سجلت شرطة العاصمة المقدسة خلال الثمانية أشهر الفائتة، 95 حال هروب للفتيات من منازلهن، ما بين سعوديات وأجنبيات، وتم العثور على 30 فتاة من الهاربات، فيما يجري البحث عن البقية في مكةالمكرمة. وبحسب مصادر أمنية ل"الحياة"فإن بعض الفتيات يلجأن إلى الهرب من منازلهن لأسباب عدة، من أهمها المشكلات ألأسرية التي يعود بعضها إلى أسباب اقتصادية أو اجتماعية، مشيرة إلى أنهن غالباً ما يجدن أنفسهن بعد الهرب في مشكلة أكبر من المشكلة التي دفعتهن إليه. "الحياة"التقت ببعض الفتيات الهاربات اللائي تم العثور عليهن، وتحدثن عما حدث معهن. تقول الفتاة ل س:"إن انفصال والدي عن والدتي جعلني أعيش فراغاً في حياتي، كون والدي متزوجاً من أخرى ومشغولاً معها، ولم يكن لدي من يراقب تصرفاتي، ولذلك وقعت ضحية أحد الشبان الذي أوهمني برغبته في الزواج مني، وإخراجي من هذا الفراغ الذي كنت أعيشه، وكنت أخرج معه في مواعيد متفرقة من منزل جدتي، وحين اكتشف والدي الأمر بالصدفة، خفت من ردة فعله فهربت من المنزل. وتضيف بأسى وهي تعبر عن ندمها،"ليتني لم أفعل ذلك، فقد عالجت الخطأ بخطأ أكبر، وتخلى عني الشاب الذي كنت أعتمد عليه في هربي، ولم أعثر له على أثر، ولهذا أوجه وأنصح جميع الفتيات بعدم التفكير في الهرب من منازلهن لأنه ليس الحل لمشكلاتهن بل قد يزيدها سوءاً وتعقيداً". أما الفتاة م ع فقالت:"اضطرني العنف الذي كان يمارسه أخي الأكبر ضدي للهرب من المنزل"، مشيرة إلى أن إحدى صديقاتها نصحتها بالهرب، وتضيف،"عملت بنصيحتها وهربت من المنزل ولم أستفد بشيء من ذلك، بل جعلني قصة في أفواه أقاربي، وراح الناس يعايرون أهلي بقصتي". من جانبه، يعلق مدير جمعية حقوق الإنسان في منطقة مكةالمكرمة الدكتور حسين الشريف، على الموضوع ل"الحياة"بالقول:"إن هروب الفتيات من منازل أسرهن، قضية مهمة تحتاج إلى دراسات اجتماعية وشرعية وأمنية لاحتوائها". وأشار إلى أن هذا الأمر يرجع إلى عوامل كثيرة منها الاقتصادية والاجتماعية والأسرية، ومؤكداً في الوقت نفسه،"أن الصداقة السيئة للفتاة قد تكون أحد أسباب انحرافها". وأكد الدكتور الشريف أن الجمعية عندما تردها حال هروب لفتاة من منزل ذويها، تدرس أسباب الهرب مع الفتاه، إذ قد يكون السبب في الهروب هو العنف الأسري تجاهها، وعندها يتم التنسيق مع الشؤون الاجتماعية لتسلم الفتاه وإيوائها بدور الإيواء، كما نطالب الشؤون الاجتماعية بإيجاد الحلول الجذرية بعد تسلم الفتيات، عن طريق إلقاء المحاضرات عليهن وتقديم العلاج النفسي، وليس الاكتفاء فقط باستقبالهن. في حين أكد مدير الأمن الوقائي في شرطة العاصمة المقدسة العقيد محمد عبد الله المنشاوي ل"الحياة"،:"أنه لا توجد إحصاءات دقيقة وموثقة في هذا المجال، وعلى أية حال يمكن القول إن أسباب لجوء بعض الفتيات إلى الهرب من منازل ذويهن تتعدد وتتنوع، ولعل من أهمها: التفكك الأسري مثل انفصال أحد الأبوين بالطلاق، ووجود مشكلات في المنزل، أو تعرض الفتيات داخل المنزل إلى الضرب المبرح أو الإهانة المتكررة، إضافة إلى سوء أخلاق أحد الوالدين أو كليهما، مثل وجود سوابق متكررة على الوالد في شرب المسكر أو المخدرات وتكرر سجنه". وأضاف،"إن رفقاء السوء الذين يزينون للفتاة الهرب من المنزل قد يسهمون بشكل مباشر في زيادة حالات هرب الفتيات، إلى جانب وجود ضغوط أسرية على الفتاة، كإجبارها مثلاً على الزواج من شخص لا تريده، وأخيراً يعتبر سوء سلوك الفتاة وانحرافها أخلاقياً وضعف الوازع الديني، وضعف التربية، من الأسباب المهمة في هذا الشأن". واختتم العقيد المنشاوي حديثه بالقول:" على أية حال فالهرب من المنزل يسبقه عادة سلوكيات يمكن للوالدين اكتشافها، ومنها الانزواء أو ما يعرف بالهروب الداخلي، إضافة إلى كثرة الخروج من المنزل، والتغيب لساعات طويلة عنه، والتغير الملحوظ في السلوكيات العامة مثل التبرج وعدم الانصياع لآراء الأسرة". أما الناطق الإعلامي في شرطة العاصمة الرائد عبدالمحسن الميمان، فشدد ل"الحياة"على،"أن قضايا هروب الفتيات من المنازل لا تشكل ظاهرة في مجتمعنا السعودي، وهناك بعض الحالات التي سجلت في مراكز الشرطة ويتم أخذ البلاغ والتعامل معها مباشرة بالتعميم على أوصاف المتغيبة، ويتم البحث عنها وغالباً ما يتم العثور عليها، وتتخذ الإجراءات النظامية حيالها وتسلم لذويها".