يجري العمل على قدم وساق في تلفزيون أبو ظبي، وتبذل جهود كبيرة من اجل البدء في بث مسابقة"أمير الشعراء"، التي تنظمها هيئة أبو ظبي للتراث والثقافة خلال شهر حزيران يونيو، أي خلال أسبوعين تقريباً من الآن. ما يميز هذه المسابقة عن سابقتها"شاعر المليون"هو كثافة العنصر النسائي فيها، ويؤكد المنظمون أن النساء سجلن حضوراً قوياً من ناحية الكم والكيف، ويتوقع أن تحجز بعضهن مراكز متقدمة في المسابقة، إن لم يفزن بجوائز كبرى فيها. الأسئلة التي تدور في أوساط الشعر والشعراء هي: ما الدور الذي ستلعبه المرأة في خلق قصص شاعرية وحكايات لا تنسى، كما حدث في"شاعر المليون"؟ ويذهب الخيال بالكثيرين بعيداً فيقولون: هل سيشهد"أمير الشعراء"زيجات وحكايات رومانسية؟ وإلا ماذا يُتوقع من اجتماع الشعراء والشاعرات في مكان واحد؟ يذكر أن الخنساء تماضر بنت عمرو الشريد سيد ُسليم وأخت الفارسين صخر ومعاوية، هي المرأة العربية الأشهر في ورودها على سوق عكاظ، واجتماعها بالشعراء والنقاد، بل وتفوقها على أشهر الشعراء في عصرها، وقد احتج حسان بن ثابت على النابغة الذبياني عندما قدّم الخنساء عليه في سوق عكاظ وقال اذهبي فإنك أشعر منه. وتساءل حسان محتجاً: بماذا قدمتها عليّ؟ فقال النابغة: قدمتها عليك لقولها: إن الزمان وما يخفي له عجب أبقى لنا ذنباً واستوصل الراس إن الجديدين في طول اختلافهما لا يفنيان ولكن يفنيان الناس ولم ترتكب خطأ، بل لم تسبق لهذين المعنيين، أما أنت فارتكبت ستة أخطاء في بيت واحد قلت فيه: لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى وأسيافنا يَقطُرن من نجدةٍ دما ولو أنك قلت الجفان بدل الجفنات لكان دليل كثرة وشدة كرم، ولو قلت البيض بدل الغر لكان أبلغ لأن الغرة بقعة واحدة من البياض وليس البياض بمعناه المطلق، ولو قلت الدجى بدل الضحى لكان أجدى وأقوى دلالة، ولو قلت سيوفنا بدل أسيافنا لكان أصح وأكثر دلالة على كثرة السيوف، فالأسياف قليلة والسيوف جمع كثرة، ولو قلت يسِلن بدل يقطرن لكان أقوى فالقطرات ليست كالسيل. كما اشتهرت سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب بمجلسها الذي يرد إليه الأدباء والشعراء والفقهاء، وقد عُرف ورود الشاعرات على الخلفاء والحكام من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة والتابعين، ولم يكن منكراً ولا مرفوضاً، بل إن الخنساء عندما وردت على الرسول رحّب بها وقال لها قوله المشهور:"أنشدينا يا خُناس". كما وردت ليلى الأخيلية على معاوية بن أبي سفيان، وتزوّج معاوية الشاعرة ميسون البحدلية، وهناك عشرات الروايات عن المرأة الشاعرة وتاريخها في الجاهلية والإسلام، واشتهرت من العربيات في الثلاثمئة عام الفائتة، وضحا الجدعية ومويضي البرازية ونورة صنيدح من مطير، ومريفة ونزيلة الشمرية ووضحا المشعان من عتيبة، وظاهرة الشرارية والدقيس الصلبية ومئات الشاعرات العربيات في شبه الجزيرة العربية والشام ومصر والمغرب. والسؤال هو: إذا حصدت المرأة الجائزة وحازت الشاعرية وأضافتهما إلى الجمال... فماذا يبقى للرجل؟ وتقول بعض الشاعرات مازحات: لذلك ربما يهاجموننا، ويرهبوننا بقصة العيب، ففي زمن لا فرسان فيه إلا الشعراء، ماذا يبقى إذا حازت النساء الجوائز؟ حصة هلال ريميّة