صدر قرار وزاري رقم 3130 وتاريخ 25-3-1427ه بشأن تسجيل السوابق، وإجراءات رد الاعتبار المتضمن ما يأتي: أولاً: تعديل المادة 3 من القرار الوزاري رقم 3130 وتاريخ 3-9-1408ه، لتكون على النحو الآتي: 1- أن تكون العقوبة بناء على حكم نهائي بعد محاكمة تجرى وفقاً للوجه الشرعي. 2- أن تكون العقوبة المحكوم بها إما: 1- حداً شرعياً غير حد المسكر. 2- حد السكر للمرة الرابعة. 3- السجن مدة لا تقل عن سنتين. 4- إذا اجتمعت عقوبتان من العقوبات الآتية:"الجلد الذي لا يقل عن ثمانين جلدة، والسجن الذي لا يقل عن سنة، والغرامة التي لا تقل عن خمسة آلاف ريال". والمقصود باجتماع العقوبات ما يتقرر شرعاً أو نظاماً أو هما مجتمعان. ثانياً: تعديل المادة 4 من ذات القرار لتكون على النحو الآتي: "الأحداث الذين لم يبلغوا الثامنة عشرة حين ارتكابهم الجرم، لا يجري تسجيل ما يصدر بحقهم". التحكيم التجاري بين الشريعة والنظام واتفاقات التحكيم الصادرة من الأممالمتحدة إن وجود التحكيم مرهون بالمنازعات بين البشر، وكذلك الكيانات المعنوية من مؤسسات وشركات، وهذه المنازعات تعتبر صفة لصيقة بالمجتمعات البشرية والمعاملات التجارية، وعليه فالتحكيم كما يوجد في مجتمع متحضر فإنه يوجد كذلك في مجتمع بدائي، وإذا صح ذلك عموماً فإنه يطبق بشكل خاص في المجتمعات التجارية التي تنفر بطبيعتها من القيود والإجراءات القضائية، لتجد في رحاب التحكيم الحرية المنشودة في مجال العمل التجاري من حيث اختيار المحكمين، وإجراءات التحكيم، والقانون واجب التطبيق، ومكان التحكيم، ولغة التحكيم، ونهائية الحكم التحكيمي، وعليه فإن التحكيم التجاري الدولي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحجم التجارة الدولية بين الدول والأمم زيادة وانكماشاً. فإذا انتقلنا من التعميم إلى التخصيص، لوجدنا أن نظام التحكيم في المملكة العربية السعودية يرجع بأصوله إلى الشريعة الإسلامية التي ولدت في مناخ وطيد الصلة بالتجارة الدولية، فمنطقة مكةالمكرمة كانت في القرن السابع الميلادي مركزاً للتجارة بين الشرق والغرب، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قبل البعثة النبوية أحد الأطراف المشاركة في ذلك النشاط التجاري الدولي، فالعرب قبل الإسلام كانوا يستوردون البضائع من الشرق ويصدرونها للغرب، فكانوا وسطاء وناقلين في تلك الحقبة الغابرة من المبادلات التجارية، ولذا فلا غرو إذا وجدنا أن القرآن الكريم يحض على التحكيم في قول الله تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً النساء، آية: 64 وكذلك قوله تعالى: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً النساء، الآية: 34. وهذه الظاهرة نحو الميل للتحكيم في الشريعة الإسلامية انعكست على النظام القضائي التجاري في المملكة العربية السعودية، فصدر نظام التحكيم التجاري بموجب القرار رقم 164 وتاريخ 21-6-1403، وأعقبته الموافقة على مشروع اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم الصادر بالمرسوم الملكي م/46، وذلك بموجب الخطاب السامي رقم 3/2021/م وتاريخ 8-9-1405ه. وعليه فإن التحكيم يلعب دوراً بارزاً في النظام القضائي المتعلق بالأمور التجارية المحلية والدولية في المملكة العربية السعودية، ورغبة منا في المشاركة في تعميق المفاهيم الخاصة بالتحكيم التجاري في هذا البلد، سنستعرض شروط صحة الحكم التحكيمي بشقيه الشكلي والموضوعي. الشروط الشكلية لنفاذ وصحة الحكم التحكيمي حتى يكون التحكيم في الأمور التجارية نافذاً وصحيحاً ومنتجاً لآثاره في النظام السعودي مقارنة بشروط الصحة الواردة في الاتفاقات الدولية في مجال التحكيم التجاري الدولي، لا بد من أن تتوافر فيه شروط شكلية عدة على النحو الآتي: أولاً: الكتابة: تعد الكتابة شرطا ًأساسياً في حكم التحكيم وذلك حتى يمكن إيداعه بديوان المظالم، للتأكد من صحته قبل الأمر بتنفيذه، فلا يعقل أن يقترف بالصيغة التنفيذية إلا إذا كان مكتوباً شأنه في ذلك شأن الأحكام والقرارات الصادرة من الجهات القضائية في المملكة، وذلك عملاً بالاتفاقات الدولية التي أشرفت عليها لجنة الأممالمتحدة الخاصة بقانون التجارة الدولي التي اشترطت الكتابة كذلك... فاتفاق نيويورك الخاص بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية المبرمة في نيويورك في 10 حزيران يونيو 1958، تشترط على طالب تنفيذ حكم التحكيم في مادتها 4/1 للحصول على الاعتراف وتنفيذ الحكم التحكيمي الصادر في بلد أجنبي، أن يقدم أصل الحكم التحكيمي مصدقاً بحسب الأصول، أو نسخة منه مصدقة بحسب الأصول كذلك، كما أن عليه أن يقدم اتفاق التحكيم الأصلي الوارد في المادة الثانية من الاتفاق، أو صورة مصدقة عنه. وهذا يعني أن حكم التحكيم يجب أن يكون مكتوباً حتى يمكن تقديمه إلى الجهات المختصة في بلد التنفيذ. ثانياً: لغة الحكم التحكيمي: يجب أن يصدر حكم التحكيم في المملكة العربية السعودية بلغة البلد الأصلية ? وهي اللغة العربية ? ، وإذا ما انتقلنا إلى رحاب المجال الدولي نجد أن اتفاقات التحكيم التجاري الدولي، تهتم كذلك باللغة التي يصدر بها أحكام المحكمين، فذهب اتفاق نيويورك الخاص في المادة 4/2 والخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية الصادرة في 10 حزيران 1958 بأنه"يجب على طالب الاعتراف بالحكم التحكيمي وتنفيذه إذا كان هذا الحكم غير محرر بلغة البلد الرسمية المطلوب إليها تنفيذه، أن يقدم ترجمة له بهذه اللغة، ويجب أن يشهد على الترجمة مترجم رسمي، أو محلف، أو أحد رجال السلك الديبلوماسي أو القنصلي"، ومعنى ذلك وجوب احترام القوة الملزمة لقانون مكان التحكيم بالنسبة للغة التحكيم، واختيار اللغة التي تحكم إجراءات التحكيم ينطبق على صحيفة المطالبة ولوائح الدفاع ، وأي بيانات كتابية أخرى... كما أن لهيئة التحكيم أن تأمر بأن تكون كل وثيقة ثبوتية تقدم لها مصحوبة بترجمة إلى اللغة أو اللغات المتفق عليها من أطراف التحكيم. ثالثاً: مشتملات حكم التحكيم: يجب أن يشتمل حكم التحكيم بوجه خاص على صورة من الاتفاق على التحكيم، وملخص أقوال الخصوم، ومستنداتهم، وأسباب الحكم، ومنطوقه وتاريخ صدوره، والمكان الذي صدر فيه، وتوقيعات المحكم، وإذا رفض واحد أو أكثر من المحكمين توقيع الحكم ذكر ذلك فيه، ويكون الحكم صحيحاً إذا وقعه أغلبية المحكمين. رابعاً: إيداع الحكم التحكيمي: جميع الأحكام الصادرة عن المحكمين، ولو كانت صادرة بإجراء من إجراءات التحقيق، يجب إيداعها خلال خمسة أيام لدى الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع، وإبلاغ الخصوم بصور منها، ويجوز للخصوم تقديم اعتراضاتهم على ما يصدر عن المحكمين إلى الجهة التي أودع لديها الحكم خلال 15 يوماً من تاريخ إبلاغهم بأحكام المحكمين، وإلا أصبحت نهائية وباتة. عليه لا يأمر ديوان المظالم بتنفيذ حكم التحكيم بمجرد صدوره، بل لا بد من توافر شروط موضوعية فيه، إضافة إلى الشروط الشكلية السابق بيانها، ومن أهم الشروط الموضوعية ما يأتي: 1- أن يكون الحكم قطعياً: يكون حكم التحكيم قطعياً إذا وضع حداً للنزاع كله أو جزء منه أو في مسألة متفرعة عنه، بينما الأحكام غير القطعية هي الأحكام التمهيدية الصادرة بإجراءات الإثبات، ولو كانت غايتها تحقيق وجه من أوجه الرأي المختلفة في المنازعة. فالحكم القطعي ينهي الخصومة بدوره، وإذا لم يتطلب النظام من المحكم استعمال تعابير فنية في إصدار الحكم فإن أي كلمات يستعملها المحكم وترقى إلى مرتبة فصل في المسائل المحالة على التحكيم تعتبر صالحة لحكم تحكيمي، وتتخذ عادة أحكام التحكيم القضائية أسلوب المحاكم في إصدار أحكامها، أما أحكام التحكيم الحر فإنها تتحرر من الصيغ المعتادة في إصدار الأحكام، وإن كانت تحدد حقوق والتزامات أطراف التحكيم بشكل واضح. 2- أن يجوز التحكيم على حجية الشيء أو الأمر المقضي به: يقصد بحجية الأمر المقضي به أن الحكم القضائي إذ يطبق إرادة النظام في الحالة المعنية، فإنه يجوز الاحتكام أمام الجهة القضائية التي صادقت عليه، بحيث إذا رفع أحد الخصوم الدعوى نفسها فُصل فيها مرة أخرى تعين عدم قبولها، فالحكم لا يجوز على حجية الشيء المقضي به إلا إذا كان نهائياً، وعليه فصفة الحجية للشيء المقضي به مقترنة بصفته النهائية. 3- يجب أن يكون الحكم نهائياً: بمعنى أن يكون قابلاً للتدقيق، والأصل أن الحكم التحكيمي لا يجوز تدقيقه إلا إذا اتفق الأطراف الخصوم قبل صدوره على خلاف ذلك. وحكمه منع التدقيق هنا إذ إن الخصوم ما التجأوا إلى التحكيم إلا رغبة في تبسيط الإجراءات على أنفسهم باختيار طريق معف من إجراءات نظام المرافعات، ما يجعل فتح باب الطعن، مفوتاً عليهم أحد دوافعهم الأساسية لاختيار طريق التحكيم ومنطوياً على العودة بهم إلى ساحة القضاء من باب خلفي. وبمجرد صدور الحكم التحكيمي النهائي، فإن المحكم يفقد سلطته على الحكم، إذ يكون قد أدى مهمته، ولا يملك سلطة على الحكم إلا لتصحيح بعض الأخطاء الكتابية أو الهفوات العريضة التي قد تكون لحقت بالحكم من دون الأخطاء القانونية. 4- أن يكون الحكم قابلاً للتنفيذ: فإذا صدر حكم التحكيم قطعياً ونهائياً وحاز حجية الأمر المقضي به فإنه يكون بحسب الأصل ملزماً لأطرافه، ما لم ينجح أحدهم في الطعن فيه بأي طريقة من طرق الطعن، ولذا يكون للطرف الذي صدر الحكم لمصلحته أن ينفذه طالما كان صالحاً للتنفيذ، مهما كان الإجراء المتبع في التنفيذ، لأن حكم التحكيم يمثل اتفاقاً من الأطراف لا يزيد أو ينقص عن أي اتفاق تعقد بين الأطراف، الذين يلتزمون بعقد الإحالة المبرم بينهم باحترام حكم التحكيم، فالحكم مع الإحالة له قوة العقد المكتوب. وخلاصة ما سبق أن النظام السعودي في مجال التحكيم التجاري جاء إلى حد ما مسايراً للاتجاهات الدولية الخاصة بالقواعد التي تتعلق بالتحكيم، ومتفقاً مع انضمام المملكة لاتفاق التجارة العالمية، راجين من الله أن نكون وفقنا في ما ذهبنا إليه من بيان شروط صحة الحكم التحكيمي في ظل مشروعيته، واتفاق ما أورده المنظم مع اتفاقات التحكيم المعقودة في ظل الأممالمتحدة في ظل هذه العجالة من دون تفصيل لا يتسع المقام لذكره. أستاذ القانون الدولي