التقدم المذهل الذي يشهده عالمنا المعاصر في ثورة المعلوماتية وتقنية الاتصالات والذي ألقى بظلاله على حياة الأفراد في شتى المجتمعات على مختلف الأصعدة وانعكس على ما نلمسه في حياتنا اليومية من ايجابيات وسلبيات لهو دليل على مدى السيطرة الواضحة على حياة الفرد اليومية. تلك الايجابيات المتعددة التي لا حصر لها نرى أن النقيض لها وهو الجانب المظلم يتمثل في التصرف الخاطئ والاستخدام السيئ لتلك التقنيات، الذي قد ينعكس سلباً على الصورة الجميلة التي نسعى جميعاً لغرسها في نفوس كل من على هذه الوسيعة، من خلال القيم التي تمثل جذور المجتمع فنشربها جيلاً بعد جيل. من تلك الجوانب المظلمة في ثورة الاتصالات ما يتعلق بالمشاركة من خلال الاتصال بالبرامج المباشرة على الهواء، والتي تذاع بشكل مستمر سواء كان ذلك تلفزيونياً أو إذاعياً، فنجد أن الاتصالات تعبر عن أفراد وبالتالي تعكس صورة مجتمع بأكمله وبجميع شرائحه، إن ما يصدر عن بعض الأشخاص الذين يتواصلون مع تلك البرامج من إسفاف من خلال بعض الألفاظ غير اللائقة والأساليب المبتذلة الرخيصة والتصرفات غير المسؤولة من بعض ضعاف النفوس أمر لا يرضي أحداً. ولنأخذ الصورة المتكررة من بدايتها، فنجد أسلوب الترغيب المستمر والتوسلات الحثيثة من مقدمي تلك البرامج حتى إن بعض مقدمي تلك البرامج لو يعلم أسماء من يشاهدونه لأخذ يرجو كل واحد منهم باسمه، والإسهاب في تقديم الغنج والدلال، من أجل الاتصال عليه لرفع الرصيد المالي لخزانة المحطة، من خلال تلك الاتصالات، ما أظهر فناً جديداً في عالم التقديم وهو فن التسول الفضائي. وبعد كل هذه الشحاذة يأتي الاتصال إلى تلك البرامج، وأول ما يبادر به الشخص المتصل عبارة أصبحت سمة مميزة، وهي: ممكن أشارك؟ أإلى هذا الحد وصل بنا الأدب في الحديث بعد كل التوسلات؟! جميل أن نهذب عباراتنا مع الآخرين، ولكن من القبح أن نجعلها إشارة أمان واطمئنان زائف نخبئ خلفها ما يجول في النفس من قبح وكلام بذيء ننوي إقحامه في مسامع مقدم ذلك البرنامج، وفي معظم الأحيان يكون المتلقي لهذه القذائف اللفظية من المذيعات الحسناوات، ويكون وقع ذلك على المشاهدين والمتابعين له أثر بالغ، لما فيه من خدش للحياء والآداب العامة والأخلاق الحميدة، لأن رب الأسرة وجميع أفراد عائلته على اختلاف مراحلهم العمرية ذكوراً وإناثاً يتابعون هذا البرنامج... ألا يعني الاتصال الرغبة في المشاركة أم أن الاتصال كان لغرض الخطوبة، أو السؤال عن شقة للإيجار مثلاً؟! وفي بعض البرامج المباشرة عندما يأتي الاتصال ويكشف المتصل أنه من"هناك"فان المقدم أو المقدمة تتغير ملامح وجهه، وتعتريه حالة من الخوف الحذر إذ يترقب تفجير قنبلة في اللحظات المقبلة، ويكون جميع من في تلك المحطة الفضائية على أهبة الاستعداد ويبدأ الإعلان عن حالة الطوارئ وتأخذ صفارة الإنذار تدوي بين ردهات تلك المحطة ويزول الخطر ويتابع البرنامج خطة عرضه مع إقفال سماعة ذلك المتصل، ونستثني من تلك التصرفات الحمقاء الاتصال الفعال للبرامج الحوارية الهادفة التي تحمل بين طياتها فكراً وقيماً ايجابية، وتنشر المعلومة المفيدة والنصيحة الصادقة، ومن يقوم على تقديمها من ذوي الثقافة الحقيقية والعلم والدراية بفنون التقديم. رجاء محب وأمنية صادقة لكل من يقوم بالاتصال على هذه البرامج المباشرة أن يتواصل مع القنوات الجيدة التي تنشر الفائدة والمعرفة، ويعي أن مشاركته تسمع في أصقاع الأرض، ولا بد أن يستشعر انتماءه الأصيل لهذا الوطن، وعندما يقول إنه من السعودية يتعين أن يكون نموذجاً ومثلاً يُحتذى، لأنه يمثل مجتمعاً بأكمله، وأن يعبر عن ذلك بما يترك انطباعاً حسناً لهذا الانتماء في نفوس كل من يتابع هذه البرامج المباشرة. [email protected]