صناعة العقار يختلف مفهومها كثيراً عما نتخيله ونظنه حين نحصرها في افق ضيق، بين ما نعرفه وما لا نعرفه من شراء قطعة أرض أو بناء مساكن من فلل وقصور وعمارات ومحال، انها اشمل بكثير من ذلك، وحسبنا ان لرواد هذه الصناعة رؤية مغايرة ومميزة، عبر عنها احدهم باقتدار حين قال ان صناعة العقار احياء للمخططات الجامدة وان صح التعبير ميتة. وتطور المفهوم الضيق لصناعة العقار من شراء الأراضي وبناء الوحدات السكنية ثم بيعها، ليتحول إلى مخططات عمرانية تبدع منظومتنا الحضارية بكثير من الفن والاقتدار، حيث المساهمات العقارية التي اقبل عليها المستثمرون بصورة لم يسبق لها مثيل... وكذلك المشاريع الاسكانية الهائلة من ابراج وقصور وناطحات سحاب ومخططات شاطئية راقية، ثم يأتي دور التسويق العقاري ليبلور هذا المفهوم الشامل لصناعة العقار بأسلوب تقني عالمي المستوى. وإذا كانت الاحصاءات تشير إلى ان السعودية أصبحت ثالث دولة في العالم من حيث النمو السكاني، وان الاعوام ال25 المقبلة سيصل فيها معدل الطلب السنوي على المساكن إلى 40 ألف وحدة سكنية، كما تشير إلى تضاعف عدد السكان بعد 20 عاماً، كما سيتضاعف عدد الاسر ثلاثة اضعاف ما هي عليه الآن. ومع هذه الأرقام والاحصاءات فان صناع العقار ينظرون إلى الأسواق بنظرة مختلفة تماماً، متطلعين إلى كونها صناعة مربحة تماماً، بل وتفوق ربحيتها بقية الصناعات الأخرى. الا ان اهم الصعوبات التي اصبحت محط اهتمام الجميع تكمن في البيروقراطية وتعقيدات الروتين الرسمي الممل، وهذا للاسف الشديد هو السبب الحقيقي الذي دفع بعض كبار المستثمرين إلى الهجرة برؤوس أموالهم إلى دول شقيقة وجدوا فيها ضالتهم من حيث توفير التسهيلات، وجميع ما يكفل لاستثماراتهم النجاح، ونحن - للآسف - ما زلنا نراوح عند بعض مسميات البيروقراطية المطاطة مثل"جرت العادة وممكن... وغير ممكن... وقد يكون... وإلى ذلك الكثير"بل تجد هناك تضارباً عجيباً في تنفيذ بعض القوانين التي من المفترض ان تكون موحدة لخدمة الجميع، ولكن للأسف الشديد تجد بعض هذه القوانين يطبق بطرق مختلفة ومتناقضة، حتى في بعض الإدارات الحكومية التابعة لجهة واحدة، وفي تفسيري الشخصي ان هذا ناتج من تصرفات شخصية لبعض المسؤولين، الذين لا توجد لديهم المواطنة الحقيقية ولما عاهدوا الله عليه من خدمة الدين ثم الملك والوطن. *باحث عقاري.