وصف اقتصاديون سعوديون موازنة المملكة العام المقبل 2008، بأنها واعدة، وتركز على العنصر البشري وتأهيله بما يضمن استمرار عملية التنمية في جميع المجالات. وشدد هؤلاء في تصريحات إلى"الحياة"على اهتمام الموازنة بتنويع مصادر دخلها وإيجاد منافذ خارجية لصادراتها من البتروكيماويات وغيرها من المنتجات، واعتبروها خطوه ايجابية، مشيرين إلى أن أرقام الموازنة تُظهر توجّه الحكومة لدعم المشاريع التنموية في كل المجالات، إضافة إلى استكمال خطط التنمية الاقتصادية. ووصفت سيدة الأعمال وداد بن سعيد الموازنة بأنها تمثل نقلة تاريخية للبلاد بعد أن حققت أرقاماً قياسية وإنجازات على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وأنها تحمل في طياتها إشارات قوية تؤكد اهتمام القيادة بالتنمية في كل مجالاته. وأضافت ان أرقام الموازنة تظهر توجّه الحكومة إلى دعم المشاريع التنموية في كل المجالات، إضافة إلى استكمال خطط التنمية الاقتصادية، مشيرة إلى ما أتاحته من فرص أكيدة أمام الوزارات والمؤسسات الحكومية لتنفيذ ما تطمح إليه من برامج ومشاريع متنوعة. من جانبه، قال الكاتب الاقتصادي فهد محمد بن جمعة، إن موازنة 2008، تمثل مؤشراً ايجابياً يعطي الاقتصاد السعودي دفعة قوية في ظل ارتفاع أسعار النفط فيما فوق 90 دولاراً للبرميل وقدرة السعودية على جذب الاستثمارات الأجنبية، إذ حصلت على المركز ال 23 في العالم، نتيجة تحسن بيئتها الاستثمارية وانتعاش سوق الأسهم، في ظل هذا الانفتاح الاقتصادي العالمي الذي تجاوز مؤشره حاجز 10 آلاف نقطة، بعد التصحيح القوي الذي حدث في بداية عام 2006. وأضاف أن سياسة تركيز السعودية على تنويع مصادر دخلها وإيجاد منافذ خارجية لصادراتها من البتروكيماويات وغيرها من المنتجات خطوة ايجابية أخرى تحسب لها اقتصادياً. إننا فعلاً نلاحظ في هذه الموازنة تحول الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية من طورها النظري إلى ترجمة حقيقية على أرض الواقع واستمرارها في دعم البرامج الاجتماعية وتنويع القاعدة الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية ذات الجنسيات المتعددة من اجل تحقيق المزيد من الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة. وأوضح أن توجّه الدولة إلى دعم الاقتصاد السعودي جعلها تقوم بزيادة الإنفاق لاستكمال مشاريع البنية التحتية من دون أن يكون له تأثير كبير في مستوى الأسعار العام، مشيراً إلى أن الدولة تحاول أن توازن بين معدل التضخم ومعدل نمو إجمالي الناتج المحلي المتوقع له أن يبلغ 3.1 في المئة هذا العام، وهي سياسة مالية حكيمة. وأشار إلى أن جزءاً من فائض الموازنة سيستخدم في سداد جزء من الدين العام ليتقلص من 318 بليون ريال إلى 267 بليوناً، ما يخلق سيولة في السوق تساعد القطاع الخاص على زيادة مساهمته في إجمالي الناتج المحلي المتوقع لها أن تبلغ 46.1 في المئة هذا العام، على أن تستثمر الحكومة الباقي في توفير الخدمات الضرورية التي تمس حاجات المواطنين. وأوضح أن توزيع الموازنة العامة بين القطاعات الاقتصادية والخدمية كلاً بحسب أهميته سيؤدي إلى مضاعفة العائد الاقتصادي وزيادة الاستثمارات في قطاع الخدمات الضرورية التي تشكل أهم قاعدة استثمارية، التي لم يتمكن القطاع الخاص من توسيعها حتى الآن. وقال جمعة إن الموازنة التاريخية ستحفز على جذب الاستثمارات بجميع أنواعها، فهي ذات أهداف استراتيجية، وسيلمس الواقع الاقتصادي السعودي مكاسبها بعد أن ركزت بشكل مقصود على تنمية قطاع التعليم العالي والتدريب من أجل تلبية حاجات الطلب على سوق العمل من الأيدي العاملة الماهرة التي تتلاءم مع التقدم العلمي والتكنولوجي في ظل ذلك الانفتاح التجاري العالمي الذي تشتد فيه المنافسة بين الأسواق. وأوضح أنه على رغم انخفاض قيمة الدولار أمام العملات الأخرى فإن الإيرادات النفطية السعودية لم تتأثر لارتباط سعر صرف الريال بالدولار، ليتم تسوية الأثر السلبي الناتج من المبادلات التجارية بين السعودية والدول الأوروبية، التي تضخمت أسعار عملاتها في مقابل الدولار من خلال الزيادة المرتفعة لأسعار النفط. وأشار إلى أن حرص الدولة اليوم على استثمار ذلك الفائض في البنية التحتية من توسيع شبكة الطرق وما يرافقها من خدمات ضرورية سيحفز القطاع الخاص على مواصلة مشواره الاستثماري وزيادة مشاركته في إجمالي الناتج المحلي، حتى يبقى الاقتصاد السعودي قوياً ومتماسكاً حتى لو تراجع الطلب العالمي على النفط وهو غير متوقع لا في المدى القريب ولا المتوسط ليكون دخل الدولة على الأقل ثابتاً. وأضاف أن الدولة اتخذت قرارات حذرة نابعة من حاجات الاقتصاد المحلية لزيادة الاستثمارات المباشرة، التي تدعم القطاعات الأساسية في الاقتصاد، وتستقطب المستثمرين المحليين والأجانب على السواء من خلال زيادة حجم إنفاقها في هذه الموازنة عن سابقتها لتنشيط الاقتصاد وتعزيز نموه وإكمال بعض المشاريع التي رصدت لها مبالغ في الموازنة السابقة ولم يتم تنفيذها. وأكد أنه لا يمكن تجاهل الترابط بين توسيع دائرة الإنفاق وسرعة تنفيذ عمليات الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم على ترتيب الأولويات وفق جدول زمني دقيق يؤدي إلى دفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام، وتحقيق معدلات نمو حقيقية تتجاوز معدل النمو السكاني، وتحافظ على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. وشدد على أن دعم المشاريع التنموية والاقتصادية سيقود إلى نتائج إيجابية في المديين القصير والطويل، ولكن الحنكة الاقتصادية كيف تستطيع الدولة تكوين اقتصاد متين يعتمد على مصادر دخل متنوعة بعيدة عن مصدر النفط؟ وكيف تقطف ثمار عمليات التخصيص التي تمارسها حالياً وإنجازها في أسرع فرصة ممكنة حتى يتسنى للاقتصاد الاستفادة منها؟ لذا وضعت الدولة السياسات التي تهدف إلى خفض الدين العام، وزيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية مع الأخذ في الاعتبار الوضع الاقتصادي والنتائج المترتبة على تلك السياسات في ظل النمو السكاني المتسارع وضيق سوق العمل السعودية. من ناحيته، قال الكاتب والمستشار الاقتصادي الدكتور خالد الخضر، إن السعودية تحقق منذ عام 2003 فائضاً، بسبب استمرار ارتفاع أسعار البترول وقيمة الصادرات السلعية والخدمية، وقد حققت موازنة عام 2007 إيرادات بقيمة 621 بليون ريال بزيادة 221 بليوناً عن المقدر. وأوضح، أن فائض الموازنة توزع بواقع 25 بليوناً لصندوق التنمية العقارية، و 100بليون لحساب احتياطي الدولة، والباقي حوالى 96 بليوناً لسداد الدين العام، وحسناً فعلت الدولة عندما قامت بهذا التوجه، فهذه المفاصل الثلاثة هي من أهم ركائز بناء الاقتصاديات المستدامة، لأن صندوق التنمية العقارية هو احد المفاصل التي تمس شريحة كبيرة من المواطنين وإطفاء الدين العام إلى 267 بليوناً تمثل 19 في المئة من الناتج الإجمالي، يمثل أحد أهم العوامل لاستقرار اقتصاديات الدول. وعن موازنة 2008 قال الخضر إنها اعتمدت على أربعة محاور أساسية أهمها تخصيص 25 في المئة منها للاستثمار في العنصر البشري من خلال تخصيص 105 بلايين ريال، وجهت للتعليم والتدريب، وهو من أهم الركائز التي تُبنى عليها تقدم ورقي الأمم، كما لم تغفل أهم المفاصل التي تمس الشريحة الكبيرة من المواطنين، خصوصاً في القطاع الصحي، إذ خُصص له 44 بليون ريال، والنقل والاتصالات 16 بليوناً. ومن أهم ملامح تلك الموازنة أنها خصصت لبرامج العلوم والتقنية وكذلك الدراسات البحثية 8 بلايين ريال، وأن الموازنة بشكل عام ركزت على ثلاثة محاور أساسية أهمها الاستثمار في العنصر البشري، والبنية التحتية، والاحتياطي العام. من جانبه، قال مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سليمان أبا الخيل، إن هذه الموازنة تعتبر الأعلى في تاريخ المملكة، ما يدل على أن بلادنا مقبلة على مرحلة كبيرة من التطور والنماء والرخاء. وأوضح، أن الموازنة تؤكد ثبات الاقتصاد السعودي، وقدرته على مجاراة أقوى الأنظمة الاقتصادية، ووفائه بمتطلبات الوطن والمواطن في جميع المجالات التعليمية والصحية، والخدماتية والاجتماعية، واستمراره في دعم المشاريع التنموية القائمة والجديدة.وأشار إلى تأكيد خادم الحرمين الشريفين لجميع المسؤولين ضرورة متابعة تنفيذ الموازنة لتحقيق أرقى وأعلى المستويات في الخدمات المقدمة للمواطنين، التي من خلالها ينعمون بكل رفاهية وراحة، ولذلك نجد أن البنود المخصصة في الموازنة لهذا الأمر قد زادت واستمرت بنسبة ظاهرة تبشر بالخير. وأوضح، أن التعلم والتعليم بما له من أهمية بالغة ظل الهاجس الأول لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده، لذا قدما كل الدعم والمساندة والمتابعة للتعليم العام او العالي.