لا يبدو أن اليوم العالمي لوباء"نقص المناعة المكتسبة""إيدز" يحمل الكثير من الأنباء السارة للمصابين به، ولا للمهتمين بمكافحته أيضاً. فعلى عكس التفاؤل الذي أثارته أرقام نشرتها الأممالمتحدة الأسبوع الماضي عن انحسار هذا الوباء، أشار تقرير مشترك صدر عن هيئتين دوليتين معنيتين ب"الإيدز"الى وجود مُخادعة في تلك الأرقام! وقدّم بيان مشترك ل"منظمة الصحة العالمية"و"برنامج الأممالمتحدة عن الايدز"قراءة مختلفة وأكثر تشاؤماً لتلك الأرقام التي أشارت الى تراجع في انتشار الوباء الفتاك. وأوضح البيان الذي نشر على موقع"الجمعية الأميركية لتقدّم العلوم"أمس، أن معظم"الانخفاض"في تلك الأرقام لم يأت من تراجع فعلي في موجة الوباء، وإنما نتج من حقيقة كون الأرقام التي أُعطيت في سنوات سابقة مبالغاً فيها! وعندما راجعت المنظمتان الأرقام المعتمدة دولياً، مع استخدام أساليب إحصائية أكثر تقدماً وباستعمال أدوات متطورة في تقصي انتشار الفيروس، تبيّن أن التفاؤل بانحسار وباء الإيدز لا يوجد ما يبرّره فعلياً. ففي الاسبوع الماضي، أورد تقرير متفائل ل"منظمة الصحة العالمية"و"برنامج الأممالمتحدة عن الايدز"أن عدد المُصابين عالمياً بفيروس"اتش أي في"المُسبّب ل"الإيدز"، انخفض من 39.5 مليون الى 33.2 مليون، بتراجع نسبته 16 بالمئة عن العام الماضي. وأعلن التقرير أن عد المُصابين الجُدّد انحسر من 4.3 مليون إلى 2.5 مليون سنوياً. وسرعان ما تراجع اختصاصيو الأوبئة في الهيئتين الدوليتين عن تلك الرؤية المتفائلة. وأشاروا الى أن استعمال مفاهيم أكثر تطوراً في فهم آليات انتشار فيروس"اتش أي في"ومرض الإيدز بما في ذلك التدقيق في تعريف الإصابة والمرض بالنسبة الى ذلك الفيروس، إضافة الى استعمال وسائل إحصائية أكثر نضجاً، أديا الى تبديد التراجع المفترض في تلك الأرقام، التي أثارت الكثير من التفاؤل حولها. وشدّد بول دو لاي، وهو اختصاصي في الأوبئة يعمل لدى الأممالمتحدة، على أن الهيئتين لم تتعمدا تضخيم أرقامهما المتفائلة، وأيّده في ذلك الأميركي تيم براون، من مركز"هونولولو"لبحوث الايدز. وعلّق البروفسور بيتر بايو، المسؤول عن"برنامج الأممالمتحدة للإيدز"على التغيير في الأرقام، معتبراً أنها نجمت عن استعمال وسائل إحصائية تُركّز على تقصي انتشار الإصابات في بؤر الفيروس المختلفة. وأشار بايو إلى أن الدرس المستخلص من هذا الإحباط هو ضرورة التركيز على التفاصيل المحلية لموجة الوباء، بدلاً من إعارة الاهتمام للأرقام العامة عن انتشاره. وشدّد على أن الإيدز يشهد ارتفاعاً ملحوظاً في آسيا الوسطى والشرقية، خصوصاً في دول مثل روسيا وأوكرانيا وفيتنام واندونيسيا. وفي هذا السياق، أُشير أيضاً إلى أن الأرقام المنسوبة الى كثير من الدول، وضمنها البلدان العربية، تُعاني سوء التقدير أيضاً. وتضم البلدان العربية380 ألف مصاب بفيروس الإيدز، وتبلغ الإصابات الجديدة هذه السنة 35 ألفاً، فيما لا تتجاوز الوفيات الناجمة عن"مرض نقص المناعة المكتسبة"25 ألفاً، بحسب الأرقام المعلنة. يذكر أن مؤتمراً دولياً عن الإيدز، استضافته الولاياتالمتحدة قبل أسابيع، أثار تشاؤماً شديداً بقُرب التوصل الى لقاح يقي من الفيروس، مُشيراً الى أن الجهود العلمية في صنع اللقاح المرجو ذهبت هباء لأنها سارت في درب أثبت عدم جدواه. وفي سياق التشاؤم ذاته، أشار بيان حديث صدر من"برنامج الغذاء العالمي"إلى أن"الجوع الخفي"، أي تناول أكل لا يحتوي على الفيتامينات والمعادن والمواد الأساسية التي تدعم جهاز المناعة، يضرب بليوني شخص عالمياً، ويجعلهم أكثر عرضة للإصابة بفيروس"الإيدز".