الرياضة في عصرنا الحاضر هي الأشد تأثيراً بين مؤسسات المجتمع المختلفة... والرياضيون أنفسهم هم الأكثر قدوة بين الشباب والصغار، والأقدر على الوصول إلى قلوبهم وأرواحهم بسرعة. لذا لابد من أن نضمّن رياضتنا مناهج تربوية إصلاحية عدة، ولابد من أن نضخ في الجسد الرياضي شرايين تحفظ لهذا الكيان تألقه وتأثيره. ولنا في الرياضة الغربية خير قدوة، من خلال حرص الفريقين على السلام على بعضها قبل المباراة وبعدها، سواء كان هناك فوز أم خسارة. ونرى كيف أن الجماهير ترد التحية بأحسن منها حتى ولو كان فريقها مهزوماً، الروح الرياضية هي الروح التي لابد من أن تنبض في أجساد الرياضيين. معروف أن المباريات يتخللها بعض الشد والعنف، ولكن كل ذلك داخل المستطيل فقط، أما عند انتهاء المباراة فيسكت كل شيء ويتوارى وتتقدم المثل والأخلاق العليا. تبادل الفانلات بين اللاعبين نقرأ في طياته روح التسامح والبذل والسلام على المدربين والإداريين معناه أن لكل مجتهد نصيب، وان كل شيء ينتهي ويبقى الإنسان وهل هناك أهم من الإنسان؟ ويحرص"الفيفا"دائماً على تجديد لوائحه رغبة في اللعب النظيف ونبذ العنف والتعصب، بل والحد من الهتافات العنصرية التي تطاول بعض اللاعبين وتوقيع اشد العقوبات على من يفعل ذلك. وداخل المستطيل الأخضر، هناك أخلاق لابد من أن تتجسد. فالكرة تخرج لإسعاف لاعب، واللعب يتوقف لإنقاذ لاعب، والهجمة تقتل لأجل ألا يصيب الضرر لاعباً ما، وما إن تلعب الكرة حتى ترد الهدية بهدية أحسن منها، وتسلم الكرة للخصم وتقول له تستحق أن يعاد لك كل شيء. وكثيراً ما وجدنا المدربين وروساء الأندية يغضبون لأي تصرف غير أخلاقي من اللاعب بل ويوقعون اشد العقوبات عليه. رياضتنا بحاجة إلى ميثاق أخلاقي يجعلها تسمو أكثر، ونحن المسلمين أبناء أمه الأخلاق والمثل. الرياضة ليست فوزاً أو خسارة بل التزاماً وهذا الالتزام هو من يجعلنا ندخل قلوب الكل ونحصد كل التفوق والإبداع. في مباراة الهلال والاتفاق الأخيرة، كانت هناك فرصة حضارية لتخبر أن حال رياضتنا بخير، لكن للأسف تجاوزنا كل الأخلاق والأعراف واكتفينا بالبحث عن هدف وثلاث نقاط، صحيح أن الاتفاقيين تأهلوا للنهائي، لكنهم في الحقيقة هبطوا للدرجة الأولى في أعين الكثيرين، بسبب تعاملهم مع الموقف إذ انهم لم يكتفوا بالفوز فقط، بل أصروا على الرقص والاحتفال داخل الملعب ولاعب الهلال المفرج بين الحياة والموت، هنا لاحت في الأفق علامات استفهام وكلها تدور في فلك.. هل رياضتنا بخير؟ حال رياضتنا الآن تجعلنا نخاف على صغارنا منها، فكل يوم هناك أحداث لا أخلاقية تجعلنا نفكر ألف مرة قبل أن نسمح لهم بدخول غمارها وجنباتها.