قالت زوجتي لي منذ أيام قليلة: هل تعلم أن ابنتك الصغيرة لم تنم طوال الليل من خوفها أن يأتيها الجن؟ وحين استفسرت عن السبب علمت أن مدرستها وهي تشرح للتلميذات درس"باب ما جاء في الرقى والتمائم"، في مادة التوحيد، وقفت عند حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:"يا رويفع لعل الحياة ستطول بك، فأخبر الناس: أن من عقد لحيته، أو تقلد وتراً، أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمداً بريء منه"، وأسهبت في شرح الحديث، وسبب النهي عن الاستنجاء برجيع الدابة أو العظم، حسبما ورد في نص كتاب التوحيد، لأن العظم طعام الجن، والروث علف لدوابهم، فلم تدع قصة عن الجن والشياطين في السير أو الأثر إلا وروتها لتلميذاتها الصغيرات. قرأت الدرس المؤلف من صفحتين فلم أجد فيه أية فائدة ترجى من مثل هذا الحديث لأطفال براعم. فليس فينا من يطيل لحيته لتصل إلى حد أن يعقدها ليتفاخر بها، تشبهاً بكفار قريش، وليس فينا من يسمح لإحدى بناته أو نسائه أن تذهب إلى أرض خلاء ليس فيها حمام ومياه لتستنجي، وهل المقصود من الحديث أن رويفعاً سيطول عمره إلى وقتنا هذا ليبلغنا ذلك أم أن البيئة الصحراوية التي كانوا عليها هي المقصود في هذا التشريع؟ دعاني هذا الموضوع إلى أن أقلب في كتبها الدينية فوجدتها تزيد عن ضعف الكتب العلمية، بل لاحظت حشر بعض النصوص الدينية في بعض الكتب العلمية البحتة، ففي كتاب الرياضيات لديها درس عن النسبة والتناسب، يبدأ بالآية رقم 11 من سورة النساء عن نصيب الأولاد والأزواج من الإرث لتفهيم الطالبات معنى النسبة. وبمراجعة سريعة لكتاب الفقه لديها وجدت درساً كاملاً عن زكاة الإبل، على رغم أن المعلمات واثقات بأن معظم هؤلاء الطالبات لم يرين الإبل على الطبيعة في حياتهن، فكيف بنا أن نربيها ونتاجر بها ونتعلم أن نحسب زكاتها؟ ودرس آخر عن زكاة الركاز، الذي جاء في فقرة منه"زكاة الركاز: هو كل مال مدفون تحت الأرض، أو الكنز المدفون بفعل الكفار". السؤال يكمن هنا: من منا اكتشف كنز خبأه الكفار؟ وبعد صفحات قليلة درس حول النهي عن دخول الحمام بالرجل اليمنى مع صورة كبيرة تشرح ذلك، على رغم انه لا يوجد نص واحد يقول بذلك، وكل ما استنبطه الفقهاء أن الرسول كان يتيامن بالأمور الطيبة ويستنجي بيده اليسرى، وهذا سليم طبياً وقريب للعقل والمنطق. أما أن أجعل الطفل يقف على باب الحمام ليحصي خطواته بأي رجل يدخل الحمام، وإذا وجد نفسه قد نسي أن يدخل بالرجل اليسرى يجلس ليؤنب نفسه هل هذا الإثم الذي ارتكبه من الشرك الأكبر أم من الشرك الأصغر؟ وبعد، ألا تحتاج مناهجنا للمراجعة لتواكب هذا العصر الذي نحن فيه؟ * باحث في الشؤون الإسلامية.