارئ، فماذا بالنسبة لك؟ - الحرم ليس طموحي لأني لن أمنح فيه صلاحيات كما أجدها في مسجدي هذا ولا استقراراً من حيث من سيصلي بالناس أنت أم غيرك، وإذا عينت إماماً فهل ستبقى أم سترحل مثل الشيخ محمد أيوب وإبراهيم الأخضر وعبدالباري الثبيتي كلهم افتقدوا الاستقرار، لكن لو طلب مني أن أصلي بالناس التراويح خصوصاً في العشر الأواخر فلن أتردد أبداً فهذه منقبة عظيمة. أنت الآن نجم، فكيف وجدت حياة النجومية؟ - هي حياة فيها شيء من المعاناة، خصوصاً أنها تتطلب منك أن تكون في مظهر لائق طوال الوقت، فلا تأخذ حريتك سواء في الملبس أو الحركة، ولكن في الوقت ذاته ممتعة لان كثيراً من الناس يحبونك ويدعون لك، فقد تكون أحد أسباب هدايتهم أو عودتهم إلى الله وهذا من المبشرات، ونوع من الراحة بأن تكون مطمئناً إلى انك لو مت في يوم من الأيام فستجد من يذكرك ويترحم عليك. هل أنت متزوج من امرأة واحدة؟ لا، من اثنتين، مع أني لا أنصح بالتعدد للداعية، وأشعر أنني ظالم لزوجتي، فأنا قليل الجلوس، كثير السفر. وما رأيك في المسيار؟ - يصلح، ولكن في ظروف معينة. من المشهور أن نجوم الفن من النساء والرجال محاطون بمعجبين ومعجبات كثيرين، فكيف بكم معشر الدعاة... وأصدقني القول؟ - ليس سراً أن اتصالات المعجبات من النساء العارضات للزواج علي كثيرة. ولكن الإشاعات أكثر ما يحاصرني، فكما شاهدت قبل قليل اتصل بي أحد الزملاء، وقال إنني قرأت في الانترنت أنك انتقلت إلى رحمة ربك! مسجدك، لكم يتسع من المصلين؟ - يتسع ل 8 آلاف مصل، في الداخل والخارج.