شد انتباهي ما نشر في صحيفة"الحياة"يوم الثلثاء 18 محرم 1428ه العدد 16013 بشأن تعيين محامين ومستشارين قانونيين للوقوف ضد المواطنين، ومنعهم من الحصول على حجج استحكام على المنازل والأراضي، على رغم أنني أتفهم حيثيات هذا القرار، إلا أنني أرى في تعميمه على جميع المناطق ضررا ً كبيراً على المواطنين في المناطق النائية والقرى والهجر، الذين يعانون دوماً من تعميم القرارات الصادرة من الوزارات بشأن بعض القضايا التي تثار في المدن الكبرى، إذ يصدر القرار أو النظام بشكل مركزي، ويعمم من دون أن يفرق بين مناطق التنفيذ. وبشأن هذا القرار، فإنني أخشى أن يعتبره رؤساء البلديات والمجمعات القروية في تلك المناطق مدعاة للإفراط في محاربة المواطنين في القرى والهجر والبراري، حيث تمنعهم البلديات من بناء أي مسكن حتى ولو كان صغيراً، ولا يستصلحون الأراضي البور، حتى وإن كانت تزرع قديماً عن طريق آبائهم ما لم يتحقق امتلاكهم لهذه الأراضي بصك شرعي، فأي تغيير على الأرض يعتبر من ضمن التعديات التي تجب إزالتها من دون أية رحمة. وفي نظري فإن هذا الأمر يعد عائقاً للتنمية ولبرنامج التوطين، ويعمل ضد الاستراتيجية العمرانية الوطنية التي تهدف إلى تنمية القرى والمدن الصغيرة للحد من تكدس السكان في المدن الكبرى، كذلك فيه إهدار للمال العام والخاص، حيث تكون الكلفة مضاعفة كلفة البناء ثم كلفة الهدم ما يؤثر بشكل سلبي في الاقتصاد الوطني، لأن هذا يعتبر كفاً لأيدي المواطنين عن الإنتاج بالنسبة إلى استصلاح الأراضي وزراعتها، وإهداراً للمال في بناء مساكن محكوم عليها بالهدم. فالمواطن في القرى والهجر النائية يجد نفسه في حيرة وتعقيدات تقف أمام حصوله على منزل يأويه أو أرض زراعية يستفيد منها، وكذلك لا يستطيع استخراج صك شرعي لأن المحكمة تشترط الأحياء، والبلدية تهدم كل ما يعمر الأرض من مبان وغيرها، والكهرباء تشترط تملك الدار بصك شرعي، وبالتالي يقف المواطن حائراً أمام هذه المتناقضات الصعبة، ويشاركهم في تلك الحيرة مجلسهم البلدي بسبب تطبيق المركزية الشديدة في إصدار القرارات كما وصفها الدكتور عدنان الشيحة في مقاله المنشور في صحيفة"الاقتصادية"بتاريخ 8 صفر 1428ه العدد 4885. والنتيجة أن معظم سكان تلك القرى والهجر خصوصاً الشبان منهم اضطروا إلى الهجرة إلى المدن الكبرى، حيث غالباً ما يستأجرون شققاً سكنية بمبالغ باهظة. فلو أجرينا مسحاً للمستأجرين في المدن الكبرى لوجدنا معظمهم إما غير سعوديين، أو من الذين نزحوا من القرى والهجر بحثاً عن مسكن أو عمل، لأنهم لم يجدوا الفرصة الكافية في مناطقهم لكي يقوموا بأي نشاط اقتصادي أو حتى بناء مساكن لهم، وكل ذلك بسبب أنظمة البلدية الصارمة التي تطبق من دون أي تمييز بين بيئة وأخرى. كما أنه من الملاحظ أن هذه المراقبة الصارمة على المواطنين ومنعهم من البناء يجعلانهم يهربون بعيداً عن عين المراقب، وبالتالي تنشأ هجر جديدة تضطر البلدية إلى إيصال الخدمات لها، ما يزيد العبء عليها وهذا يتنافى مع التعليمات الخاصة بحصر النطاق العمراني. إنني أناشد مجلس الشورى الموقر عبر صحيفتكم، الأخذ في الاعتبار وضع المناطق النائية من مدن صغيرة وقرى وهجر عند مناقشة تقرير لجنة المياه والمرافق والخدمات العامة، إذ يتضمن مشروعاً للائحة مراقبة الأراضي الحكومية وإزالة التعديات "الحياة"23 محرم 1428 العدد 16018. فإذا أخذنا في الاعتبار أن هذه المناطق يرجى تعميرها وتطويرها كما ورد في خطط التنمية لما له من فوائد مثل الحد من الهجرة إلى المدن الكبرى وتحقيق التوطين وتحريك عجلة التقدم والنشاط الاقتصادي، فإننا نرى ضرورة عدم معاملتها كالمدن الكبرى في جميع النواحي التنظيمية والإدارية، فالأراضي البور متوافرة وليست ذات قيمة استراتيجية. وإذا أردنا تعمير تلك المناطق فيجب تحريك عملية الإنتاج فيها بتسهيل المناشط الاقتصادية والاجتماعية أي ما كانت ويكون ذلك بإشراك المواطنين في القرارات التي تخص شؤونهم الحياتية وذلك عن طريق المجلس البلدي كما أراده ولاة الأمر - حفظهم الله - بل من المستحسن إصدار نظام خاص بالبلديات والمجمعات القروية بهذه المناطق، بحيث تكون فيه مرونة تمكن المواطن من الاستفادة من الأراضي، سواء للسكن أو للزراعة ويشجع المواطنين على إعمار الأرض والإنتاج. الدكتور عبدالمنعم حمدان الزلباني نائب رئيس المجلس البلدي في ينبع النخل