أكد أستاذ الحديث في جامعة الإمام محمد بن سعود سابقاً، الدكتور سلمان العودة، أهمية مراعاة "مقصد التيسير" في التسهيل على حجاج بيت الله الحرام، لما يتعرضون له من ازدحام ومضايقات تؤدي إلى صعوبة أداء الحج، بما يشغل الحاج عن أهمية العبادة، وتصل في بعض حالاتها إلى أعداد هائلة من الوفيات. واستعرض العودة في كتيب صدر أخيراً بعنوان "افعل ولا حرج"، مسألة إفاضة الحجاج من عرفة قبل غروب الشمس جوازاً، والبقاء في عرفة إلى غروب الشمس استحباباً، وجواز عدم المبيت في منى ليالي التشريق لمن كان له عذر، أو لم يجد مكاناً في منى يبيت فيه، وجواز الرمي قبل زوال الشمس، استناداً إلى قاعدة "المشقة تجلب التيسير"، التي كانت عنواناً لمسائل الحج التي تطرّق إليها. وإضافة إلى المسائل الفقهية التي كانت جوهر بحث العودة، أفرد لموضوع تكرار الحج فصلاً مستقلاً، شدد فيه على خطأ من يقوم بتكرار الحج كل سنة من دون حاجة ماسة لوجوده، كأن يكون مَحرماً لقريبته، أو مفتياً، أو لديه مسؤولية تنظيمية، إضافة إلى مخالفته التعليمات الرسمية التي تشترط عدم الحج إلا بعد مرور خمس سنوات، بناء على فتوى من هيئة كبار العلماء، مراعاة للحجاج الآخرين الذين يتسبب تكرار الحج لمجرد النافلة بالتضييق عليهم. وقال العودة: "لو تصدق من يقوم بتكرار الحج بقيمة حجة النافلة على إخوانه المسلمين، وتصدق أيضاً بالمكان الذي سيحتله في منى، أو عرفة، أو مزدلفة، أو في المسجد الحرام، وحتى في الطرقات والمراكب، لأمكننا أن نسهم فعلياً في تخفيف الازدحام، وتيسير الحج، وتجنيب المسلمين مغبة الارتباك، والموت عند المشاعر". كما تطرّق إلى التيسير في ركني الحج الوقوف بعرفة، والطواف، إذ أشار إلى جواز الدفع من عرفة قبل الغروب، بناء على ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك، كما لفت إلى إمكان تأخير طواف الإفاضة، ليكون هو وطواف الوداع طوافاً واحداً، تخفيفاً للمشقة. وفي اشتراط الطهارة للطواف، أكد العودة أفضلية الطهارة للطواف، غير أنه استدرك بأنه "لو لم يتطهر وطاف، أو أحدث خلال الطواف ولم يجدد وضوءه، فلا شيء عليه، لصعوبة الوصول إلى أماكن الوضوء أثناء الزحام، أو لارتباط الحاج بموعد مغادرة يخشى فواته. كما أن المرأة الحائض التي لن تطهر إلا بعد وقت طويل، فلها أن تطوف للضرورة، بعد أن تتحفظ على نفسها". كما نبّه إلى جواز الرمي ليلاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال سُئل النبي صلى الله وعليه وسلم: "رميت بعدما أمسيت؟"، فقال عليه الصلاة والسلام: "لا حرج"، قال: "حلقت قبل أن أنحر؟"، قال عليه السلام: "لا حرج". ولفت العودة إلى جواز الرمي قبل الزوال في كل الأيام، استدلالاً بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "رخّص للرعاة أن يرموا بالليل، وفي أية ساعة من النهار شاؤوا"، وغيره من الأدلة. وأضاف: "وحياة الناس أولى بالرعاية من حياة الحيوان، كما في حال الرعاة، وحفظ الأرواح من المقاصد الخمسة المُجمع على اعتبارها في الشريعة".