} هل الاستشعار عن بُعد في معرفة ظهور الهلال بمعنى مولد الهلال معتبر في بداية الشهر القمري أم لا؟ أم لا بد من الرؤية البصرية للهلال في اعتباره بداية الشهر؟ مع ذكر الأدلة على ذلك. ملاحظة: بعد معرفة مولد الهلال بالتحديد كم يلزم من الوقت لظهوره حقيقة؟ وهل من الفقهاء من اعتبر بداية الشهر بالاستشعار عن بعد؟ - الجواب عن هذا السؤال هو أنه في ما يتعلق بالجانب الشرعي، وبإثبات دخول شهر رمضان أو خروجه، فيجب أن نعمل بالحساب الفلكي في ما يتعلق بالنفي، فإذا قيل إن ولادة الهلال ولادة فلكية تكون بعد غروب الشمس، يعني تغرب الشمس، ولما يولد الهلال بعد، يعني: حيث ولد الساعة التاسعة أو العاشرة أو الثامنة أو نحو ذلك، وجاء من يشهد برؤية الهلال بعد غروب الشمس مباشرة، فهذا يجب أن تُرد هذه الرؤية مهما كانت، فهي شهادة غير صحيحة، إما أن يكون صاحبها واهماً ومغتراً بكوكب، أو نحو ذلك، أو أن يكون كاذباً، فلا شك أن الشهادة معروف بأن من شروطها أن تنفك عما يكذبها حسّاً أو عقلاً، وهذه الشهادة لم تنفك عما يكذبها بل الهلال لم يولد"فكيف يرى قبل ولادته؟ هذا في ما يتعلق بالنفي، أما في ما يتعلق بالإثبات فإذا كان الهلال مولوداً قبل غروب الشمس، ومع ذلك لم يأتِ من يشهد بالرؤية فنقول يجب أن يكون إثبات الرؤية عن طريق الشهادة بها"لقوله ? صلى الله عليه وسلم-:"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"رواه البخاري 1909، ومسلم 1081 من حديث أبي هريرة ? رضي الله عنه - ، فإذا كان الهلال مولوداً قبل غروب الشمس، ومع ذلك لم يره راءٍ، فلا عبرة بكونه مولوداً ولم يره أحد"لأننا متعبدون بإثبات الهلال إثباتاً شرعيّاً صحيحاً نافياً لما يكون سبباً من أسباب رده، متعبدون بإثبات الهلال بالرؤية لا بالحساب الفلكي. وبناءً على هذا فينبغي أن يكون هذا محل اعتبار، أما من يقول بأن الرؤية وإن كان الهلال مولوداً فينبغي أن تكون ممكنة الرؤية، فنقول هذا شرط غير صحيح، والذين يقولون بشرط إمكان الرؤية هم مختلفون في متى تمكن الرؤية، هل تمكن أن تكون على زاوية محددة على درجة محدودة؟ هم مختلفون في تقدير الزاوية البُعدية، وفي تقدير الدرجة نفسها، فبعضهم يقول: سبع درجات، وبعضهم يقول: خمس درجات، وبعضهم يقول: أربع درجات، فهذا فيه خلاف، وبناء على هذا فيجب علينا ألا يكون للقول بإمكان الرؤية اعتبار، فالله ? سبحانه وتعالى- على كل شيء قدير، وعنده من القدرة - سبحانه وتعالى- ما يجعل لبعض عباده من قوة الإبصار ما يبصرون القمر وهو يساير الشمس، سواء كان خلفها أو أمامها، أو عن يمينها، أو عن يسارها، فهناك مجموعة من الناس منَّ الله ? سبحانه وتعالى- عليهم بقوة الإبصار، ولا يتأثرون بأشعة الشمس، يعني على أساس أن أشعة الشمس تمنع الرؤية، فهذا في الواقع غير معتبر، والله أعلم. ولعل السائل يتحدث عن الاستشعار يريد به إمكان الرؤية وعدم إمكانها، فنحن نفرق بين إمكان الرؤية وبين ولادة الهلال، أما الولادة فهي معتبرة في حال النفي، ولا يجوز أن تثبت رؤية، والحال أن الهلال لم يولد، وقد غربت الشمس قبل ولادته، فهذا لا يجوز أن نثبت رؤية تأتي بهذا الشيء، أما إذا كانت الولادة موجودة قبل غروب الشمس، ولكن هناك من يقول باستحالة الرؤية، فنقول كلمة استحالة هذه غير صحيحة"بل من رأى الهلال وهو مولود فرؤيته معتبرة، فيجب إجراء ما يتعلق بهذه الرؤية والأخذ بها. العلامة عبدالله المنيع عضو هيئة كبار العلماء } هل كان في زمن الخلفاء الراشدين أية جهود لتوحيد أوقات الصلاة أو يوم عرفة أو تاريخ بداية بين الأقاليم المختلفة؟ هل هناك دليل على أن تواريخ بداية الأشهر كانت مختلفة في بلاد المسلمين غير حديث كريب؟ - لا أعلم أن عهد الخلفاء الراشدين قد كانت فيه محاولة لتحديد أيام دخول الشهر، ولم يكن المسلمون بعد ذلك يتأثرون كثيراً بالاختلاف في هذا الأمر"لأنهم لا يعلمون بالاختلاف إلا بعد مدة، وكل أهل ناحية يبنون على رؤيتهم للهلال. فإذا حصل وأن تذاكروا رؤية الهلال فعلموا بالاختلاف عمل كلٌ بموجب ما كان تبين له أول الشهر، كما في حديث ابن عباس في صحيح مسلم 1087 في قصة مجيء كريب إلى المدينة من الشام، وكان قد دخل عليه شهر رمضان في الشام ثم قدم المدينة قبل نهاية الشهر، وقد وقع اختلاف في دخول الشهر بين أهل المدينة وأهل الشام، فلما أخبر ابن عباس بذلك ذكر له أنهم سيأخذون برؤيتهم ولو خالفت أهل الشام، ولم يكن ذلك سبباً في انزعاج ابن عباس أو محاولته توحيد الرؤية ونحو ذلك. وحديث كريب هذا هو الذي أعلمه واضحاً في هذه المسألة، ولكن النظر الواقعي لذلك الزمن يؤكد أن الاختلاف كان موجوداً بلا شك، لأن بلاد المسلمين متباعدة، ولا يلزم أن يرى الهلال أهل كل بلد، ثم قد يحصل في بعض البلاد ما يمنع الرؤية كالغيم ونحوه مما يلزم منه الاختلاف في ذلك لعدم وجود وسائل الاتصال. والله أعلم. تركي بن فهد الغميز عضو هيئة التدريس في جامعة القصيم } تواجهنا مشكلة كل عام، وهي بخصوص رؤية هلال رمضان، فبعض الإخوة يصومون مع بلاد الحرمين"لعدم الثقة في اللجنة هنا، فإننا لا نراهم يتحرون الرؤية، ولكن نراهم ينتظرون مكالمة تخبرهم بأن يصوموا أو لا، وهنا افترق الناس، فمنهم من يصوم معهم، ومنهم من يصوم مع السعودية، ودائماً يكونون هنا متأخرين، فبماذا تنصحوننا؟ علماً بأنني في نيوزيلندا. - مسألة الهلال مسألة اختلف العلماء فيها بين قائل: إن رؤية الهلال إذا ثبتت في بلد من البلاد تعم جميع الأقطار، وهذا ما ذهب إليه بعض المالكية، إذ يقول خليل: وعم إن نقل بهما عنهما أي: عم جميع الأقطار إذا نقل بعدلين عن عدلين، فإذا رؤي وثبت الهلال في مكان ما فإن هذه الرؤية تعم. القول الثاني: هو أن الأقطار المتنائية لا يثبت الهلال في بعضها برؤية البعض الآخر، وهذا ما ذهب إليه كثير من العلماء أيضاً، وهو مبني على حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - وهو في مسلم 1087 - وبوب عليه النووي: باب بيان أن لكل بلدٍ رؤيتهم، وأنهم إذا رأوا الهلال ببلدٍ يثبت حكمه لما بعد عنهم? بإسناده عن كريب، أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية -رضي الله عنه - بالشام، قالت: فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهلَّ عليَّ رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية - رضي الله عنه -، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل الثلاثين، أو نراه، فقلت: أولاً تكتفي برؤية معاوية - رضي الله عنه - وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-. وحينئذٍ لا يعمل بالرؤية البعيدة، وبخاصة إذا كان البلدان لا يشتركان في ليل واحد، بحيث إنه ينقضي الليل في أحدهما قبل وصوله إلى المكان الآخر، ففي المسألة خلاف بين العلماء، وحتى في المجامع الفقهية، إذ قرر المجمع الفقهي بأن الاعتبار بالرؤية، وأنه يستأنس فقط بالحساب الفلكي الذي يعتمد على سير القمر، وعلاقة القمر بالأرض وبالشمس. القول الثاني: يقول إن الحساب قطعي، وأنه يعتمد عليه، فهو يثبت الحساب على هذا الهلال، وهذا ما ذهب إليه المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء. فالمسألة واسعة إن شاء الله، فيمكنهم أن يصوموا إذا شاؤوا مع السعودية أو مع أي بلد آخر إذا ثبتت الرؤية فيه ثبوتاً شرعياً، كما يمكنهم أن يتحروا الهلال في بلدتهم أو في مكان قريب من بلدهم، إذ قلنا إن تنائي الأقطار يمنع من اعتبار الرؤية في مكان آخر، مع الاستعانة بالفلك وبالمراصد أيضاً، ففي هذا الزمان تطور هذا العلم تطوراً كبيراً، بحيث - كما يقول البعض -: إن الإبرة إذا أرسلت في الجو يمكن الاهتداء إليها، فكيف بالقمر الذي يكون قد ولد أو خرج من الاقتران، وخرج من شعاع الشمس، أي: بعد ساعتين أو ثلاث ساعات من خروجه من شعاع الشمس فإنه يرى، إذا كان خرج منه في وقت يمكن أن يرى في ذلك المكان. إذاً فالمسألة واسعة، نرجو من المسلمين ألا يختلفوا، فمن منهم قلد من يقول: إن تنائي الأقطار مانع من الاتباع فإنه قد قلد قولاً قوياً، ومن قلد كذلك القول الذي يقول إن رؤية أي بلد تنسحب على البلد الآخر فهو قول أيضاً جيد، ومن استأنس وبحث عن الحساب الفلكي ليثبت به أو ليؤكد به رؤيته فهذا أيضاً دليل جديد قد يساعد كثيراً على الترجيح. إلا أنه إذا رئي الهلال قطعاً، وقال الحساب الفلكي إنه لا يرى فحينئذ لا نعتمد على الحساب الفلكي، خلافاً للمجلس الأوروبي الذي قال بالاعتماد على الفلك حينئذ، إذا رأته مستفيضة أي جماعة كبيرة فإننا نقدم الرؤية على الحساب الفلكي. هذا باختصار ما نراه في هذه المسألة، ونوصي بعدم الافتراق وعدم الاختلاف، وأن يتباحثوا فيما بينهم، ويتفقوا على إحدى الطرق التي ذكرناها، فكلها منصوصة في كتب أهل العلم. العلامة الشيخ عبدالله بن بيه