في خطوة تعد الأولى من نوعها منذ 3 أعوام، صرحت رئيسة المجلس التنفيذي في الفرع النسائي في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض هدى الجريسي ل?"الحياة"، بأن خطوات لاحقة"تأتي بعد تحرك منظم يهدف إلى التصعيد ومتابعة خطاب مرفوع إلى خادم الحرمين الشريفين رئيس المجلس الاقتصادي الأعلى، ترفض المستثمرات من خلاله عدم تفعيل قرار مجلس الوزراء رقم 120 على رغم مرور ثلاثة أعوام على صدوره". واعتبرت الجريسي المتحدثة باسم سيدات الأعمال أن وقوف عدد من الجهات الحكومية في وجه الاستثمارات النسائية في العديد من الأنشطة يعد محبطاً، وهناك العديد من الصعوبات والمعوقات التي تواجه سيدات الأعمال في إصدار التراخيص لبعض الأنشطة مثل صالونات التجميل والمقاهي والمطاعم والنوادي الصحية النسائية ومراكز الخدمات الخاصة بالسيدات وغيرها، و"أملنا كبير بألا يتم تجاهلنا، نشعر أن هناك تحركاً واحتواء من صانعي السياسة من السلطات العليا، لكن اشكاليتنا في السلطات التنفيذية، فالبعض لايرضى بالتواصل معنا أو الرد على تساؤلاتنا عن بطء تنفيذ القرارات، والبعض الآخر يفتتح أقساماً نسائية موظفاتها غير مؤهلات أو من دون صلاحيات". وترى الجريسي أن سيدات الأعمال حريصات على تطبيق كل الأنظمة والشروط الخاصة بتلك الأنشطة وإنهن يأملن بأن تطبق الجهات المعنية قرار مجلس الوزراء الهادف إلى تعزيز دور المرأة وتوسيع مجال عملها لتحسين مشاركتها في تنمية الاقتصاد الوطني، واستفاضت لافتة إلى أن"هناك قرارات تتخذها بعض الجهات تضر بمصالح المستثمرين والمستثمرات من دون مشاورتهم وعرض الآليات واللوائح"، مستشهدة بما حدث أخيراً في اللائحة الخاصة بالتدريب التي تعتبرها"مضرة بالاستثمار في مجال التدريب وغاب عنها الطرف الذي سيطبقها وهو نحن المستثمرين في التدريب خصوصاً النساء، إذ إن هذه الجهات تعتبر أن مشورة اثنين أو ثلاثة من رجال الأعمال كافية، وما يفترض هو وضع أي تعميم أو لائحة لفترة معينة لإتاحة فرص التشاور حوله وتلقي الملاحظات عليها والأفضل والأصح الالتقاء بالمعنيين باللائحة وإذا كانت لديهم شفافية ونيتهم الارتقاء باقتصاد الوطن ليجعلوا اللقاء مفتوحاً لمناقشة البنود"، وتختتم الجريسي تصريحها إلى"الحياة"، بقولها:"إذا تم تنفيذ قرار 120 بكل أمانة ووطنية ستحل مشكلات المرأة المستثمرة والمستهلكة وقضايا البطالة وغيرها لكون هذا القرار هو الأقوى في تاريخ المرأة السعودية" وشدد أستاذ علم الاجتماع في قسم الدراسات الاجتماعية بكلية الآداب - جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله الفوزان، على ضرورة"وجود قوانين تمنع تسلط الرجل على المرأة في السعودية وفتح آفاق الاستثمار أمامها وتعزيز قدراتها"، وقال:"نحتاج في السعودية لتمكين سيدات الأعمال وإعادة النظر في التشريعات وسن قوانين ووضع أجهزة خاصة بالمرأة تقدم لها التسهيلات أسوة بالرجال". جاء ذلك في النقاش الذي احتدم مع سيدات المجتمع والأعمال حول"الأثر الاجتماعي للاستثمار في المرأة والأسرة والمجتمع"، في ملتقى"آفاق الاستثمار للمرأة... أسلوب حياة"، الذي أقيم أخيراً في قاعة"نيارة للمؤتمرات"وارتفع فيه صوت التحذير من ابتزاز الوكيل الشرعي لسيدات الأعمال والمطالبة بقوانين وتشريعات تحمي المستثمرات. ولم تتوقف الحاضرات عن طرح الأسئلة لمدة يومين على التوالي، بعد أن كشفت فقرات الملتقى على حجم الفجوة المعلوماتية بين المرأة الباحثة عن الاستثمار الأمثل وغياب الاهتمام في استقطاب الرساميل المؤنثة السعودية، التي تنافست على جذبها مصارف وشركات مختصة في الاستثمار. وبغض النظر عن حجم هذه الرساميل التي قدرت ببليون ريال سعودي، إلا أن المناسبة لم تكن عادية ترتادها المرأة لتخرج منها خالية الوفاض، إذ كشفت فقرات الملتقى الذي قدر عدد حاضراته بألف مستفيدة، عن محاولات النساء السعوديات اقتحام مساحات أكبر لثقافة وأفق استثماري أرحب لمدخراتهن. وجاء النصيب الأكبر من الأسئلة منصباً حول الإخفاق الناتج من انهيارات سوق الأسهم وكيفية طرح أو وضع الثقة بالجهات التي تدير صناديق الاستثمار وعن القوانين والأنظمة التي تحد من تحرك السيدات، وكانت الإجابات على هذه الأسئلة من وجهة نظر بعض الحاضرات أقل من المأمول. وبالعودة إلى ما طرحه الدكتور عبدالله الفوزان، الذي كان متفاعلاً مع مجموعة من القضايا التي تمس حياة واستثمار السيدات، يلاحظ أنه انتقد كون الواقع الإداري والتشريعي في السعودية بحسب قوله:"صمم لتمكين الرجل لأننا نعيش في مجتمع ذكوري"، لافتاً إلى أن"الأنظمة والتشريعات والمؤسسات الحكومية عليها أن تساند المرأة"، مستشهداً بالجوازات ومتسائلاً عن مبررات منح التسهيلات في السفر لرجل الأعمال، فيما تربط المستثمرة مهما بلغت مكانتها وعمرها بالوكيل الشرعي، كما قال:"يمارس بعض الوكلاء الشرعيين ابتزازهم للسيدات وهذا ما وردني من شكاوى مستمرة تصل لمرحلة الابتزاز الكامل إلى درجة طلب الزواج منها ومساومتها وتعريض رأسمالها للخطر، وغيرها من الأساليب التي توحي بمعاناة السيدات"، مؤكداً أهمية تقديم الأجهزة الحكومية مثل الجوازات خدماتها للمرأة المواطنة بالامتيازات نفسها التي يحصل عليها الرجل، مبيناً أن القصور في كل جهاز يقاس عليه القصور في الأجهزة الأخرى مثل القضاء والإدارات الحكومية، منادياً بأهمية النهوض بالتثقيف للمجتمع وفئاته من المثقفين والمرأة ذاتها وان تقود عملية تمكينها لفتح المجالات أمامها وحل أزمتها مع المواصلات والسفر والتشريعات ومساواتها مع رجل الأعمال. الدولة أتاحت فرص التعليم ولفت الفوزان إلى أن الدولة أدركت أن توظيف المرأة وانخراطها في سوق العمل يبدأ من التعليم ففتحت أمامها فرص التعليم، إلا أن الخطوة الأساسية لتمكين الكفاءات تكمن في ضخها إلى سوق العمل، وهذا لايتسق مع الجهود المبذولة فمع وجود الإناث بمعدل لايتجاوز 300 ألف عاملة فقط أي ما نسبته 5 في المئة من جملة العاملين في السعودية -50 في المئة من هذه العمالة يحملن البكالوريوس فيما لاتشكل نسبة الذكور الجامعيين سوى 16 في المئة بمعنى أنه توجد أفضلية للنساء في السوق من حيث الشهادة العلمية، وهنا كيف نستطيع تفسير عدم تجاوز إسهامات المرأة بما نسبته2.7 في سوق العمل؟"مستغرباً نسبة 5.5 التي تشكلها المرأة في سوق العمل، معتبراً هذا الرقم:"مصيبة حقيقية على رغم ما يبذل من جهود في التعليم وكون إجمالي القوة العاملة من العمالة المؤنثة غير السعودية تقدر الوافدة منها ب 93 في المئة تشكل الفتاة والمرأة السعودية منها مايقدر ب 7 في المئة من حجم المشاركة الفعلية التي تعتبر متدنية جداً"، وأضاف لافتاً أن المرأة دخلت كمستثمرة وأصبح وجودها و"استثمارها يضغط في اتجاه مشاركتها الفاعلة ومن هنا ينطلق التمكين الذي يأتي كاستجابة منطقية من المجتمع والسياسيين وصناع القرار وتتبقى لدينا إشكالية التشريعات والقضاء وعمل السيدات في سلك المحاماة، وبذلك تفرض المرأة على المجتمع أنماطاً حياتية جديدة". وفي رده على مداخلة للدكتورة لطيفة السلوم التي أثارت استياء الحاضرات من كون الدكتور الفوزان بالغ في إظهار المرأة مهضومة الحقوق بقولها:" أتيح الكثير للمرأة وهي لم تهتم ولم تتفاعل"، رد الدكتور محتجاً وموضحاً أن"على أصحاب الضمائر من الرجال الضغط على صانع القرار لتمكينها وكلما تعلمت وأدركت حقوقها ووعتها فأنا متأكد أنها ستفرض نفسها، لدينا معوقات كثيرة جداً في طريق المرأة وهي مربوطة في شكل مباشر مع من يكفلها ومحرومة من أي مزايا تقدم لرجل الأعمال ومشكلتها الكبرى مع النقل والمواصلات لاينكرها أحد، فضلاً عن المعوقات القانونية والقضائية، إلى جانب ضعف الخبرة والمعرفة وعدم تنمية النساء وقلة برامج التدريب وإعادة التأهيل والاستمرار في التطوير وضعف القدرة على الاستفادة من التقنيات الحديثة". مديرة مركز الأريبة النسائي هدى الجريسي تداخلت لتوضح أنها تدير مركزها للتدريب على الحاسوب واللغة الانكليزية، ومنذ 15 عاماً وهي ناشطة في القطاع الخاص ومتابعة كل ما يستجد في واقع المرأة المستثمرة، قالت:"لابد من وجود هيئة عليا، مرجعيتها المجلس الاقتصادي الأعلى، تكون نسائية برئاسة امرأة وأعضاؤها نساء ورجال أيضاً يتحاورون عبر الشبكة، وتكون للمرأة سلطات وقدرة على اتخاذ القرار ومتابعة القرارات التي تصدرها المقامات السامية"،"مهم جداً أن يكون للمرأة الأحقية في المساهمة في صياغة القرارات المتعلقة بها في جميع المستويات ومتابعة تنفيذها ووضع الخطط وآليات العمل". رشوة واسطة... وسلاطة لسان لولوة السعيدان مستثمرة في سوق العقار، تداخلت لتوضح حجم معاناة السيدات من ثقافة المجتمع، وتسألت عن الحكمة من ترديد أننا ضحايا لهذه الثقافة، وقالت:"لماذا لايوجد لدينا مشروع لتغيير ثقافة المجتمع، الدولة منذ أعوام كرست مشروعاً لتحسين نظرة المجتمع للمعلم ونجني ثماره الآن"، واسترسلت لافتة إلى أن "كل شىء متاح للمرأة"هي جملة سمعناها كثيراً، ونعترف بأنه في النصوص مكتوب ويعد متاحاً لكنه معقد ومضن جداً في الواقع، وحتى نذهب لأي قطاع حكومي والمحكمة مثال لبيع أو شراء عقار فإنني ملزمة كأنثى بإحضار شاهدين من الرجال للشهادة والتعريف بأنني فلانة، وأضيف لهما أربعة يؤكدون أن هؤلاء الشهود شهود عدل، وفعلاً من المعارف، فهل يوجد 6 رجال يذهبون مع أي سيدة للمحكمة؟! توجد صعوبة في حصولي على حقوقي القانونية والكثير من السيدات يشتكين لي، حتى شاع بين النساء أن الحلول تكمن في تحريك الواسطة أو دفع الرشوة أو أن تكون المرأة سليطة اللسان". ارتفاع الطلب على "الملتقيات الاقتصادية" ذكرت المديرة العامة للجهة المنظمة للملتقى وهي"مركز قيمة مضافة"، للاستشارات الاقتصادية عزيزة الخطيب ل?"الحياة"، أن أربع شركات استثمار في السوق تم التعريف بها وبخدماتها وبالفروق بينها وبين المصارف، مشيدة بالخدمات المتخصصة التي تقدمها هذه الشركات. واعتبرت أنها"أكثر تخصصاً من البنوك ومستوى الاحترافية لديها أكبر لكونها مختصة في قيادة الاستثمار، وتطرح المنتجات في شكل أسرع لمواكبة المستجدات في السوق"، وأفادت بأنه من المتوقع خلال الأسبوعين المقبلين طرح صناديق استثمارية جديدة ودور هذه الشركات التي صرحت لها هيئة السوق المالية تقديم خدماتها، وننتظر التفاعل معها بما يخدم سيدات الأعمال". وحول الملتقى الذي لم يكن تقليدياً وتخللته فقرات تجتمع فيها الحاضرات مع ممثل لأحد القطاعات الخاصة يشرح من خلالها ما يستشكل على الباحثات عن مصادرالاستثمار أو مزيد من التثقيف حول مزايا وإمكانات لا تعلم عنها السيدات، نتيجة الفقر في قاعدة البيانات والمعلومات، قالت إنه تم تخصيص50 دقيقة حوار لكل جلسة، جمعت السيدات مع جهات مهمة مثل الهيئة العامة للاستثمار ومجلس الغرف التجارية الصناعية ووزارة التجارة وشركات الاستثمار. الخطيب لفتت أيضاً إلى أن وفوداً مهتمة حضرت من دول الخليج ومن خارج العاصمة الرياض:"كنا نحتاج ملتقى لشرح الأدوار المنوطة بكل جهة، والسيدات متحمسات للفهم، واتجاهات الحاضرات كانت غالبيتها إلى المشاريع الصغيرة، ودور شركات الاستثمار، والهدف هو ردم فجوة الثقافة الاقتصادية التي تعاني منها السعوديات البعيدات عن المعرفة الاقتصادية في ظل غياب قنوات تعرفهن بالأنظمة وآليات عمل الجهات المختصة". وعن الوفد الاسترالي الذي زار الملتقى، ذكرت أنهن من السيدات الاستراليات العاملات في مجال الاستشارات الاقتصادية، وهن نحو 12 سيدة لفت انتباههن حس التطوع من الشابات الجامعيات اللاتي شاركن في تنظيم الملتقى، مفيدة بأن عرض ما ورد من معلومات في الملتقى ونظراً إلى كثافة الطلب سيكون متاحاً على الموقع الالكتروني لموقع قيمة مضافة، إلى جانب أن طلبات لإعادة عرض الملتقى في مدن أخرى من مناطق السعودية أشارت إلى حجم نجاح الملتقى وحاجة سيدات الأعمال إلى تكثيف مثل هذه الملتقيات الاقتصادية التثقيفية".