بنظرة تفاؤلية لمستقبل واعد نحو التحول إلى مناطق ذكية، تمكن مستخدمي التقنية من الحصول على المعلومات والخدمات في دور التعليم والمنازل والمستشفيات والمتنزهات والمراكز التجارية والأماكن العامة، بحيث ينتج عن ذلك توفير محتوى وخدمات إلكترونية تقدمها الجهات الحكومية، والقطاع التجاري في أماكن مختلفة من العاصمة الرياض، وبطريقة ميسرة وبسرعة عالية حتى تتبعها مدن أخرى ذكية في مختلف مناطق المملكة إن شاء الله تعالى. ومع اطراد النمو السكاني، وما يتبعه من تزايد أعداد المركبات وما تقوم به تلك المركبات من رحلات بأرقام مخيفة تنذر بكارثة تلوث بيئي، أصبح من الضروري جداً التوسع في تطبيق التعاملات الإلكترونية والمناطق الذكية، والعنصر البشري عليه استثمار الوقت عن طريق اكتساب مهارات الحاسب الآلي، وأن يكون حافزاً للتدريب ذاتياً لمواكبة التطور التقني في المملكة، لا سيما مع توافر فرص التدريب المجاني، وغير المجاني بأسعار في متناول الجميع مع أنه يوجد ? ولله الحمد ? من يستثمر جزءاً من وقته في التدريب في مجال الحاسب الآلي، ولعلي أجد الفرصة مناسبة لكي أستعرض بعضاً من تطبيقات المناطق الذكية. فمنذ زمن قريب كان يتم تسديد فواتير الخدمات الحكومية مثل خدمات وزارة الخارجية، الجوازات، المرور، شراء تذاكر السفر، بالطرق التقليدية عن طريق الوقوف في طوابير ممتدة، وها نحن ننعم ونحن في أماكننا بإجراء تلك التعاملات الإلكترونية بكل يسر وسهولة من دون القيام بمشاوير، مما كان له أثر واضح في توفير الجهد والوقت وبأقل حاجة لوسائل النقل. إن بعض الجهات الحكومية والمصرفية وقطاع الأعمال قطعت شوطاً كبيراً في جاهزيتها للتعاملات الإلكترونية، ومن خلالها تمكنت شريحة من المجتمع من إجراء التعاملات الإلكترونية، وكان فيه توفير للجهد والوقت، والحد من رحلات المركبات اليومية، والبعض الآخر من تلك الجهات لا يزال يراوح مكانه، إما لنقص الكوادر البشرية القادرة على مواكبة التطور التقني، أو لعدم وجود رؤية وخطط واستراتيجية واضحة، بحيث يتم تقويم ما أنجز من الخطط ومعالجة أوجه القصور والعوائق. أما في ما يتعلق بالعقار، فإن التحول من الطريقة التقليدية إلى الذكية مطلوب لتمكين المجتمع من معرفة مدى توافر الأراضي والمساكن والشقق ومعرفة أماكنها وأسعارها ومواصفاتها عن طريق شبكة الإنترنت، وهذا بالطبع يتم بالتعاون مع الجهات المعنية، بحيث يتم تصميم برنامج حاسب آلي ومن خلاله يتم ربط جميع المكاتب العقارية بالبرنامج وعرض جميع ما لديهم وحث المكاتب العقارية على نهج هذا التوجه، لما فيه من توفير الوقت للمواطنين والحد من عدد رحلات المركبات اليومية، وتنشيط حركة العقار وزيادة فاعلية الاقتصاد المحلي. وحينما يتم ربط مراكز المرور لتبادل المعلومات سيسهم ذلك في حضوره المبكر أثناء وقوع الحوادث المرورية، وحضور الدفاع المدني والإسعاف في الوقت المناسب، كما سيسهم كذلك في تنظيم حركة المرور بالطرق ورصد المخالفات المرورية وبث الرسائل عبر أجهزة الحاسب الآلي أو الهواتف المحمولة لقائدي المركبات وحثهم على سلوك طرق أخرى بديلة لتجنب الزحام. وعلى وزارة التجارة والصناعة والبلديات والغرف التجارية حث أصحاب المراكز والمحال التجارية على التفاعل مع التوجهات نحو التحول للمدن الذكية والتعاملات الإلكترونية بحيث تمكن العملاء عبر شبكة الإنترنت من التجول في الأرفف ومعرفة مدى توافر السلع الاستهلاكية والمستلزمات المنزلية وغيرها، وهم في منازلهم أو في المتنزهات والأماكن العامة من دون التعرض للزحام، فمثلاً لا حصراً شخص يريد شراء جهاز حاسب آلي أو هاتف محمول، فبإمكانه الدخول على أكثر من مركز تجاري والتعرف على شكل ومواصفات تلك الأجهزة وأسعارها وهو لم يتحرك من مكانه. ثم إن أصحاب محطات التزود بالوقود، مطلوب منهم العمل على الارتباط بالشبكة السعودية، ومركز البطاقات الائتمانية، وهذا مفيد لصاحب المحطة للحد من سرقات النقود التي بحوزة عمال المحطة وكذلك سهولة وسرعة قيد المبالغ في حساب صاحب المحطة، وفي هذا الجانب نطالب الجهات المعنية بحث محطات التزود بالوقود على التوجه نحو التحول للمحطات الذكية للفائدة المرجوة التي ستعود على صاحب المحطة وعلى العملاء إن شاء الله تعالى. والمنزل الذكي من خلال الربط الرقمي للمنزل بحيث يصبح منزلاً ذكياً متصلاً بين أجهزته وغرفه وساكنيه، ليواكب متطلبات المنزل الذكي، وتوفير الأجهزة التي من خلالها تتم متابعة المؤتمرات والمنتديات والمحاضرات بواسطة شبكة الإنترنت والاستماع ومشاهدة المحاضرات الدراسية لمختلف مستويات التعليم، ما سينعكس على المجتمع بشتى العلوم والمعرفة ومعرفة ما يدور حوله والتفاعل معها للنهوض بالمجتمع معرفياً، وأيضاً تجهيز المنزل بالأجهزة المنزلية الرقمية مثل أجهزة مراقبة المنزل أمنياً وأجهزة التكييف، وأجهزة التبريد والإنارة، مع ربطها آلياً ليتم التحكم بها عبر جهاز الحاسب الآلي وحتى عن بعد عن طريق إرسال واستقبال الرسائل عبر أجهزة الهواتف المحمولة أو الحاسب الآلي. إن التقنية مفيدة متى وجهت للاستخدام الأمثل والنافع، ولكنها تفقد هدفها الأسمى إذا استغلت واستخدمت من أفراد المجتمع سلبياً، ولنا أن نتصور فرداً يتصفح مواقع العلوم والمعرفة وللحصول على المعلومات والخدمات، ولنا أن نتصور أيضاً شخصاً آخر يتصفح مواقع الفساد والانحلال الخلقي وشتان بينهما، ثم إن التقنية النافعة وما تحتويه تعد نعمة كبيرة من المولى عز وجل تستوجب الشكر ولو ضربنا مثلاً وصف حالتين للحصول على المعلومات أولهما بالطريقة التقليدية حيث يتطلب الأمر قصد المكان الذي توجد به المعلومة وتتم مغادرة المنزل والتنقل يمنة ويسرة ويتطلب الأمر السفر. أما الحالة الأخرى هي حالة الحصول على المعلومة من شبكة الإنترنت بأقل جهد ووقت، أليست تلك نعمة من الله؟ هذا جزء قليل من طموحات كبيرة تصب في خدمة الإنسان والاقتصاد في هذا البلد العزيز بدينه وقيادته وأهله، وعلينا كمواطنين واجب التفاعل والاستعداد الداخلي لتحقيق تلك الطموحات بعون الله ومشيئته. عبدالله بن علي العجيري مؤسسة النقد العربي السعودي - المركز الرئيسي - الرياض