أنشأ شباب سعوديون موقعاً إلكترونياً يعنى بالدفاع عن حقوق العزاب، ومواجهة ما يصفونه ب"الإهانات"و"الأذى النفسي"الذي يلحق بهم، في مجتمع يصفهم غالباً ب"الذئاب"التي تحاول الانقضاض على"الفرائس"، التي عادةً ما تكون النساء. ويواجه الشبان في شكل دائم نظرات الارتياب، وقد يتعرضون إلى إهانات شخصية وأذى نفسياً، وأحياناً جسدي، لو حاولوا دخول مكان خاص ب"العائلات". وينتمي مؤسسو الموقع وجميعهم شبان وشابات، إلى فئة العزاب، إذ قرروا أخيراً، أن يكون صوتهم مسموعاً للكل، فأنشأوا موقعاً يعد الأول من نوعه على مستوى المنطقة، يعنى بحقوق العزاب فقط، وتحقيق مطالبهم، باسم"عازبون بلا حدود"، معتبرين العزوبية"حرية شخصية يجب احترامها"، وأنها"حالة اجتماعية، سواء مختارة أم مقدرة"، مشددين على أنه"لا يحق لأي شخص اعتبارهم خطراً على المنظومة الاجتماعية، واستقرار المجتمع". ومارس العزاب في موقعهم الإلكتروني حريتهم، وهم يعلنون عن عشرة حقوق تخص العزاب، أبرزها"الحق في ممارسة حياته كشخص راشد مسؤول، بعيداً عن أي وصاية، واحترام خياره أو حالته، كونه اختار العزوبية أو لم يستطع الزواج، إضافة إلى احترام خصوصيته، وتجريم أي شخص يعتدي عليها، بمنع أي محاولة لتفسير أو اختلاق أسباب عزوبيته،?ومنع أي ممارسات من شأنها تقييد حريته، سواءً في السكن أو في الأماكن العامة، وحمايته من أي إهانة لفظية أو معنوية، تستهدف حالته الاجتماعية، وإيقاف أي ممارسات تستهدف الضغط عليه من أجل إدخاله مؤسسة الزواج قسراً". ولأن العزاب يشعرون بعزلتهم عن المجتمع، طالبوا ب?"السماح لنا بالاندماج في المجتمع، من خلال تفعيل دورنا في الفعاليات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، والتأكيد على أننا لا نقل مرتبة عن أي شخص في المجتمع، وأن الزواج لا يمنح بأي حال من الأحوال أي رفعة اجتماعية، واعتبار أن أي عقد زواج، قد أكره عليه أحد الجنسين لاغياً، وأن الزواج يفترض رضا الطرفين بحسب تعاليم الإسلام، ورفع معدل الوعي لدى الفرد، من خلال توضيح أن العزوبية ليست خطراً، بل الخطر يكمن في بناء علاقة بهدف الهروب مما يُدَعى بمخاطر العزوبية، وذلك لا يتم إلا من خلال إيقاف أي محاولة لتخويف وترهيب أيّ من الجنسين بخطورة حالته الاجتماعية". والتقت"الحياة"بأحد المؤسسين الشاب نوفل العنزي، الذي يدرس الاقتصاد في جامعة الملك سعود، وتحدث عن البدايات"التي كانت من خلال التقاء مجموعة من الشبان والشابات على الإنترنت، خصوصاً من خلال ما يسمى"المدونات"، مشيراً إلى أن"نشاطنا حالياً في مجتمع الإنترنت، الذي تغلب عليه فئة الشبان، وهمنا بالدرجة الأولى توعية العزاب بحقوقهم، قبل أي شيء آخر". وعن فكرة الموقع، قال:"إنها جاءت نتيجة لما يلقاه العزاب والعازبات في كثير من المواقف، مثل فرض الزواج على العازب والعزباء، وكأن العزوبة آفة، إضافة إلى رفض دخولهم بعض الأماكن العامة، بحجة أنهم عزاب، حتى باتت هناك مواقف سيارات في السعودية خاصة بالعوائل". وعلى رغم أن الموقع ما زال في مرحلة البدايات، إلا أن هناك مشكلات واجهتها، خصوصاً"المعارضة التي تلبس لباس الدين، وتتهمنا بأننا نسعى لنشر الفساد"، كما يقول العنزي، منتقداً"التسرع الكبير من الناس، وأظن أنه لم يقرؤوا البنود، فمجرد الفكرة كانت تخيفهم"، مشيراً إلى أنهم كانوا يُخططون"لإقامة احتفالية كبيرة بمناسبة مرور سنة على انطلاقة الموقع، غير أن العنزي يُصرّ على"تغيير بعض القناعات تجاه العزوبية من خلال النقاش الهادئ"، مضيفاً"نريد أن نوضح أن العزوبية حالة اجتماعية لا تدعو إلى الخوف"، رافضاً"أن يأخذ المجتمع شكلاً محدداً". وأهم ما يسعى إليه المنتمون إلى الموقع"أن لا تكون عدواً لمجتمعنا، ولا لأي مؤسسة دينية أو اجتماعية"، ومن واجبات الأعضاء أن"لا يقاتلون بعنف، وليحرصوا على أن تكون لديهم أدواتهم الذكية، إذ إنه سهل جداً أن تكون صاحب أفكار هدامة، وتسعى لنشر ثقافة مستوردة، لكن نحن لسنا كذلك"، كما يعبر الشبان."آمن الكثير بأنه يحق لهم أنهم يختاروا طريقة عيشهم التي لا تؤذي أحداً". وطال تغيير القناعات لدى بعض الشبان الذين كانوا يقولون"يجب أن نتزوج"، فكرتهم عن الزواج والعدول عنها حالياً. ويشير أحد القائمين إلى أن الكثير من العزاب"قالوا شكراً لكم، فلقد عرفنا أنه يجب علينا أن نتحرك كي نكون نحن من يقرر كيف سيكون مستقبلنا، وليس الغير". وشعر البعض أيضاً"أننا استطعنا أن نساعدهم، لأن تكون لديهم أجوبة لأسئلة كثيرة تتعلق باختيارهم العزوبية". ولا ينحصر موقع"عازبون بلا حدود"، الذي تأسس في العام 2006 على السعوديين، إذ شارك فيه شبان وشابات من الأردن ومصر. وذهب العزاب إلى أبعد من إنشاء موقع، إذ يسعون حالياً إلى تدوين الانتهاكات"غير المبررة"ضدهم، وعرضها على هيئة"حقوق الإنسان"، إذ سيكون التدوين عبر الصورة والفيديو. ويؤكد القائمون على الموقع أن نشر تلك الانتهاكات ليس ك?"تظلم فرد من أهله، بل سيكون تظلماً جماعياً من العزاب تجاه وضع لم يتوافر فيه الحصول على حقوقهم الكاملة". وفي ما يخص الجانب الأنثوي، التي شكلت نسبته 25 في المئة في الموقع، ذكرت عضوات شاركن في إنشاء الموقع أن"أشياء كثيرة جعلتنا نعتزم إنشاء الموقع، وبخاصة حين سمعنا عن عدد من البنات واجهن هذه الحالة في المجتمع النسوي، وأن حالتهن أصعب بكثير من الرجال، خصوصاً مع لفظة"عانس"التي تُطلق على سبيل الازدراء".