تعتبر علاقة القرابة بين المعلمات والطالبات أحد العوامل التي تثير نوازع الغيرة والإحساس بالنقص بين الطالبات، وذلك لما توليه المعلمات للطالبة"القريبة"من رعاية واهتمام وتشجيع يميزها عن زميلاتها الأخريات، وهو ما يشكل دافعاً للتذمر من المبالغة في رفع شأن"المقربات"على حسابهن، لدرجة تصل أحياناً إلى إحساسهن بالدونية، وإشعال مشاعر الكراهية بينهن. وعن أوجه التمييز بين الطالبات، قالت طالبة الصف الرابع الابتدائي منيرة الدوسري:"على رغم أنني وزميلتي سهى نمتلك الصوت الواضح، ونتميز بالقراءة الصحيحة، إلا أنه غالباً ما يقع الاختيار على زميلتي لقراءة معظم المواضيع في الإذاعة المدرسية، وذلك لأن والدتها تعمل معلمة في المدرسة نفسها". وأضافت:"في مقابل تزاحمنا في الصفوف أمام المقصف لشراء وجبة الإفطار، أجد زميلتي سهى تأتيها وجبة الإفطار جاهزة من والدتها من دون عناء". كما تذكر طالبة الصف الثاني مروة أحمد"تنتابني الغيرة عندما أجد زميلتي منى تجلس في بعض الأحيان داخل حجرة المعلمات، بجانب عمتها المعلمة، في حين تحذرنا وكيلة المدرسة دائماً من الدخول إلى حجرة المعلمات". أما طالبة الصف السادس سلوى عمار، فأبدت استياءها من تكريم زميلتها ذات التقدير الجيد، على رغم أنها لا تستحقه، وذلك فقط لارتباطها بإحدى المعلمات بصلة قرابة. في حين تتفق طالبتا الصف الخامس الابتدائي دانيا ورؤى على عدم تعرضهما لمثل تلك المواقف، وتتفقان على أن الفصل مليء بالعديد من الطالبات اللاتي تربطهن علاقة قرابة أو جيرة مع المعلمات، ومع ذلك لم نشعر بأي تمييز أو تفريق بيننا. من ناحية أخرى، ترى معلمة المرحلة الابتدائية سميرة علي أنه عادة ما تكون الطالبة التي تربطها صلة قرابة مع المعلمة محط أنظار زميلاتها، وذلك يدفعهم إلى الشعور بالغيرة والترقب لأي فعل تقوم به، حتى وإن لم يوجد هناك تمييز في المعاملة بينها وبين زميلاتها". وأكدت معلمة الرياضيات شيخة محمد التي تدرس ابنتها في المدرسة نفسها"انه على رغم وجود نسبة قليلة من المعلمات اللاتي لا يضعن اعتباراً لمشاعر وأحاسيس الطالبات الأخريات، وذلك بتمييز قريباتهن عن غيرهن من الطالبات، سواء كان ذلك من طريق الثناء المتواصل عليهن، أم حكر المشاركة في بعض الأنشطة المدرسية عليهن، إلا أن معاناتي عندما كنت طالبة من هذه المشكلة دفعتني إلى تفعيل روح المساواة بين الطالبات، وعدم تفضيل ابنتي على غيرها". من جهتها، أكدت اختصاصية علم الاجتماع الأستاذة حصة الحناكي"أن التمييز بين الإخوة وتفضيل أحدهما على الآخر، كفيل بإشعال بذور الغيرة والحسد بينهم، فكيف إذا كان التمييز في التعامل بين زميلات في مؤسسة تعليمية واحدة، خصوصاً إن كنّ في مرحلة الطفولة". وأضافت:"إن الإحساس بالدونية والشعور بالنقص، يعد من أولى النتائج المترتبة على استخدام مبدأ التفضيل"، مشددة على وجوب تحلّي كل مسؤول في أي مؤسسة تعليمية بالوعي والإدراك الكافي في كيفية التعامل مع الأطفال، واستخدام مبدأ العدل بينهم، لتخريج أجيال مفعمة بالحب والعطاء.