أتعجب كثيراً من طمس أعيننا بغشاوة سميكة، مع صم آذاننا بصمغ غليظ، تيمناً بالنعامة التي تدفن رأسها في التراب حين الشعور بالخطر، بدلاً من مواجهته بجرأة وتحدٍ، أو على الأقل التقليل منه، وأقولها بصراحة هذه النعامة انتشرت في مجتمعاتنا، وكثير من أفراده من الذين يخشون الخوض في حديث الخيانات الزوجية وتوابعها من طلاق، واضطرابات وإهدار لقيمة الشريك وكرامته، وعبث بالحد الشرعي تجاوزاً لحدود الله سبحانه بنقض الميثاق الغليظ، وقلب التوجيه الرباني للحياة الزوجية المحاطة بسياج المودة والرحمة إلى خيانة وغلظة. ولئن كانت صحفنا المحلية تخشى نشر أخبار الخيانة إلا في حدود ضيقة فأنا أحيي صحفنا العربية الأخرى لمواجهتها للخطر المتواري خلف أسوار البيوت كناقوس خطر يهدد الأفراد والمجتمعات، وبما أني قد كتبت قبلاً عن خيانة الزوجات، فها أنا أكتب اليوم عن خيانة الأزواج باتخاذهم الخليلات، موجهة سؤالي للخائنين: لماذا الخيانة، لماذا؟ هل هي تعويض لنقص في الرجولة جراء النشأة الخاطئة؟ أم هي إثبات للرجولة بطريقة خاطئة، أم هي خضوع للأهواء والرغبات التي تتمنع عنها الزوجة لأنها محرمة شرعاً، أم أن الخليلات يعطين أكثر من الزوجات، لأن تلك هي مهنتهن التي يتفنن فيها، على عكس ما تقدمه الزوجة الطاهرة التي نشأت على العفة والحياء؟ أم هو الوقوع في فخ المنكرات التي تفشت في المجتمعات ؟ أم، أم؟ وسأترك للخونة من الرجال الإجابة، في حين انتقل إلى سرد بعض قصص المعذبات من جراء الخيانة الزوجية، فإحدى هذه القصص ترويها"سيدة"، وهي تضمني بحرارة، وبدموع تترقرق في قاع العين من دون أن تسقط حتى لا يراها من حولها، وهي تقول"سئلت كثيراً عن رغبتي في الطلاق من زوجي الخائن، وأفتوني بالطلاق كآخر حل بعد المواجهة، والنصح، والتهديد، لكني أخاف على أبنائي ففضلت العيش معه كامرأة تحيا بجسد من دون روح محتسبة الأمر عند الله؟ ويا ليته يعوض عن ذلك بكلمة طيبة جميلة، مثل حبيبتي، عيوني، مما اسمعه في التلفزيون، بل هو فوق خيانته غليظ عنيد... آه كم أتمنى أن أحيا ولو لسنوات قليلة مع زوج آخر يهبني المودة والحب، والحنان حيث فقدت هذا عند من يسمى على الورق، بزوج فلانة! ورواية أخرى ترويها معذبة ثانية علمت بخيانة زوجها فظلت معه 11 سنة، وهي موقنة من خيانته، وحين وجه لها سؤال، لماذا تبقين معه مع علمك بخيانته؟ قالت: لأني لا أأتمنه على تربية الأولاد وهو على هذا الخلق، وبعد مضي 11 سنة أخرى سئلت: لماذا طلقت منه؟ قالت: لأن ابنتي أصبحت الآن كبيرة، وتستطيع إدارة البيت، وقد قمت بواجبي تجاه أفراد أسرتي مسلمة ابنتي زمام الأمور. وامرأة ثالثة، لا تستطيع أن تروي حكايتها لأنها ببساطة أما جبانة أو مسحورة لشهرة زوجها على تردده على السحرة، ولكنها تروى قصتها بلسان امرأة أخرى مشفقة عليها، فزوجها يهيم غراماً بالخليلات خارج بيته وداخله، وحين تكتشفه مصادفة يضحك عليها بقصص ملفقة فتتوه وكأنها في عالم آخر، وبدهائه يعوضها بحفلة بمناسبة عيد زواجهما، ويلبي لها كل الطلبات... وكانت الطامة حين رأى أن إحدى بناته قد أدخلت شاباً في بيته تقليداً لأبيها، وحين رؤيته للشاب انهال عليها ضرباً باليمين ونسى أنه لم يتق الله، وأنه المتسبب الفعلي لما انجرفت إليه ابنته! والسؤال: هل تاب وتراجع، لا بل استمر في غيه ككذاب أشر، ومنافق بطر، متنقلاً من خليلة إلى خليلة، على رغم ابتلائه بداء الكبد"B"! لن أطيل عليكم القصص فأنا على يقين بأن معظمكم لديه ما يكفيه من قصص يعلمها ويسمعها، ويتألم منها مما يشيب له الولدان، لكن إلى متى سيظل هذا الداء ينخر في مجتمعاتنا وبيوتنا، مخلفاً وراءه"تسونامي"من الأمراض، ومجهولي الآباء المظلومين، كل ذنوبهم أنهم نتاج رغبات ونزوة محرمة ومستمرة. كم أتمنى أن تتحول حملة التدخين هذه التي تحمل شعار"مدينة خالية من التدخين"إلى حملة"حياة زوجية خالية من الخيانة"... فزوج مدخن على رغم سوئه وضرره إلا أنه أخف إثماً وضرراً بالأسرة من زوج خائن. [email protected]