تبذل وزارة المياه جهوداً كبيرة في التوعية بأهمية المحافظة على المياه والترشيد في استهلاكها، وعملت خلال المرحلة السابقة على تكثيف هذا الجانب سعياً لنشر هذه الثقافة بين أفراد المجتمع، بما يحفظ لنا التوازن في مستقبل موارد المياه، التي كشفت التقارير، أن نقصها يعد من أهم التحديات التي يواجهها العالم خلال ال?50 سنة المقبلة وليست المملكة فقط. ومن المعلوم أن الماء هو شريان الحياة وعصبها، وهو الركيزة الأساسية الأولى التي تقوم عليها التنمية الشاملة، وتظل الاستفادة من المياه الجوفية والعيون الجارية دون مستوى الطموحات والآمال العريضة التي يعيشها المواطنون والمزارعون في شكل خاص في محافظاتعسير التهامية محايل، المجاردة، رجال المع. وتأتي هذه المحافظات نموذجاً لبعض المحافظات الأخرى في مناطق أخرى لم تستغل مياهها وعيونها الجارية، بما يسهم في مواجهة نقص المياه، الذي أشارت إليه الدراسات والتقارير المختلفة، من خلال إنشاء السدود النموذجية لخدمة المزارعين في هذه المحافظات، فوادي حلي في محافظة محايل على سبيل المثال يعد من اكبر الأودية في المملكة بمخزونه المائي وعيونه الجارية طوال العام، وزاد تدفق مياهه عقب هطول الأمطار المتكررة التي شهدتها المنطقة أخيراً. والأمر نفسه ينطبق على أودية خاط والغيل في المجاردة، وبقرة بثلوث المنظر ودوافع ومرة وفرشاط وغيرها من الأودية الكثيرة التي تجري على مدار العام. ولاشك في أن درس مشاريع إنشاء السدود لهذه الأودية طال وتأخر كثيراً في أدراج الوزارة، وحين ندقق النظر نجد أن جميع هذه المحافظات لم تنشئ فيها الوزارة طوال العقود الماضية أي سد يذكر، في الوقت الذي نجد أن هذه المحافظات هي ممر للسيول المتساقطة من جبال السروات، علاوة على العيون الجارية، مع أن محدودية مصادر المياه تجعل الاعتماد على المياه الجوفية في الزراعة أمراً حتمياً، وعلينا المسارعة في الاستفادة منه للأغراض الزراعية، وتوفير ما من شأنه استمرارها، من خلال إقامة مشاريع السدود لتحقيق الاستفادة القصوى من مياه الأمطار، لدعم المياه الجوفية، وتضافر الجهود للارتقاء بمستوى الموارد المائية وأساليبها، بدلاً من هدرها وضياعها وقلة الاستفادة منها. قد يكون مشروع سد وادي حلي في محافظة محايل عسير الأقرب إلى تحقيق الحلم، عقب إعلان فرع وزارة المياه في المنطقة ترسيته قبل أكثر من ثلاث سنوات مضت، إلا أن الأمر توقف عند ذلك. ولاشك في أن استغلال هذه المياه المهدرة سيسهم في تطور النشاط الزراعي وزيادة فاعليته في هذه المناطق، وبالتالي ينعكس إيجاباً على الأسواق التجارية الخضراوات والفاكهة والحبوب لتصبح هذه المنطقة منتجة ومصدرة بدلاً من أن تكون مستوردة، وهي حال بقية المناطق التي هي في حاجة إلى هذه السدود، لتحفظ ثروتها المائية، وتسهم في زيادة الإنتاج الزراعي.