دعا اقتصاديون سعوديون إلى قياس مردود الدعم الكبير الذي تقدمه الدولة للاستثمار في العنصر البشري، من خلال تخصيص نفقات التهمت ربع موازنة العام المقبل البالغة 450 بليون ريال، وذلك في ظل استمرار البطالة بين شريحة الشباب، وارتفاع وتيرة الاستقدام. وخصصت الموازنة 105 بلايين ريال نفقات لدعم قطاعات التعليم العام والتعليم العالي وتدريب القوى العاملة، إلى جانب مبلغ 9 بلايين ريال تكاليف مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم تطوير، الذي يجري العمل حالياً على تأهيل الشركات الاستشارية التي تشرف عليه. وقال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد إحسان بو حليقة ل"الحياة"، إن الإنفاق على الاستثمار في العنصر البشري أمر ايجابي في بلد نامٍ يشكّل الشباب الشريحة الأكبر بين سكانه، غير أنه طالب المسؤولين في بلاده بقياس مردود هذا الإنفاق من خلال عدد الوظائف المتوافرة ومعدل البطالة. وتساءل بو حليقة عن الفائدة من هذا الإنفاق الضخم في حين أن"هناك جزءاً مهماً من الشباب السعودي يبقون عاطلين، في ظل تصاعد وتيرة الاستقدام بشكل مستمر، إذ ستحقق أرقاماً قياسية مقارنة بالأعوام السابقة". وتوقع بو حليقة أن يسجل العام 2007 رقماً قياسياً في أعداد الأجانب في السعودية، في ضوء زيادة الاستقدام هذا العام عن العام الماضي، مشيراً إلى أن هذه الأرقام تعكس الواقع الحالي لسوق العمل التي تعد سوقاً مفتوحة، في حين يطالب الجميع بتوظيف العاطلين، بحيث تكون أولوية التوظيف في القطاع الخاص للسعوديين. من جانبه، قال الخبير الاقتصادي عبدالوهاب أبو داهش، إن الاقتصاد المحلي غير قادر على استيعاب النفقات الكبيرة، مشيراً إلى أن الدولة أمام تحديات خلق وظائف والسيطرة على التضخم. ودعا أبو داهش إلى ألا يزيد الهامش بين الإنفاق الفعلي والتقديري على 10 في المئة، لافتاً إلى أن ارتفاع هذا الهامش سيؤدي إلى ارتفاع التضخم، وعدم القدرة على استيعاب الشباب السعودي من خلال عمليات التوظيف. وكان وزير المال الدكتور إبراهيم العساف أوضح أن موازنة العام المالي 2008 ارتكزت على ثلاثة ملامح هي الاستثمار في العنصر البشري، والبنية الأساسية للاقتصاد بما يعزز النمو، وبناء احتياطيات الدولة لخفض الدين العام، وبذلك تكون الدولة مستمرة على النهج نفسه الذي اتبعته خلال الأعوام الثلاثة الماضية في موازناتها. وأكد العساف أن الاستثمار في العنصر البشري يكون من خلال العمل على تطوير البرامج الرئيسية المتعلقة بالتعليم والتدريب، وإنشاء مباني جامعات جديدة، وإنشاء أكثر من 2000 مدرسة، في الوقت الذي تنفّذ فيه أكثر من 4500 مدرسة، وكذلك بالنسبة إلى الكليات التقنية والتعليم الفني، إلى جانب الكليات الأخرى. وتشير تقديرات غير حكومية إلى أن معدل البطالة في السعودية يعتبر عالياً بالنظر إلى إمكاناتها الاقتصادية الكبيرة، وتقدر إحصاءات حكومية العاطلين بنحو نصف مليون، فيما تجاوز عدد العمال الأجانب في البلاد 7 ملايين عامل، فيما سجلت أرقام الاستقدام ارتفاعاً عن العام الماضي. وبلغت البطالة للسعوديين الذكور داخل قوة العمل من 15 سنة فأكثر 8.3 في المئة في عام 1428 ه، في حين بلغ معدل البطالة للإناث السعوديات 24.7 في المئة، ويبلغ عدد العاطلين السعوديين 445198 فرداً، غالبيتهم يتركزون في الفئة العمرية 24-20 سنة، وذلك بنسبة 44.5 في المئة للذكور، أما في ما يخص الإناث فتمثل الفئة 25?29 سنة الفئة الأعلى من حيث عدد المتعطلات، وذلك بنسبة 44.2 في المئة من جملة المتعطلات السعوديات. ومعظم العاطلين السعوديين من الحاصلين على الشهادة الثانوية أو ما يعادلها، وذلك بنسبة 34.4 في المئة، أما في ما يخص الإناث فإن الحاصلات على شهادة البكالوريوس أو الليسانس يمثلن أعلى نسبة من بين المتعطلات السعوديات، إذ بلغت 64.5 في المئة، تليهن الحاصلات على الشهادة الثانوية أو ما يعادلها بنسبة 21.4 في المئة.