تشهد العلاقات السعودية الأسبانية المتميزة في قوتها وعراقتها تطورات مهمة في الفترة الأخيرة، خصوصاً فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، إذ اتفق البلدان خلال زيارة العاهل الأسباني خوان كارلوس إلى السعودية قبل نحو 14 شهراً على إنشاء صندوق مشترك تبلغ قيمته خمسة بلايين دولار، وهو اتفاق أكد السفير الأسباني لدى السعودية منويل آلابارت حرص حكومة بلاده على تفعيله. وكما أبدت الحكومة الأسبانية استعدادها لتقديم الدعم الكامل لمشروع الحكومة السعودية الذي تهدف من خلاله إلى إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب الذي وصفه أيضاً سفير مدريد لدى الرياض بعدو المملكتين، وأكد مسؤولون في البلدين في تصريحات سابقة وجود تنسيق سياسي دائم بين الحكومتين في ما يتعلق بتحرك البلدين داخل قضية السلام في الشرق الأوسط والتي أكد آلابارت إعجاب حكومة بلاده فيما يتعلق بجهود خادم الحرمين الشريفين الهادفة إلى نشر السلم والاستقرار في المنطقة، وسياسته في هذا الخصوص والتي قال إنها تتميز بوضوح رؤية الملك السعودي في ما يتعلق بجميع قضايا المنطقة. وأكد السفير الأسباني في حوار مع"الحياة"إيمان حكومة بلاده وشعب إسبانيا بأن زيارة خادم الحرمين الشريفين التي وصفها بزيارة دولة، ستعطي دفعة قوية لمستقبل العلاقات الثنائية التي تجمع البلدين، فإلى الحوار: تربط المملكتين السعودية والأسبانية علاقات صداقة وتعاون تاريخية، كيف ينظر سفير مدريد لدى الرياض إلى هذه العلاقات ومستقبلها؟ إن العلاقات التي تربط الرياضومدريد هي علاقات تاريخية قوية، وأنا شخصياً أرى أنها علاقة ممتازة تجمع البلدين، ولا شك أنها ستزداد قوة بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والتي أصفها بزيارة دولة إلى مدريد، وأستطيع القول كذلك أن العائلتين الملكيتين تربطهما علاقات وثيقة كما هو الحال بالنسبة للحكوميتين والشعبين السعودي والأسباني، ولا ننسى أنه لدينا في أسبانيا تاريخ مشترك على مدى ثمانية قرون. أكد مسؤولون سعوديون وأسبان أن زيارة العاهل الأسباني الملك خوان كارلوس الأخيرة إلى الرياض، أعطت دفعة قوية لمستقبل العلاقات السعودية الأسبانية، كيف تنظرون إلى الزيارة الحالية التي سيقوم بها الملك السعودي إلى أسبانيا؟ لا شك أن الأمر ينطبق أيضاً على زيارة خادم الحرمين الشريفين لأسبانيا، وهي زيارة تأتي مواصلة لزيارة مماثلة قام بها العاهل الأسباني الملك خوان كارلوس إلى السعودية في نيسان إبريل من العام 2006. هل من اتفاقات معينة تسعى مدريد إلى توقيعها مع الرياض خلال هذه الزيارة؟ في الزيارة الأخيرة للملك الأسباني إلى السعودية قمنا بتوقيع اتفاقات مهمة، من أبرزها التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن المشاورات الثنائية السياسية بين وزارة الخارجية في المملكة العربية السعودية ووزارة الخارجية في مملكة أسبانيا، أيضاً تم التوقيع على اتفاق تشجيع وحماية الاستثمار بين السعودية وأسبانيا، وقد تم الاتفاق خلال الزيارة كذلك على إنشاء صندوق مشترك للاستثمارات بقيمة خمسة بلايين دولار. وفي هذه الزيارة التي سيقوم بها الملك السعودي نسعى إلى توقيع اتفاقات أخرى في المجال القضائي والاقتصادي تحديداً، كما نود أن نضع موضع التنفيذ الصندوق الاقتصادي السعودي الأسباني وهو أمر في غاية الأهمية. على رغم ما سبق ذكره عن عراقة العلاقات الثنائية بين الرياضومدريد إلا أن العلاقات الاقتصادية لا ترقى إلى مستوى العلاقات السياسية بين البلدين، كيف تفسرون ذلك؟ وما هو حجم التبادل التجاري بين البلدين؟ تبيع أسبانيا في السعودية ما يناهز البليون دولار كل عام، ولدى كبريات الشركات الأسبانية اهتمام متنام بالجزيرة العربية، ومن جهة أخرى فالمملكة العربية السعودية هي المورد الثاني للنفط بالنسبة لأسبانيا. ما هي أبرز القضايا التي سيناقشها قائدا البلدين خلال مباحثاتهما الثنائية؟ من دون أدنى شك فإن مكافحة الإرهاب ستشغل حيزاً مهماً ضمن المحادثات السعودية الأسبانية، إذ لدى المملكتين عدو مشترك إلا وهو الإرهاب، والتعاون بين البلدين في هذا المجال وثيق جداً ليس بالجديد، إلا أنه سيتم خلال هذه الزيارة تعزيز مستوى التعاون بين البلدين في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب، وسيقوم العاهلان السعودي والأسباني بالتباحث في ما يتعلق بجميع المواضيع ذات الاهتمام المشترك، بالإضافة إلى محادثات أخرى ستجري بينهما حول المواضيع التي هي مثار قلق في المجتمع الدولي، وسيتم التركيز بشكل كبير على القضايا الساخنة في منطقة الشرق الأوسط. كيف تنظر أسبانيا إلى السعودية عموماً وخادم الحرمين الشريفين خصوصاً؟ أسبانيا على دراية تامة بالأهمية الكبرى التي تتصف بها السعودية، وهي على دراية أيضاً بالدور الجوهري الذي يقوم به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في المنطقة، إذ لا يزال اتفاق مكة المتعلق بالخلاف بين الفصائل الفلسطينية حياً في ذاكرتنا، وكذلك الأمر بالنسبة للقمة العربية الأخيرة التي عقدت في الرياض برئاسة خادم الحرمين الشريفين الذي أعاد إطلاق المبادرة العربية للسلام وهي مبادرة سعودية. ما موقف أسبانيا من جهود خادم الحرمين الشريفين في نشر السلام والاستقرار في المنطقة؟ وكيف يمكن لمدريد أن تدعم تلك الجهود؟ أسبانيا تنظر بإعجاب شديد لسياسة خادم الحرمين الشريفين ووضوح رؤيته حول المواضيع المتعلقة بالمنطقة، وهو أمر بالغ الأهمية، خصوصاً وأن مشاكل المنطقة تحظى باهتمام كبير من قبل أسبانيا، وكما تعلمون فإن لبلدنا دوراً نشطاً في المنطقة، إذ قمنا باستضافة مؤتمر مدريد عام 1991، ومنذ ذلك الحين وكافة وزراء خارجية أسبانيا كرسوا لهذه المنطقة كامل جهودهم، ويجب ألا ننسى أن وزير الخارجية الحالي لأسبانيا ميغل آنخل موراتينوس كان قبل أن يشغل منصبه الحالي وعلى مدى سبعة أعوام المبعوث الخاص للشرق الأوسط من قبل كافة أعضاء الاتحاد الأوروبي.