يتوقّع المراقبون ان تبدأ وزارة الداخلية فتح ملفات بعض المساهمات الوهمية والعقارية، التي لم تتم متابعتها أو التحقيق فيها في السابق، للتأكد من خط سير الأموال الخاصة بها، وتحديد علاقتها بتمويل الإرهاب والخلايا الفاسدة، أو كونها مجرد عمليات احتيال تجاري أو سرقة. وفتحت المبالغ الطائلة التي وجدتها وزارة الداخلية السعودية مع الخلايا السبع التي تم ضبطها أخيراً الباب واسعاً أمام أسئلة مشروعة، طالما طرحها السعوديون حول المساهمات الوهمية ومساهمات العقار، التي لا يعرف احد على وجه التحديد أين ذهبت بلايين الريالات التي أودعها السعوديون فيها، أو كيف تمت خسارتها ان كانت ثمة خسائر. ويبدو ان إعلان الانجاز الأمني النوعي مساء أول من أمس، وما ضمه من ضبط خمسة ملايين دولار وأجهزة وتقنيات وأسلحة تتجاوز قيمتها هذا المبلغ بكثير، افزع السعوديين لأن بعض أموالهم ربما تكون استُخدمت من الإرهابيين الذين حصلوا عليها من جهات وشركات وهمية، أو أشخاص ادعياء استغلوا طيبة المجتمع أو رغبة أفراده في الاستثمار أو التبرع الخيري غير المنظم، أو غير الخاضع للإشراف الرسمي. ويقول اقتصادي سعودي:"من الواضح ان هؤلاء الضالين يستطيعون شراء أي شيء إذا توافر لهم، فمشكلتهم كما يبدو ليست مالية، إذ تتوافر لديهم اموال نقدية بكميات كبيرة"، مشيراً الى ان من يشتري في الظلام او من يشتري اشياء ممنوعة مثل الأسلحة وكيماويات التفجير، او الالكترونيات غير المتاحة في السوق، يدفع عادة أضعاف أسعارها العالمية المعروفة. ويرى انه آن الاوان لإجبار كل من لديه مساهمة متعثرة على الإفصاح عن حجم التعثر، وكيف تم هذا التعثر، وكم كانت الخسارة فيه"فمسألة الاحتيال والنصب للإثراء جريمة تجارية وأخلاقية في حق مجموعة من البشر، لكن مسألة تمويل او تعاطف مع خلايا إرهابية جريمة دينية وطنية في حق الجميع، بل ربما تكون في حق الأمة والدين مجتمعين". ويضيف:"يمكننا الانتظار لحل مشكلات مالية بين أصحاب مساهمات وهمية او مساهمات عقارية مبالغ فيها، لكن لا يمكن بأي حال من الاحوال الصبر على ممارسات إرهابية يتم تمويلها من جيوب البسطاء المخلصين لوطنهم". ويؤكد الاقتصادي ان وزارة الداخلية نجحت في ضبط جمع التبرعات والأنشطة الخيرية، بحيث تستفيد الجهات المعوزة محلياً وعالمياً، وبحيث يضمن الجميع ان أموالهم وتبرعاتهم تذهب في الاتجاه الصحيح، كما نجحت بالتعاون مع مؤسسة النقد والمصارف في ضبط عمليات غسيل الأموال، وحققت انجازات مشهودة عالمياً". لكن يبقى موضوع المساهمات الوهمية التي لا يُعرف على وجه التحديد اين ذهبت بعض أموالها، وكذا المساهمات العقارية، خصوصاً التي تمت خلال السنوات الأخيرة ولم يفصح أصحابها عن خسائرهم او سببها، ولم يفرجوا عن أموال المساهمين، ولا نعرف إذا كانت عقاراتهم محل المساهمة لا تزال موجودة او انها أصلاً كانت موجودة". ولا تلزم الأنظمة التجارية في السعودية أصحاب المساهمات العقارية التي تم الترخيص لها في السابق بالإفصاح عن الوضع المالي لهذه المساهمات، ولم تسجل الى الآن أية حالة كشف فيها صاحب مساهمة علناً للجمهور حجم خسائره وسبب هذه الخسائر، او لماذا أتم بيع العقار محل المساهمة ولم يصرف للمساهمين رؤوس أموالهم ولا أرباحهم. ويعتقد الجميع ان السعوديين سيكونون أكثر حذراً في المستقبل من المساهمات الوهمية بجميع أنواعها ومسمياتها، بعدما أوضح بيان الداخلية الأخير استغلال شركة وهمية لجمع الأموال وانفاقها في إشاعة الفكر التخريبي، وفي شراء أدوات التخريب الإرهابي، في احد أكثر المجتمعات حول العالم اماناً واطمئناناً.