كشف خبير عالمي أن المعدل السنوي لتكلفة الجرائم الإلكترونية حول العالم يبلغ 114 مليار دولار، وأكد في ختام ملتقى الجودة الشاملة في الأمن العام تحت شعار «الجودة والتميز واجب وإبداع» نحن أمام تحد جوهري يحتم الإسراع في ضخ ثقافة أمن المعلومات لحماية الأفراد من الابتزاز والجهات والممتلكات من الخسائر الناجمة عن التساهل في أنظمة الحماية. وشدد عدد من الخبراء العالميين المشاركين في الملتقى، على أن الجريمة إلكترونية أكبر عائق يواجه التعامل مع مختلف القضايا، مشيرين إلى أن أمن المعلومات والاختراق والجرائم الإلكترونية، يحتم على وزارت الاتصالات وتقنية المعلومات الإسراع في نشر المعلومات والإحصاءات في سبيل حماية الوطن ومقدراته من الخسائر والجرائم الإلكترونية الناجمة عن عدم نشر تلك الإحصاءات. وقدر الخبراء في ختام مؤتمرهم بجدة حجم الخسائر الناجمة عن الجرائم الإلكترونية في العالم سنويا بنحو تريليون دولار، في حين تخسر أمريكا 10 مليارات دولار سنويا، وبينوا أن عدد الجرائم التي ترتكب يوميا ألف جريمة وقدروا خسائر الجرائم الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل سنوي يتراوح بين 550 مليون و735 مليون دولار أمريكي سنويا، متوقعين ارتفاع هذه الأرقام نظرا لتزايد استخدام الإنترنت على نطاق واسع للتواصل وعقد المعاملات والصفقات التجارية من قبل كل من الأفراد والمؤسسات على حد سواء. ودعا الخبراء لضرورة العمل على مراجعة وتطوير قانون الجرائم الإلكترونية وتطوير أقسام أكاديمية في الجامعات للتعامل مع الجرائم الإلكترونية، إضافة إلى التعاون مع شركات عالمية متخصصة لتقديم استشارات في مجالات الحماية وأمن المعلومات وبشكل عاجل جدا، مؤكدين على سرعة العمل باختبار النظم وفحصها وتطوير أنظمة الحماية بشكل مستمر واستقطاب وزارات الاتصالات وتقنية المعلومات الطاقات الشابة للحصول على دبلومات متطورة في أمن المعلومات للاستفادة من قدراتهم في مجال الحماية. وقال وكيل جامعة الملك عبدالعزيز بجدة البروفيسور الدكتور عبدالله مهرجي إن المملكة تصدرت قائمة الدول في التعرض للجرائم الإلكترونية، مشيرا إلى أن مجلس الوزراء أقر نظام مكافحة جرائم المعلوماتية. من جهته قال مدير إدارة دوريات الأمن في جدة العقيد سعد الغامدي: إن استراتيجية المملكة تقوم على التحول إلى مجتمع معلوماتي واقتصاد رقمي لزيادة الإنتاجية، وتوفير خدمات إلكترونية عالية المستوى تقدمها المؤسسات الحكومية أو الخاصة لأفراد المجتمع. أنواع الجرائم الإلكترونية: وقسم العقيد الغامدي أنواع الجرائم الإلكترونية إلى جرائم الاستغلال غير القانوني للبيانات المخزنة على جهاز الحاسب الآلي، جرائم اختراق أجهزة الحاسب الآلي لتدمير البرامج والبيانات، الجرائم التي تتم من خلال استخدام أجهزة الحاسب الآلي للتخطيط لجريمة معينة أو ارتكابها وجرائم استخدام أجهزة الحاسب الآلي بشكل غير قانوني من قبل الأفراد المرخص لهم استخدامها، وقسم المرتكبين لهذه الجرائم إلى أربع فئات هم الموظفون العاملون في مراكز الحاسب الآلي، الموظفون الساخطون على مؤسساتهم أو شركاتهم، العابثون مثل الهاكرز والكراكرز والعاملون في مجال الجريمة المنظمة عبر استخدام أجهزة الحاسب الآلي. وبين أن نظام مكافحة جرائم المعلوماتية في المملكة يهدف لضبط التعاملات والتوقيعات الإلكترونية، وتنظيمها وتوفير إطار نظامي لها يؤدي لإرساء قواعد نظامية موحدة لاستخدام التعاملات والتوقيعات الإلكترونية، وتسهيل تطبيقها في القطاعين العام والخاص بواسطة سجلات إلكترونية يعول عليها وكذلك إضفاء الثقة في صحة التعاملات والتوقيعات والسجلات الإلكترونية وسلامتها وتيسير استخدام التعاملات والتوقيعات الإلكترونية على الصعيدين المحلي والدولي. وأكد العقيد الغامدي أن نظام مكافحة جرائم المعلوماتية يكفل حماية المصلحة العامة والآداب العامة والاقتصاد الوطني من خلال تحقيق التوازن الضروري بين مصلحة المجتمع في الاستعانة بالتقنية الحديثة ومصلحة الفرد في حماية حياته الخاصة والحفاظ على خصوصياته. ثورة تقنية المعلومات: من جهته أكد الدكتور عايض طالع العمري رئيس مجلس الجودة السعودي في المنطقة الغربية أن العالم يشهد اليوم ثورة هائلة في مجال تقنية المعلومات، وانتشار استخدام الشبكة المعلوماتية (الانترنت) على نطاق واسع حول العالم، حيث تشير آخر الإحصائيات أن عدد مستخدمي الانترنت في العالم أكثر من 2 مليار مستخدم العام الماضي، وأن عدد مستخدمي الإنترنت في الشرق الأوسط 68.6 مليون مستخدم، مشيرا إلى أن الدولة الأولى في العالم من حيث عدد مستخدمي الإنترنت هي الصين وبين أن هذا الرقم أدى لانتشار الجرائم الإلكترونية بشكل سريع. وأوضح أن أهم الصعوبات التي تواجه مكافحة الجرائم الإلكترونية صعوبة التوصل إلى الأدلة الرقمية والتحفظ عليها، القصور التشريعي في تعريف مفهوم الجريمة الإلكترونية، عدم وجود مفهوم قانوني دولي مشترك لتعريف الجريمة الإلكترونية، قصور النصوص التشريعية الخاصة بمواجهة تلك الجرائم وقصور التعاون الدولي بين الدول في مجالات المكافحة. وحدد عضو مجلس الجودة السعودي الدكتور هاني حسن فتياني خصائص وسمات مرتكبي الجرائم الإلكترونية المتضمنة في شخص ذي مهارات فنية عالية في الإجرام المعلوماتي، شخص قادر على استخدام خبراته في الاختراقات وتغيير المعلومات، آخر قادر على تقليد البرامج أو تحويل أموال ومحترف في التعامل مع شبكات الحاسبات، شخص غير عنيف لأن تلك الجريمة لا تلجأ للعنف في ارتكابها، شخص يتمتع بذكاء حيث يمكنه التغلب على كثير من العقبات التي تواجهه أثناء ارتكابه الجريمة وشخص اجتماعي له القدرة على التكيف مع الآخرين. وعرض الدكتور فتياني بعض أنواع الجرائم الإلكترونية ومنها اختراق الحاسب الآلي وتدميره، اختراق البريد الإلكتروني وسرقة محتوياته، التشهير بالأشخاص والسب والقذف واختلاس الأموال، سرقة البطاقات الائتمانية، اتلاف البرامج والمعلومات، تهديد الأشخاص أو ابتزازهم للقيام بفعل أو الامتناع عنه، المساس بالقيم الدينية أو النظام العام إلى جانب جرائم أخرى مثل إنشاء مواقع إرهابية أو الترويج لأفكارهم أو تمويلهم وإنشاء مواقع أو نشر بيانات عن كيفية صناعة المقترحات أو أية أدوات تستخدم للأعمال الإرهابية وإنشاء مواقع لشبكات الدعارة أو المخدرات أو الميسر أو الترويج لها وسرقة كلمات السر واستدراج الأحداث. وأوضح أن الجرائم الإلكترونية لا تزال تتطور وبشكل سريع، ونظرا لتعدد أنواع الجرائم الإلكترونية وتطورها برزت الحاجة لدى دول العالم لسن أنظمة تنظم استخدام الانترنت وفرض عقوبات لمن يسيء استخدامها بأي صورة كانت، حيث صدر في المملكة (نظام مكافحة جرائم المعلوماتية)، وذلك بالمرسوم الملكي رقم (م/ 17) وتاريخ 8/3/1428ه ويتكون النظام من (16) مادة وقد خصصت المواد (3، 4، 5، 6، 7، 8، 9، 10) لبيان أنواع الجرائم المعلوماتية وعقوباتها والتي تبدأ بالسجن مدة لا تزيد عن سنة وبغرامة لا تزيد عن خمسمائة ألف ريال، وتصل إلى السجن لمدة لا تزيد عن عشر سنوات وبغرامة لا تزيد عن خمسة ملايين ريال وذلك حسب نوع الجرم المرتكب. وقال الخبير العالمي الدكتور أمير النمرات المتخصص في تطبيقات الجودة في محاربة الجرائم الإلكترونية في جامعة لندن إن الأمر ليس مجرد وضع علامة سوداء على دولة بعينها لأن الكثير من هذه الدول تستضيف شبكات الجرائم الإلكترونية رغما عنها. وأشار إلى أن الهدف هو العمل مع هذه الدول عن طريق تقديم الدعم لتعزيز البنية التحتية لديها لمحاربة الجرائم الإلكترونية، ودعم اقتصادياتها والمؤسسات المنفذة للقانون التي تطارد مرتكبي الجرائم الإلكترونية الذين ينشطون في هذه الدول. وبين أن أفراد من وكالة مكافحة الجريمة المنظمة الخطيرة في بريطانيا عملت مع دول وحكومات لمساعدتها على اتخاذ إجراءات تقنية لمنع الجرائم الإلكترونية وضمان مقاضاة منفذيها، مضيفا أن هذه الدول بدأت في الاستفادة من تحسن خدمات الانترنت إلا أنها ستعاني في مواجهة الجرائم الإلكترونية المصاحبة لتطور خدمات الانترنت. تأسيس التحالف الدولي للمكافحة: وطالب بتفعيل تأسيس التحالف الدولي لمكافحة الجرائم الإلكترونية على مستوى العالم، والذي سيضم حكومات دول كبرى ووكالات تنفيذ القانون بما فيها هيئة الشرطة الأوروبية «اليوربول». وأكد أن إحصاءات نشرت مؤخرا أن المعدل السنوي لتكلفة الجرائم الإلكترونية حول العالم يبلغ 114 مليار دولار، وقال: كل ذلك يضعنا أمام تحد جوهري يتمثل في الإسراع في ضخ ثقافة أمن المعلومات لحماية الأفراد من الابتزاز والجهات والممتلكات من الخسائر الناجمة عن التساهل في أنظمة الحماية. وأشار إلى أن الجرائم الإلكترونية كبدت دول مجلس التعاون الخليجي خسائر تقدر ب 735 مليون دولار سنويا، لافتا إلى أن تلك الجرائم إذا كانت تستهدف المؤسسات فإنها تنطوي على أضرار وأخطار جسيمة تلحق بالمؤسسات المستهدفة. وأوضح أن ما مجموعه نحو 450 مليون عملية احتيال حول العالم حدثت العام الماضي، ومن أبرز أسباب عمليات الاحتيال ضعف بنية أمن المعلومات، داعيا لاتخاذ إجراءات صارمة وتكثيف الجهود الرامية إلى تثقيف وتعريف المجتمع بالأمن الرقمي وطرق الحماية من الجرائم الإلكترونية والعمل على إنشاء «قسم مكافحة الجريمة الإلكترونية» لمنع انتشار جرائم الاحتيال المالي والقرصنة الإلكترونية. الجدير بالذكر أن عدد حسابات البريد الإلكتروني في العالم 3.146 مليارات، نسبة الرسائل المزعجة بلغت 71 في المائة، عدد الرسائل المرسلة والمستلمة يوميا من قبل المستخدم التابع للشركات المتوسطة 112، نحو 0.39 % من الرسائل البريدية تضم ملفات خبيثة.