يمكن تعريفها بأنها "تلك الأفعال المخالفة للشريعة والأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية الصادرة من ذوي مهارات خاصة، وترتكب بواسطة الحاسب الآلي من خلال شبكة الإنترنت. وجرائم الإنترنت كسائر الجرائم الأخرى لا يمكن حصرها تحديداً أو قصرها على مجتمع بعينه من دون غيره، ذلك أن الجريمة في أي بلاد تتطور وتتجدد أنماطها باستمرار مع تطور المجتمع، إذ إنها ظاهرة اجتماعية عالمية. وقد انتشر الإنترنت في معظم بلاد العالم بصورة واسعة وسريعة، بحيث ينظر إلى من يتخلف عن مواكبتها في عداد المتخلفين عن مسايرة تقنية العصر وركبها. وأخذت المملكة بهذه التقنية وقدمتها بشكل رسمي للقطاعين العام والخاص في عام 1419ه، وبالتالي أصبح لزاماً على الجهات الأمنية مسايرة هذه التقنية وتحديث طرق عملها، لأن تفشي هذه الجرائم من دون معرفة الأساليب الناجعة للتعامل معها يمثل خطراً يحدق بالمجتمع ويهدد أمنه، أضف إلى ذلك أن مرتكبي هذه الجرائم على درجة من الذكاء والمهارة، بحيث أنه كلما كشفت طرقهم وألاعيبهم الملتوية التي يستخدمونها في ارتكاب الجريمة، ابتكروا طرقاً أخرى أكثر دقة وبراعة، وهذا ما يجعل مهمة الجهات الأمنية صعبة في تتبع التطورات المتسارعة في أساليب وقوع الجرائم وملاحقة مرتكبيها وتقديمهم للعدالة، حتى يأمن المجتمع من شرهم وخطرهم. والسبب في تأخر تقديم خدمة التقنية في السعودية يرجع إلى أن الدولة قصدت التقليل من سلبيات هذه التقنية ونجحت في ذلك، بحيث لم تعد جرائم الإنترنت تمثل ظاهرة في المجتمع اليوم بفضل الله، ثم بفضل القوانين والتشريعات المستمدة من الشريعة الإسلامية. وصاحب دخول هذه التقنية ظهور أنواع جديدة من الجرائم كغيرها من الدول التي أخذت بهذه الخدمة، وعلى رغم حداثة دخول الإنترنت في المجتمع إلا أن الدراسات تشير إلى أن الخسائر المادية لجرائم الحاسب الآلي كبيرة، إذ يتم التعامل النقدي عبر الإنترنت، لتسهيل عمليات الدفع للمتعاملين في الأعمال والتجارة الإلكترونية وما يصاحب ذلك من القرصنة وصعوبة الرقابة، للالتزام بسرية المعلومات المصرفية، وهذا مؤشر مهم يجب الأخذ به عند تصوّر حجم جرائم الإنترنت المتوقعة، خصوصاً أن أي جريمة ترتكب في الإنترنت لا يمكن أن ترتكب إلا من خلال الحاسب الآلي. وأهم جرائم الإنترنت شيوعاً بين مستخدميه في المجتمع السعودي هي ما يتعلق بالجرائم الجنسية، جرائم الاختراقات، جرائم التجارة الإلكترونية، جرائم إنشاء وارتياد المواقع المعادية، جرائم القرصنة، وجرائم أخرى. إن الخطأ والجريمة صفتان ملازمتان للبشر منذ الأزل، كما أن العالم في تطور مستمر، وتتسابق الشركات والمؤسسات باطراد لإنتاج كل ما هو حديث ومميز في عالم التكنولوجيا، خصوصاً في مجال الحاسب الآلي، وهذا السباق يحتّم على المشرّع أن يكون متابعاً لأخبار التقنيات التي يستغلها ضعاف النفوس ومعتادو الإجرام لارتكاب جرائمهم من خلالها، وأن يكون مطلعاً على أسرارها، لكي يضع من الأنظمة والتشريعات ما يسد الثغرات ويكشف الجريمة ويضع العقوبة المناسبة لها، لأن جرائم الإنترنت أصبحت تشكل خطراً على الاقتصاد القومي والتجارة، وتهدد أمن المجتمع وقيمه وسلامته، ما يحتّم التصدي لها بكل شدة وقوة. * مستشار قانوني.