زمن قصير يفصل بين رحيلهما، فبالأمس القريب رحل المربي العلم الأستاذ عثمان ابن ناصر الصالح مدير معهد العاصمة النموذجي، بعد أن ملأ الساحة التربوية والثقافية بإسهاماته، وقلوب الناس بحبه واحترامه. والأسبوع الماضي رحل علم آخر، حفر حبه وفرض احترامه في قلوب الجميع، سواء الذين حضروا مجلسه أو الذين قرأوا أو سمعوا عنه، وهو الأستاذ الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري، نائب رئيس الحرس الوطني المساعد. إن السر في حب الناس لهذين العلمين، هو أنهما أحبا الناس بصدق فأحبهما الناس وأخلصا في برهما، فلم يبخل الناس عليهما سواء وهما على رأس العمل أو بعده، وهذا بعكس ما يحدث لبعض من يشغل مركزاً وظيفياً، ما إن يتقاعد إلا ويبدأ تقدير الناس من حولهم في التناقص، على رغم من نفعهم لهم. وأمام هاتين المناسبتين نرفع أكف الضراعة لله تبارك وتعالى، بأن يغفر لهما، وأن يعوضنا بمن يسد شيئاً من الفراغ الذي حصل برحيلهما، لأن المجتمع عندما يفقد علماً لا يفقد الجسد، وإنما يفقد العلم والخبرة اللذين معه. والمتتبع لسلوك الناس على رحيلهما، على اختلاف مستوياتهم، يلاحظ شيئين، الأول: حزنهم الصادق على فقدهما، إذ يعدان من جيل الرواد في المملكة العربية السعودية، واعتبر رحيلهما خسارة كبيرة للمجتمع، والثاني: ارتفاع درجة وفاء الناس نحوهما، وذلك لمواقفهما الإنسانية، رحمهما الله، التي يعجز اللسان عن التعبير بها والقلم عن رصدها. فاتخذ الناس للتعبير عن هذين الأمرين، المشاركة بتأدية واجب العزاء بأساليب مختلفة من دون تردد، كل بحسب استطاعته، سواء من داخل المملكة أو من خارجها. والذي يخفف على النفوس رحيلهما، هو أنهما تركا ذرية صالحة عازمة على المحافظة على القيم التي اكتسبوها منهما. وإنني في هذا الموقف اذكر نفسي والأجيال الشابة بالاستفادة من سيرتهما الحافلة بالعديد من الانجازات، على رغم قلة الموارد التي كانت متاحة أمامهما، وأن نعمل بكل جد وإخلاص لخدمة الدين والمليك والوطن من دون تحيز لأحد، وألا نبتغي الأجر والمثوبة إلا من الله تبارك وتعالى. د. مساعد بن عبدالله النوح كلية المعلمين - جامعة الملك سعود بالرياض