حول ما نشر في صحيفة"الحياة"بتاريخ 2 ذو الحجة 1427ه تحت عنوان:"فقيه سعودي لا يرى"الطهارة"شرطاً لصحة الطواف". أود أن أشير إلى أن الأحكام في الشريعة الإسلامية ترتكز أساساً على قاعدة علمية أساسها علما الفيزياء والكيمياء. فكل شيء خلقه الله"بقدر"، وكل شيء تتحكم فيه القوانين الفيزيائية من ضوء وحرارة، بعبارة أخرى، جسدنا خاضع لقانون السموات والأرض، وما تم تحريم أمر إلا كان في إتيانه ضرر على الجسد الضعيف الذي يجهل قوانين الكون تماماً. وقد حرم الله الصلاة إذا كان الشخص غير طاهر أو غائب العقل، وأثبت العلم أن لكل شيء مجالاً مغناطيسياً خاصاً به، فغير الطاهر يعمل على تشويش إخوانه، إضافة إلى أن عمله لا يرتفع لعدم سموه في نفسه إلا في حال واحدة، وضحها الفقهاء في كتب الفقه، يخرج من هذه الحالات شرط الطهارة في الطواف للرجل والمرأة، المحدث حدثاً أصغر، والمرأة الحائض والنفساء، وذلك لأنه في حال عدم الطهارة تنشط الجراثيم في الجسم فيؤمر الإنسان بإزالة تلك الجراثيم، وفي حال المرأة الحائض فإن سكب آبار من المياه لا يمكنها تبريدها ما يتسبب في إنهاكها، الأمر الذي لأجله مُنعت من مزاولة الأعمال الشاقة مثل الصلاة والطواف والصيام لحاجة جسدها للماء في صورتي الطعام والشراب. وقول الدكتور العودة"لو لم يتطهر وطاف، أو أحدث خلال الطواف ولم يجدد وضوءه فلا شيء عليه لصعوبة الوصول إلى أماكن الوضوء أثناء الزحام، أو لارتباط الحاج بموعد مغادرة يخشى فواته، كما أن المرأة الحائض التي لن تطهر إلا بعد وقت طويل، فلها أن تطوف للضرورة". أقول للدكتور العودة: لو تُرك كل شيء للضرورة لضاع الدين، أليس كذلك؟ لا أشك في نية الدكتور العودة، وأود تذكيره بأن الرسول"صلى الله عليه وسلم"أشد حرصاً على نساء أمته في هذا الشأن، وقد ورد أمران في ذلك لزوجتيه عائشة وصفية ? رضي الله عنهما ? الأول، كان لعائشة قالت:"ثم خرجنا لا نرى إلا الحج فلما كنا"بسرف"حضت فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، قال: ما لك، أنفست؟ قلت: نعم، قال: إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاقضي ما يقضي الحاج، ألا تطوفي بالبيت ص البخاري. وفي رواية أمر أخاها عبدالرحمن ? رضي الله عنه ? بالبقاء معها حتى تطهر وتطوف ورحل هو صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، والثاني، كان راحلاً إلى المدينة ف"قيل له عن صفية أنها حاضت، فقال: أحابستنا هي! فقيل له: إنها لا، قد أفاضت، قال: فلا إذاً. كتاب المبسوط للسرخسي. وقوله صلى الله عليه وسلم ? فلا إذاً. يعني أن ليس عليها الطواف بالبيت لتأكد شرط الطهارة لها، ونجاسة الحائض مقصورة على جزء جسدها السفلي فقط، أما المحدث حدثاً أصغر فإن نجاسته تمتد على كامل جسده. إن الأمر بالطواف للحائض ممنوع، بمعنى محرم لبالغ الضرر المترتب عليها، وهو كذلك للمحدث حدثاً أصغر رجلاً كان أو امرأة. وكون شركات الحج ليست على درجة من المسؤولية فالأولى بها ألا تتكلف في إحضار الحجيج ثم لا تنتظرهم لاستكمال مناسك حجهم، فمنهم من لا يعود لزيارة هذا البيت مرة أخرى ويموت من دون ذلك.وبدلاً من أن تتخذ الوزارة قراراً صارماً تجاه شركات الحج، يقوم علماؤنا باتخاذ مسوغات للحجاج المغلوبين على أمرهم خشية عليهم فلم يحلوا المشكلة بل تتفاقم. وأوردت الصحيفة تحت عنوان:"عزل المرأة"يوم السبت 3 ذو الحجة 1427ه مقالاً للصحافية رقية الشبيب حول قرار القائمين في الحرم المكي بعزل النساء، قالت:"إن المسؤول علل إصدار القرار بأنه يمنع اختلاط النساء بالرجال في غير أوقات الصلاة"، وفي أوقات الصلاة أتساءل: هل يجوز الاختلاط؟ في الحقيقة، لا أعلم لماذا يقحم الناس، بحجة فقه سد الذرائع الذي ليس من الدين بتاتاًَ، أمور الاختلاط ضمن هذا القرار، أتساءل هل شقوا عن صدور عباد الله فعلموا ما بها؟ إن كل ما قيل في شأن فقه سد الذرائع عبارة عن قرارات احترازية، تُتخذ خوفاً من أمر خفي خشية وقوعه، وهذا ليس من الدين البتة. وفي الحقيقة فإن فقه سد الذرائع هو فقه التجسس والشك في أقوال وأفعال عباد الله، وأمر الله بالأخذ بهذه الأمور خصوصاً بالبينة. وإذا كان الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر في الحرم تعبوا من منع من لا يخاف الله ممن يتخذ إمكان الاختلاط في الحرم سبباً للقاء المحرم، فليتركوا الأمر لغيرهم ممن لديهم القدرة والقوة، خيراً من أن يُدخلوا على الدين ما ليس منه. فعزل النساء لن يمنع تلك السلوكيات المشينة في أقدس بقاع الأرض من أفراد هم قلة، وأين هم من قوم نوح الذين ظنوا أن"وداً وسواعاً ويغوثاً"ليسوا آلهة بعدما تقادمت المدة، وغداً سيأتي من يزيد من التضييق على النساء بحجة أن ذلك الحل لم يحل المشكلة، وربما أتى من حرم أن تصلي النساء في المسجد الحرام أصلاً! زهرة محمد خميس باحثة مستقلة